الأُفعوانُ الحَجَري

مرثية بَرْعَتا التدمري لمحبوبته ريجينا سيرنادا شرقية
الخميس 2022/12/01

ما قبل القصيدة

من هو هذا المغامر الذي جاء من الشرق ليحرر امرأة في الغرب، ويسميها ريجينا، مستفزاً، ومتحدياً سطوة النظام العبودي لروما؟ من هو برعتا (باراتيس) التدمري ومن هي ريجينا السلتية، وقد قلَّبَ فلاح الأرض في بقايا حصن روماني في قلب الجزيرة البريطانية، وأخرج لنا الاسمين؟ كيف قيض لفتى لوحته شمس تدمر، أن يحيط بذراعه السمراء خصر فتاة سلتية ذات جديلة حمراء، ويهيم بها على التلال المشبَّعة بالخضرة في جوار سور هادريان، نزولاً إلى نهر تاين، حيث يجذف بالمراكب الصغيرة رجال سمر من نينوى عائدين بالأحمال من السفن، وهم يرددون بأصوات شجية ترانيم أشبه بصلوات غريبة. غريب أمر هؤلاء الرجال، أيضاً، بعضلاتهم القوية وسحنات وجوههم السمراء، وقد هجروا مراكبهم عند المياه الدافئة على شواطئ الفرات، والتحقوا بأساطيل سيبتيموس سيفيروس وصولاً إلى هذا الماء البارد في الشمال، ليكونوا عمالاً ومراكبية في ظلال سور روماني يتلوى كأفعوان حجري.

من هي ريجينا، ومن هو برعتا (باراتيس)؟ الآثاريون عثروا على اللوح الجنائزي للمرأة السلتية في حصن آرابيا الروماني، وعلى بعد أميال قليلة منه عثروا على قبر برعتا.

كل ما نعرفه عن هذا التدمري هو كل ما نعرفه عن ريجينا السلتية ضاء في سطر واحد نقشه العاشق المفجوع بخطه التدمري ولغته التدمرية على اللوح الجنائزي لفقيدته ليكون شاهدة قبر المرأة الصغيرة المحبوبة، يجعلنا نعرف أنه حررها من العبودية، وسماها ريجينا برت حري (ريجينا المحررة) لتغدو ملكة قلبه ومُحَرَّرَتَهُ من العبودية، ومن ثم فقيدته الكاسرة قلبه في الثلاثين. لم ينسَ، بطل هذه القصيدة، أن يضيف إلى ذلك الشاهد الحجري في سطر ذي حروف تدمرية متصلة هويته السورية.

سطر تدمري يتيم في حجر روماني أشعل مخيلتي، وله أدين، وتدين هذه القصيدة.

                                                                 ن ج

إشارة تتعلق بالاسم

أعطى برعتا (باراتيس) للفتاة، التي لا نعرف كم بذل من مدخراته ليحررها من العبودية، اسما ما هو باسم ولكنه صفة، فـ (ريجينا) باللاتينية تعني ملكة.

وعندما نعرف أن الاسم الذي يحمله برعتا نفسه يتألف من شطرين (بر) الابن و(عتا) هو اختصار اسم الربة (أترعتا)[1]، نظير أفروديت عند الإغريق، فضلا عن أنها ربة العدالة أيضاً، نعرف أن (ابن الربة) ليس اسماً ولكنه صفة لشخص تحولت إلى اسم. فبرعتا، إذن، هو ابن ربَّة الحبّ والعدالة السورية. هنا تلوحُ الدلالةُ الرمزيةُ من لقاء (برعتا وريجينا) في هذه القصة التي حدثت في غرب أوروبا قبل نحو 1800. فمن لا نعرف له اسما سوى أنه ابن الربَّة الأنثى القادم من الشرق، يردّ، باسم الحب والعدالة، الحريَّةَ للأُنثى التي استُعْبِدَتْ طفلةً، والاعتبارَ لإنسانيّتها التي هدرها الاستعبادُ الإمبراطوري، بالتسامي على العبودية، والثأر لها من المستعبدين الذين سلبوها اسمها، بمنحها اسماً يتوِّجها ملكةً، حتى وإن كانت مساحة مملكتها قلب شخص واحد.

لَوْلَا أَنَّكِ هُنَا،

لَوْلَا أَنَّنِي تَرَجَّلْتُ عَنْ هَذَا السُّوْرِ المُتَلَوِّيَ كأُفْعُوانٍ حَجَريٍّ [iii]

وردَدْتُ السّيْفَ إلى صاحِبِ السّيفِ،

هَلْ كَانَ يُمْكِنُ لِي أَنْ أَقِفَ فِي نَهَارٍ

لِيُنَادَى عَلَيَّ مِنْ أَحَدٍ،

لَوْلَا أَنَّكِ هُنَا،

لَوْلَا أَنَّ صَوْتَكِ رَدَّدَ اسْمِيَ فِي هَذَا الصَّقْعِ مِنَ الأَرْضِ.

