أرض الكوابيس

السبت 2022/01/01
تخطيط: حسين جمعان

الصورة الوحشية للرئيس

يطيرني الهواء إليكِ

أسبح في سماء مليئة بالدخان

ضاعت زرقتها

نسيت فيها لون عينيكِ

يطيرني الهواء إليكِ

أنا الخفيف كالريش

والخفي كأثر القبل الخجولة

على خدود العذارى

هل تذكرين كيف كنا محاصرين

نتلوى بين قبضة الجوع والحرمان

ولكننا لا نزال محاصرين سيدتي

كنا صغارًا نلوك الزجاج

المعجون بالخبز الشحيح

ونشرب الماء مرًا ونجري في الأزقة

مثلما تشق الأنهار طريقها الأول

نحطم الصخور ووعورة الطرقات

لنمسك بقطع من الحلوى الرديئة

تقبضها أيادينا الخشنة

فتسيل مثل الدموع

على وجه الطفولة المنسية

هل تذكرين

كيف كان أهلنا يخافون

من أن تخدش أيادينا الخشنة

صورة الرئيس الوحشية المسمّرة

في كتب الدراسة الأولى

وعند رؤيتنا تلك الصورة

تعلمنا الخوف في أول صفحات العمر

وعرفنا كيف نقبع تحت أغطيتنا

نغمض أعيننا وننام في ظلام أبدي

لا نزال نخاف سيدتي

من أن نفزز ذلك الوحش

المتواري في الصور المعلقة

على ركام الجسور والمباني

ذلك الاسم الثقيل المكتوم في صدورنا

مثل تعويذةٍ قديمة أو كبسملة

كتبت على الوجوه المسحونة بالحزن

بسملة نرددها بطريقة لا نهائية

نظل ضائعين بها

و تبقى أبوابنا موصدةٌ بالخوف…

24-12-2020

………

غفوة

الليل الشتائي الطويل قد حان

آهٍ ما أشد المُكُوث فيه

وما أصعب إنتظار الصباح

ها أنا أنتظر منذ الأزل

طلوع الشمس من شعرك السكران

لتضيء بأشعتها فرودسيَّ المفقود

لكن الظلام الهابط كالوحش

يخفي الحب في بئر النسيان

ويطفئ برياحه المجنونة فوانيس الطرقات

حتى الأجوبة تفنى بالصمت القاتل

كأن العالم قد أخرسته أحابيل جفونك

وصارت نوافذه تتصيدُ إشراقك المشتهى

والعيون التي تذيب الهموم

ضاعت في غيهب من الشامات..

لقد ضاع وجهك عَنْوةً

ورحل مع كل النجوم إلى فضاءٍ قاتمٍ

شبيهٍ بسخام الحريق

الذي نشب بعد سنوات الاحتراق…

آهٍ على وجهك

الذي يستل رموشه مثل السيوف

ويقطع بها كل خيوط الاقتراب…

أيها الظلام لماذا تمنعني

من أن ألمس شعره السكران

ذلك الشعر المحني على جبينه

مثل قوس قزح، كنت أراه في الأحلام،

وبتُّ أبحث عنه طيلة الأعوام، ليته يمنحني

لمسة أو قبلة أو همسة في الظلام

تجعلني أغفو بقية العمر في عالم الألوان…

24-01-2021

……….

تحت سماء العفاريت

تخطيط: حسين جمعان
تخطيط: حسين جمعان

تنتابني نوبة بكاءٍ منذ الصغر

كلما أتذكر سقوط القنابل

على جدران الطفولة البريئة

حنين الطفولةِ يأخذني مثل جنديٍّ

يفر من معركةٍ خاسرة

ويهرب بذكرياته الجريحة

يسقط نحو هوةٍ مليئةٍ بالأيادي المعطوبة، والأرجل العرجاء

فيظل في هذا الحضيض، مضرجًا بالبكاء..

يعيش فيه مصلوباً

بأوتاد الضغينة والأحقاد..

ليبقى متسمرًا

مثل شاهدة قبرٍ مجهول

ينكره العالم أجمع

ويجهله الحب الذي مات من أجله..

الجنديّ يُدْفَنُ في أرضٍ

كانت تعانق الأمنيات..

أيتها الأرض لقد نزفتُ وبكيتُ عليكِ

حتى نَبتَ الحزن وصار ملحه متكدسًا

على قلبي المكلوم

على هذه الأرض، يزداد الوجع

والهموم تكبر، ويبقى الأنين صامتًا..

يعذب الجسد المتعب بآلام العالم الغزيرة..

إني أتذكر ذلك الحلم

الذي اِنفجرت فيه العربات المفخخة

وسال الدم في وضح النهار

على وجه الأرض التعسة

من حينها صارت الأرض

مثل وجه أُمٍّ مفجوعة

بهذا المصير الأبدي..

حتى تدفق الدمَّ وتفجر

كعيون مليئة بالدموع..

وقلت في قرارة نفسي لقد فسد الحلم!

لكنني، استيقظت على شدو بلبل مذبوح،

وناي أخرس، بين شفتي عازف مقتول..

والأشلاء من حولي، والبيت قد تحطم، وصار ركامًا،

 والشوارع تثب فيها الجرذان، فوق الجثث..

والغربان تحوم، في سماء من دخانٍ أزرق..

في سماءٍ من العفاريت..

متى ينتهي هذا الكابوس

متى يحين موعد الصباح المفقود..

فَسَدت الحياة وعاث بها الموت

والكابوس الوحشي لا يزال يحاصرني..

لقد حاصرني الموت، في النوم وفي الصحو، كأني

المحارب الوحيد، في خندق الخيبات،

 يطاردني هذا العفريت الأزرق في كل البلاد، يحوم فوقي مثل الخفافيش..

أنا الراكض كالمجنون،

التائه في أرض الكابوس،

الخائف تحت سماء العفاريت

والمطاردُ في أرضِ الكهوف،

أركض في ظلامٍ دامسٍ، نحو موت محتوم.

14-02-2021

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.