الأَمواجُ حَمَلَتْ مَرْكَبي جِهَةَ الغربِ وصِرتُ في جَيْشِ قيصر[iv]

***

مَا بِي وهَذَا السُّور وهَؤُلاءِ الرُّماةِ المَهَرةِ[v] عَلَى السُّورِ، والضَّبابِ الهَائِمِ على المُنْحَدراتِ والأَشْجَارِ نُزُوْلاً إلى كَعْبِ النَّهرِ[vi] وتِلْكَ المَوْجَاتِ الصَّارِخَةِ المُتَكَسِّرةِ عَلَى حِجَارَةِ الأَبْرَاجِ وقد هَبَّتْ، وتَدَافَعَتْ عَلَى هَذِهِ الجِهَةِ مِنْ أَرضِ قَيْصَرَ، لِسِلْتِيِّينَ كالذُونِيِّيننَ بِرُؤُوسٍ حَلِيْقَةٍ، ووُجُوهٍ مُلَوَّنَةٍ بِصَبْغَاتِ الأَزْهَارِ!

أَحَقَّاً كانُوا بَرابِرةً[vii]؟

وعِنْدمَا كانُوا يُقْبِلُونَ بِصُدُورٍ مُفْعَمَةٍ بالصَّرخَاتِ،

ويَتَسَاقَطُونَ تَحْتَ السِّهَامِ،

عَلَى أَجْنَابٍ،

وُرَكَبٍ

وجِبَاهٍ ...؛

هَلْ كانُوا يَدْفَعُونَ ثَمَنَ الحُبِّ؟!

***

يَا لَهَذِهِ الأَرْضِ الأَبْعْدِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ؛

حَتَّى لَكَأَنَّ آلِهَتِي لَمْ تَعُدْ لَهَا عُيُونٌ لِتَرَانِي

***

أَطُوْفُ بِحِصَانِيَ السِّرْتِيِّ، الهَواءُ البَاِردُ يَلْفَحُ عُرْفَهُ الأَسِيْلَ،

الهَواءُ المُبلَّلُ بِدِمَاءِ المَوْشُومِيْن [viii] المُتَدَافِعِينَ يَصْفَعُ وَجْهِيَ،

وهَؤُلاءُ التَّدْمُرِيُّونَ الشُّجْعَانُ يُوَتِّرُونَ الأَقْواسَ فِي الحُصُونِ والأَبْرَاجِ، ويَمُوجُونَ عَلَى عَرَبَاتٍ تَحْمِلُ الدُّرُوعَ والحِرَابَ والرَّاياتِ.

فِي الاسْتِعْرَاضَاتِ، يَظْهَرُونَ بِحَوَاجِبِهُمُ السَّوْدَاءِ العَرِيْضَةِ، وَسِحْنَاتِهُمُ الَّتَي لوَّحَتْهَا شَمْسٌ بَعِيْدةُ.

في النَّهاراتِ واللَّيَالي، يَجُوزُونَ أَمْيَالاً بَعْدَ أَمْيَالٍ فِي عَمَاءِ الخُضْرَةِ تَحْتَ سَمَاوَاتٍ مُدْلَهِمَّةٍ وطائفةٍ عَلَى الرُّؤُوسِ؛ ليتربَّصُوا بِمَنْ هَبَّتْ بِهُمُ الغَابَاتُ وأَرْسَلَتْهُمُ الطَّبِيْعَةُ لِيُتَرْجِمُوا أَهْواءَها جَوْلاتٍ دَامِيَةً.

***

كَمْ عَبْدٍ مِنْ "سَامُوس"، ومُصَارِعٍ مِنْ "تُرَاقْيَا"، وقَاطِعِ حِجَارَةٍ مِنْ "تُوْسَكَانَا" هَلَكَ تَحْتَ الأَلْواحِ المَجْلُوبَةِ مِنَ المَقَالِعِ فِي شِتَاءَاتِ "إبركوم"، حَتَّى صَارَ لهادريان سًوْرٌ يَسْتَظِلُّ بِهِ صُحْبَةَ عَشِيْقِهِ التُّراقِيِّ![ix]

الُقْنْصُلُ الزَّائِرُ بِبَابِ خِيْمَتِهِ، وفِي جِوَارهِ جُنْدِيَّانِ مَقْدُونِيَّانِ يَحْرُسَانِ النَّسْرَ [x]، يطوفُ بعينيهِ الصّقْريَّتيَنِ على الكتائبِ المتأهّبة، لِيُمْكِنَهُ أَنْ يُبَاهِيَ الفَارِسَ بِالْفَارسِ، والعَضَلَةَ بالسَّيْفِ.

***

لوحة

أَنْتَ يَا مَنْ تَقِفُ لِتَقْرأَ كَلِمَاتِيَ المُرْتَجِفَةِ مِنَ البَرْدِ؛ هَلْ وصَلْتَ إِلى هُنَا، مِثْلِي، عِلَى مَرْكَبٍ مِنْ خَشَبِ الْأَرْزِ المَجْلُوبِ مِنْ جِبَالِ "نُوْمِيدْيَا [xi]، أم عَلَى طَوْفٍ أَلْقَتْ بِهِ سَفِيْنَةٌ قُرْبَ شاطئٍ فِي بَحْرِ الشَّمَالِ؟

لَسْتُ حَامِلَ بَيَارِقَ، ولَكِنَّنِي تَاجِرُ أَقْمِشَةٍ مِنَ الشَّرقْ.

وَلَئِنْ تَرَكْتُ سَيْفِيَ عِنْدَ النَّهْرِ،

فَلِيُبَارِكَ الْبَعْلُ[xii] خُطْوتِي إِلَى البَيْتِ،

ولِيَصْفَحَ عَنْ إِثْمِ يَدِيْ.

***

في العَاصِفَةِ، وَقَدْ جُزْنَا بَحْرَ الرُّومِ، صَلَّيْتُ لَكِ يَا عَشِيْرةُ[xiii]، وأَنْتِ رَبَّةُ هَذِهِ الأَمْوَاجِ،

لَكِ صَلَّيْتُ،

ولِلْبَعْلِ أَعْطَيْتُ أُمْنِيَتِي.

ولمَّا رَأَيْتُ اليَابِسَةَ، رَأَيْتُكِ تَغْسِلِيْنَ قَدَمَكِ قُرْبَ النَّهْرِ،

رَأَيْتُ الضَّوْءَ يَتَقَطَّرُ،

مِنْ كَاحِلِكْ،

وَرَجَوْت إِيلَ[xiv] فِي عَلْيَائِهِ، أَنْ يُبَارِكَ عَيْنِي الَّتي رَأَتْ.

***

المُحَارِبُونَ التُّراقِيُّونَ، ومَعَهُمْ نُوْتِيُّونَ مِنْ "نِيْنَوى [xv] يُحِيْطُونَ بِالقُنْصُلِ فِي قَواربِ النَّهْرِ،

الأَعْيُنُ عَلَى المَصَبِّ،

وفِي عَرْضِ البَحْرِ، تَنْتَظِرُ البَاخِرَةَ.

قَائِدُ الفَيْلَقِ يُلَوِّحُ لِلْمُسَافِرِ، ورِجَالُهُ القُرْطَاجِيُّونَ السُّمْرُ

المَعْتُوقُونَ مِنْ رَبِقَةِ القَيْدِ بِشَفَاعَةِ السَّيْفِ،

يَمْلَؤون الأُفُقَ بالصَّيْحَاتِ.

***

سيذهبُ الجميعُ إلى الصيد، وَأَبْقَى فِي جِوارِ نِسْوَةٍ نَزَعْنَ عَنْ أَبْدَانِ الأَطْفَالِ أَكْيَاسَ الْخَيْشِ، وشَطَفْنَ بِالرَّمَادِ والْكِتّانِ مُؤَخِّراتِهِمُ المُوْحَّلِةِ،

 إذْ ذَاكَ، سَوْفَ يَصِلُ نَخَّاسٌ صِقِلِّيٌّ وفِي صُحْبَتِهِ فِتْيَةٌ مُرْدٌ جُلِبُوا مِنْ "دِيْلُوس[xvi]،

في أعناقهم قلائد مطعمة بحجارة زرقاء تقي من العين، وبرفقتهم فتاة اتزرتْ بجلدِ الوحش.

كَيْفَ اصْطَدْتِ قَلْبيَ

لمُجَرَّد أَنّ عَيْنكِ الحَوراءَ رَمَتْ بُؤبؤَها في عَيْنِي!

***

لَوْلَا أَنَّكِ هُنَا،

لَوْلَا أَنَّكِ الزَّهْرةُ الَّتي تَفَتَّحَتْ فِي غَسَقٍ،

والْعِطْرُ الَّذِي سَرى فِي عَمَاءِ النَّهَارِ،

لَوْلَا أَنَّكِ السَّمَاءُ، والزَّوْرَقُ، والشَّاطِئ،

والْآن: عَتَبَةُ البَيْتِ،

والمِصْبَاحُ يُضَاءُ لي فِي اللَّيْلِ. 

لَوْلَا أَنَّكِ هُنَا،

لَوْلَا أَنَّكِ الزَّهْرَةُ الَّتِي تَفَتَّحَتْ فِي غَسَقٍ

والْعِطْرُ الَّذِي سَرى فِي الْغَبَشْ.

***

كيف ارتقيتُ السُّوْرَ ومَيَّزَنِي قِائِدُ المائةِ الأَيْبِيْرِيِّ بِمُسُوحِيَ [xvii] الَّتِي بَارَكَهَا البَعْلُ؟

صِرْتُ صَاحِبَ الْقَوْسِ والرَّامِيَ الَّذِي اصْطَادَ بالسَّهْمِ كَبِدَ الغَابَة.

نَفَّرْتُ بِسِهَامِيَ دَمَ السَّلْتِيِّ اليَافِعِ، كَمَا يَفْعَلُ سَهْمُ الصَّائِدِ بِدَمِ الطَّرِيْدَةِ.

وَهَا إِنَّنِي فِي اللَّيَالِيَ الهَوْجَاءِ، عِنْدَمَا يُضْرِمُ الحُرَّاسُ نِيْرَانَهُمْ، الرِّيْحُ تَسْخَرُ مِنِّي وتُسْمِعُنِي أَنِيْنَ المُحَارِبِ الَّذِي أَقْبَلَ عَلَى السَّهْمِ، وتُتَرْجِمُ لِأُذُنَيَّ المُتَجَمِّدَتَيْنِ كَلِمَاتِهِ الأَخِيْرةْ.

لأَجْلِ مَنْ أَقِفُ هُنَا بَيْنَ سُقَاةِ سُيُوفٍ ونَافِخِي كِيْرَانٍ فِي حَضْرَةِ بَطَالِمَةٍ سَكَنْدَرِيِّينَ يَتَفَلْسَفُوْنَ، وأَيْطُوْرِيِّينَ دِمَشْقِيِّينَ ويَبْرُودِيِّينَ [xviii] ساخرينَ وبونيقيين[xix] عَمَالقةً من سِرتا[xx] البعيدة؟

***

مَا مِنْ نَخْلَةٍ هُنَا،

وَلَا أَرْزَة،

ولا حَتَّى شَجَرَة زَيْتُونٍ تُضِيْءُ الرَّابِيَةْ!

***

وَكُنْتُ أَهْرُبُ مِنْ لَظَى الشَّمْسِ إِلَى ظِلِّ بَعْلِ شَامِيْنَ[xxi]

أَشْكُرُ سَائِقَ الغَمَامِ

لِأَنَّهُ سَكَبَ فِي التُّرابِ قَطْرَةَ المَطَرِ،

وقَطَّرَ العَسَلَ فِي كَبِدِ الحُقُولْ؛

وَأَنْشُدُ لِلْبَعْلِ تَرْنِيْمَتِي:

سَأَبْنِيْ لكَ بَيْتَاً لَمْ تَرَ السَّمَاءُ مِثْلَهُ؛

قَصْراً لَمْ يَسْكُنُهُ مَلِكٌ فِي الأَرْضِ، ولَا وَطَأَتْهُ قَدَمُ أَمِيرْ[xxii].

***

كَيْفَ لِي، أَنَا بَرْعَتا بِوَجْهِيَ المُلَوَّحِ بِشَمْسِ "تَدْمُرَ"، أَنْ أُمَدِّدَكِ فِي شِغَافِ الصَّمْتِ فِي غَيْبُوبةِ السَّرِيْرِ؛ كَيْفَ أَسْتَعِيْدَكِ مِنْ غَابَةِ الذِّئِبِ، أَنَا الطَّاِئفُ بِالْكِتَّانِ الدِّمَشْقِيِّ، وبِالْأَقْطَانِ، عَلَى بَلْدَاتٍ هَارِبَةٍ مِنْ صَخَبِ المُشَاةِ، وجَلَبَةِ السُّيُوفِ، وضَجِيْجِ أَسَاطِيْلِ النَّهْرِ؛

كَيْفَ أسْتَرِدُّكِ مِنْ صَمْتِ الغَابَةِ وتِيْهِ النَّهْرِ؛

كيْفَ لي؛

كيْفَ لي؛

لَوْ كُنْتُ اسْتَطَعْتُ؛ لَكُنْتِ تَرَنَّمْتِ مَعَيَ القَصِيْدَةَ الَّتِي حَمَلْتُهَا عَلَى رُخَامَةٍ وَرْدِيَّةٍ لمَّا تَرَكْتُ "تَدْمُرَ [xxiii] وَرُحْتُ "دِمَشْقَ"، وبَلَغْتُ "صُوْرَ[xxiv]،  مُغَلَّلَاً  بالسَّلاسِلِ، لِيَكُونَ لِيْ مَرْكَبٌ وشِراعٌ، وفي هياجِ المَراكِب ينزلُ طَيْفُ بعل من جبالِ الموج ويحلّ أغلالي ويُسْلِمُنِيْ لِرَبَّةَ البَحْرِ؛ لِتَكُونِيْ أَنْتِ المَرْأَةَ الَّتِي كَتَبَ لَهَا الشَّاعِرُ الهِيلِيْنِيسْتِيُّ  قَصِيْدَتَهُ السُّوريَّة[xxv]، وَأَكُونَ الضِّلْيِلَ[xxvi] البَاحِثَ عَنِ السُّهَا[xxvii] وسُهَيْل[xxviii]

***

وكان يمكنُ أنْ تكوني

لي

بالمِغْزَلِ والصُّوفِ

ويكون لي فِراشٌ في حُجْرَةٍ

وحَطَبٌ في جِوارِ مَوْقِدٍ.

حتَّى لو لمْ يُعْمِل سوتونيوس[xxix] سيفَ نيرون في عُنُقِ بوديكا[xxx]

ولم تَصِلِ المَراكِبُ بالبَنَّائينَ من الإسكندريةِ ليُخَطِّطوا الأَرضَ، ويَشطروا بالحِجارةِ السَّهْلَ والغابةَ،

كانَ يُمْكِنُ أَنْ تكوني لي بهبوبكِ المَرِح على أرضِ يومي،

وبِطَيْشِ عينيكِ، تَفْرَحانِ

بخطوتي

أَنا بَرْعَتا العائدُ من النَّهْرِ بالسَّمَكَةِ المُتَلألئةِ.

***

لَوْ كُنْتُ "هِرَقْلَ"، وكُنْتُ فِي مُعْتَرَكٍ عَلَى عَرَبَةٍ تَضْطَرِبُ

وَقَوْسُ قُزَحٍ يُؤَرْجِحُ الضَّوْءَ[xxxi]

هَلْ كُنْتُ سَأَتَجَرَّأُ عَلَى حِارِسِ المَيَاهِ[xxxii]،

أَمْ كُنْتُ سَأَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْهُ، وَأَتْرُكُهُ يَتَوَارَى فِي غَيَابَةِ الْبِئْرِ؟

***

لوحة

مَنْ أَشْعَلَ مَخَازِنَ الحُبُوبِ؛ أَفتيةُ قَبَائِل الشَّمَالِ المُتَحَدِّرينَ مِنَ الْجِبَالِ، أَمِ الْخَازِنُ المَسِيْنِيِّ الخَبِيْثِ الَّذِي عَثَرَ عَلَى الخَنَافِسِ فِي جِرَارِ القَمْحِ[xxxiii]؟

أَيُّ خَيَالٍ جَامِحٍ، يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ رَجُلَ "إيْسُوسَ[xxxiv]، الْقَتِيلَ بِسَهْمٍ مَلأَ صَدْرَهُ الخَافِقَ بِدَمِهِ الخَافِقِ، يُؤَدِّي وظِيْفَةَ خُنْفِسَةٍ فِي قَبْوٍ رُوْمَانِيٍّ؟!

مَنِ كَتَبَ التَّقْرِيْرَ، وجَعَلَ الْجُنُودَ يَشْهَقُوْنَ مِنَ الدَّهْشَةِ،

ويَسْخَرُونَ،

لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ نَفْسُهُ الفَتَى الكلابْرِيُّ[xxxv] الخَلِيْعُ الَّذِي يَنْحَنِي عِنْدَ سَرِيْرِ القُنْصِلِ كُلَّ الصَّبَاحِ لِيُرِيْقَ مِنْ إِبْرِيْقٍ نُحَاسِيٍّ مَاءً مُطَيَّبَاً فِي رَاحَتَيْنِ وَرْدِيَّتَيْنِ وَقَدْ تَدَلَّتْ مِنْ عُنُقِهِ خَرَزَةٌ زَرْقَاءْ؟

***

كَيْفَ كُنْتُ؟

كَيْفَ كَانَ شَكْلُ العَالَمِ

قَبْلَ أَنْ تَطَأَ قَدَمُكِ الْأَرْضَ،

وتَرَاكِ عَيْنِي؟

قَبْلَ أَنْ تَأْسُرَنِي تِلْكَ القَدَمُ الأَسِيْرَةُ؟

***

الضَّبَابُ يَفْتَرِسُ الأَقْوَاسَ والرُّمَاةَ،

الضَّبَابُ يَلْتَهِمُ الحِجَارَةَ، والسُّوْرَ، ويَهِيْمُ عَلَى النَّهْرِ،

والَّذِينَ تَسَاقَطُوا مِنَ الحُصُونِ المَرْجُومَةِ بالبَلْطَاتِ والفُؤُوْسِ،

سَقَطُوا فِي حُفْرَةِ الشِّتَاءْ.

 

أَرْوَاحُ الصَّرْعَى تَهِيْمُ عَلَى رُؤُوسِ الأَشْجَارْ.

 

العَربَاتُ الخَشَبُ بِعَجَلَاتِهَا الغَائِصَةِ فِي الْعُشْبِ طَوالَ شَتَاءٍ، وسُيُورُهَا الحَدِيْدِيَّةُ الَّتِي رقَشَتْهَا الحَلَزُونَاتُ، وفِي فَراغَاتِهَا تَلَوَّتْ ديْدَانٌ تَشَبَّعَتْ بِرُطُوبَةِ التُّرابِ أَسْوَدَ،

أَثْقَلَها المَطَرُ،

وهَا هِيَ تَهْوي وتَتَحَطَّمُ، هِيَ وَالمحَارِبُ بِرُمْحِهِ الأَيْطُوْرِيِّ [xxxvi]،

تَارِكَةً فِي العُلَى صَرْخَةَ الْهَوَاءِ،

وانْخِطَافِ الْأَكَمَةِ.

 

فِي القَاعِ،

عميقاً،

في القَاعِ،

أَوْدَعَ المُحَارِبُ زَفْرَتَهُ الأَخِيْرَةَ.

 

الدِّيْدانُ وحْدَهَا ظَلَّتْ مُنْتَعِشَةً،

بَيْنَمَا الأَجْسَادُ تَنْشَطِرُ،

وَتَهْوِي،

عَلَى أَرْضِ المَقْتَلَةِ،

حَتَّى لَكَأَنَّهَا،

وهِيَ تَتَلَوَّى فِي النُّورِ الضَّئِيْلِ البَاقِي مِنَ النَّهَارِ،

العَلَامَةَ الأَخِيْرَةَ لِلزَّمَنْ.

 

الضَّبَابُ يَهِيْمُ عَلَى الحُصُونِ الصَّغِيْرةِ،

وعَلَى المُرْتَسَمَاتِ التَّائِهَةِ ومَعَهَا الوَقْتُ،

كُلَّمَا هَبَّتْ عَلَى السُّور ضَجَّةٌ وعَالَجَهَا الهُدُوْءُ بِضَرَبَاتِهِ اللَّامَرْئِيَّة.

***

والآنَ،

فِي نِيْسَانَ،

العُشْبُ يَتَطَاوَلُ،

ويَتَلَوَّى

ويتوحشُ

 فِي الفَراغَاتِ،

النَّباتَاتُ تُعَرِّشُ عَلَى حُطَامِ العَربَاتِ،

والأجساد.

شَمْسٌ خَفِيْفَةٌ تَنْبُشُ هَيَاكِلَ المُحَارِبِيْنَ،

وهَوَاءٌ هَوَاءٌ هَواءٌ،

هَوَاءٌ يَهُبُّ مِنَ الشَّمَالِ عَلَى جَمَاجِمَ فَلَقَتْها الفؤوسُ

وفِي الكُسُورِ الَّتِي نَزفَتْ،

في الشُّقوقِ التي غَمَرَها الصمتُ ورطّبها الهواءُ،

ضَوءٌ مراهقٌ

رَاَح يَلْهُو بِزُهَيْرَاتٍ صَفْرَاءَ باهتة تكادُ لا ترى..

 

الدَّبِيْبَاتُ الصَّغِيْرةُ تَمْتَصُّ بِلُعَابِهَا وَمَجَسَّاتِهَا خَمَائِرَ الحُطَامْ.

هَلْ هُنَاكَ زَوَالٌ أَكْثَرُ حِكْمَةً وأَقْوَى مِمَّا تَرَكَهُ الشِّتَاءُ المَاضِي حُطَاماً فِي سَهْلٍ

 عَنْدَمَا تَسْطَعُ الشَّمْسُ عَلَى الشَّيْءِ الصَّغِيْرِ وهُوَ يَلْتَهِمُ الشَّيْءَ الكَبِيْرَ

ويهفو الهُدُوْءُ الغَامِرُ ليُصَالِحُ الطَّبِيْعةَ الهَائِجَةَ عَلَى مَرْأَى مِنْ عَمَلِ المَوْتِ؟

***

أَ

أيْنَ هُمُ الرُّمَاةُ التَّدْمُرِيُّونَ الَّذِينَ مَلَؤُوا الأَسْمَاعَ والْأَزْمِنَةَ بِصَيْحَاتِهُمُ الْمَرِحَةِ،

وأَقَاصِيْصُهُمُ الَّتِى دَحْرَجَهَا الهَوَاءُ عَلَى امْتِدَادِ السُّورِ؟

نِيْرَانُهُمُ الهَائِجَةُ في أَمْوَاجِ الضَّبابِ أَرْسَلَتْ عَبِيْرَ دُخَانِهَا فِي الغَابَاتِ،

ودَلَّتْ عَلَيْهِمْ فُؤُوسَ المَوْشُومِيْنَ المُقبلينَ لينتحروا، كَسَمَكِ السَّالْمُونْ، فِي أَعَالِي النَّهارْ.

 

كُلَّمَا فَغَرتِ الغَابَةُ فَمَهَا وأَرْسَلَتْ مَوْجَةً أُخْرَى مِنَ السِّيْقَانِ المُشَعَّرَةِ النَّازِفَةِ، والأَكْتَافِ المُجَرَّحَةِ، تَسْبُقُهَا الجَمَاجِمُ لِتَكُونَ مَسَاكِنَ لِحَلَزُونَاتِ الزَّمَنْ.

***

لوحة

بِأَيِّ لُغَاتٍ خَاطَبَ الجَرْحَى آلِهَتَهُمْ وَهُمْ يَلْفُظُونَ أَنْفَاسَهُمْ وَيُوْدِعُونَهَا فِي شُقُوقِ الْأَرْضِ؟

دِمَاؤُهُمُ الَّتِي تَلَأْلَأَتْ فِي شَمْسِ نَهَاراتٍ خَاطِفَةٍ، تَشَمَّمَتْهَا ذِئَابٌ بِيْضٌ تَتَرَيَّضُ، قَبْلَ أَنْ تَيْبَسَ عَلَى أَبْدَانِهِمْ تَحْتَ سَمَاوَاتٍ تَلَبَّدَتْ مِرَاراً وَهِيَ تَشْهَدُ مَصَارِعَهُمْ.

لمْ يَكُنْ "أُوْدِنْ[xxxvii] هُنَاكَ عَلَى سُلَّمٍ، أَوْ فِي حِصْنٍ؛ لَرُبَّمَا كَانَ يَلْهُو مَعِ الصِّبْيَانِ عِنْدَ ضِفَافِ الأَنْهَارِ، ويَتَوَارَى فِي ضَبَابِ الغَابَاتِ؛ ولَنْ يَظْهَرَ فِي الأَرْضِ المُنْخَفِضَةِ قَبْلَ مَقْتَلَةٍ أُخْرَى فِي شِتَاءٍ آخَر، مَا لَمْ يُرْسِلِ الْمُحَارِبُ الأَخِيْرُ النِّدَاءَ للصَّخْرَةِ الَّتِي نَحَتَتْهَا الرِّيحُ.

***

النَّارُ الَّتِي أَرْسَلَتْهَا يَدُكَ سبتموس لِتَلْتَهِمَ الغَابَاتِ والمُرُوجَ وحُقُوْلَ الذُّرَةِ، وتُرْسِلُ الكَالْدُونِيِّينَ حُفَاةً إِلى كُهُوفِ الشَّمَالِ، رَجَعَتْ بِهَا الرِّيْحُ، وبِجَنَاحِهَا المُشْتَعِلِ أَضْرَمَتْ نَعْشَكَ الإِمْبَراطُورِيَّ،

أَذَابَتِ النَّسْرَ فِي خَاتَمِ يَدِكَ، وسِلْسَلةَ الذَّهبِ الَّتِي نَقَشَ عَلَيْهَا صَائِغٌ أَنْطَاكِيٌّ اسْمَ "جُولْيَا في جِوارِ اسْمكَ الفينيقيّ الذي أَرْهَبَ ارستقراطيّي روما[xxxviii]

أَيْنَ هِي البَيَارِقُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ كَتَائِبُ الحَرَسِ الْبِرِيْتُورِيِّ عَلَى طُوْلِ الطَّرِيْقِ مِنْ دِمَشْقَ إِلى صورَ حيثُ نُشِرتْ الأشرعة على المَراكِبِ المُبْحِرَةِ بالشَّمْسِ إِلى "إيبركوم"؟

مَا الَّذِي سَيَقُولُهُ "جُوْبِيْتُر" لـ"كاركلا" النَّاظِرِ مِنْ عَلَى صَهْوَةِ الحِصَانِ جَسَدَكَ المُشْتَعِلِ عَلَى الماء؟[xxxix]

***

خَمْسُونَ أَلْفَاً مِنْ شُبَّانِ الْوِلَايَاِت البَعِيْدَةِ ابْتَلَعَهُمُ التِّنْيْنُ بِرُؤْوْسِهِ السَّبْعَةِ المُطِلَّةِ عَلَى الْجِهَاتِ: صُنَّاعٌ ومُزَارِعُونَ ورُعَاةٌ وصَيَّادُونَ، ظَهَرُوا بِالزُّرُودِ وَرَاءَ دُرُوعِ مُصَفَّحَةٍ، وتَبَاهُوا بِخُوذَاتٍ لَامِعَةٍ خَطَفَتْ أَعْرَافُهَا الحَمْراءُ أَلْبَابَ الرِّيْفِيَّاتْ.

بَطَالِمَةٌ مُرْتَزَقَةٌ مِنْ مِصْرَ؛ أَيْطُوْريِوُّنَ مِنْ سُوريَا؛ أَفَارِقَةٌ كَانُوا مُصَارِعِيْنَ؛ وإِسْبَارطِيُّونَ مُتَهَوِّرُونَ، طَحَنَتْ عِظَامَهُمْ أَضْراسُ الغَابَاتِ، ودَفَنَتْهُمُ الْأَمْطارُ والسُّيُول[xl]

يَا لَوَهْمِ الْعَظَمَةِ!

ويَا لَشُعْلَةِ النَّارِ بَعْدَ بَلَاغَةِ السَّيْفِ!

***

سائِقُ الغمامِ[xli] سَاقَ خُطْوتِيْ مِنْ زُرْقةِ الصَّيْفِ إِلى وَحْشَةِ الشِّتَاءْ!

بَنَاتُ النَّدى، وصَبَايَا الضَّبَابِ[xlii]

اللَّواتي ضَجَعْنَ البَعْلَ فِي حَقْلِي،

تَركْنَنِي، هُنَا، حَائِراً!

السَّمَاءُ سَكَبَتِ الطَّلَّ؛ والْكَواكِبُ أَيْقَظَتِ الشِّيْحَ، وضَمْخَتِ الْهَواءَ بِالْعَبِيْر!

بَلَغْتُ بِكَ مَنْبَعَ النَّهْرَيْن[xliii] ونَزَّهْتُكَ فِي شَمْسِ أَيَّامِيْ؛ فَلِمَاذَا تَقَبَّلْتَ نُذُوْرِي مَا دُمْتَ سَتَتْرُكَنِي لِيَخْتَطِفَ التُّرابُ مِنِّي آخِرَ مَا يَمْلُكُ غَرِيْبٌ فِي الأَرْضِ؟

***

حُجْرَتِي جَعَلْتُهَا خَيْمَةً للإله؛ فَلِمَاذَا لَمْ تَسْمَعِ الْآلِهَةُ صوت قَلْبِي؟!

***

لَمْ يَكُنْ مَنَامَاً، ولَا بَرْقَ غَيْبُوبَةٍ، لمَّا انْشَقَتِ السَّمَاءُ وانْقَضَّ النَّسْرُ عَلَى الأُفْعُوانِ[xliv]، كُنْتِ مُسَجَّاةً على أَوْرَاقٍ نَدِيَّةٍ مِنْ شَجَرِ الْحُوْرِ، والسَّبْعَةُ اليَافِعُونَ يَحْرُسُونَ نَوْمَكِ[xlv].

***

لا شَيءَ يُشْبِهُ صَمْتَ رَقْدَتِكِ سِوى صَمْتِ الهَواءِ في رئَةِ الغابةِ

لما يَتَفشَّى الضَّبابُ ويَلْتَهِمُ الأَشْجارَ التي سَمَقَتْ

وينزل ليَغْمِرَني، فلا أَعُود أَرَى قَدَمِيَ، ولا خطوتي على جليدِ أَيّامي.

***

الضّبابُ يَلْفَحُ وجهيَ، الضّبابُ يَهيمُ بي،

فلأَتوارى أَبْعَدَ، ولأَسْمَع وقْعَ حَوافرِ خَيلٍ، ونِياقٍ تَخُبُّ،

ولألمحَ من وراءِ سعفِ النَّخيلِ خيالاتِ راكبينَ،

في عَجَاجٍ يلفَحني ويَمْلأُ الأَبْصارَ،

لأغيبَ في ركابِ مَنْ غابوا وأَنْهض وأَتَلقَّى صَيْفَ الجَنوب،

الرِّيحُ تَسُفّ الهاجرةَ وتَخِزُ بالرَّملِ وجْهيَ.

***

دَمي قشعريرةُ ذِئْبٍ جَرِيْحٍ، وصَوتي عُواءِ غَابَةٍ تَحْتَرِقُ.

***

-صوتُكَ الذي أَقْلَقَ نَوْمَ الآلهةِ أَنْهَضَني مِنْ رَقْدَتي...،

صَوتُكَ يَكسرُ العَتْمَةَ،

ويَنْزلُ

ليَطْلبَ يَدِي مِنْ رُخامِ المَوت.

أَسْمَعْتَني صَوْتَكَ،

لأَسْمَعَ،

وأَعْطَيْتَني يَدَكَ،

لأَنْهَضَ..

 

فَلأَنْهَض إذَنْ، ولأَمْشي مَعَكَ جِهَةَ النَّهْرِ،

وطوالَ نَهَارٍ أَرى الهِضَابَ تَتَعالى، والشمسَ تَهِيمُ على المَاءِ

أَنا لَسْتُ أميرةً مِنَ الشَّرْقِ، ولَمْ أَتَنَزَّه يَوْماً صُحْبَةَ فَتَى في حَدائِقِ روما،

لكِنَّني اضْطَجَعْتُ في جِوارِكَ،

تَحْتَ غُيومٍ ضاحِكَةٍ

لأَستَلَّ من يَدِكَ التي قَطَفَتْ لي التُّوت الشَّوْكَةَ الَّتي جَرَحَتْ يَدِي.

صورة

***

 

أَنا المَرأَةُ الَّتي اخْتَطَفَها النَّسْرُ مِنَ الغابَةِ،

ولمَّا رأَتْها عَيْناكَ

في ذلكَ النَّهارِ أَهْدَيتَها الهَضَبَةَ والنَّهْرَ والسَّمَكَةَ الهَارِبَةِ.

حتَّى إيسوسْ الَّذي شَهَدَ مَوْلِدي،

ولَطالَما أَرْسَلَ ورائِيَ لينوس بأَكْبَاشِهِ المُباهِية بقُرونِها[xlvi]ومابونوس بألحانه الغريبة[xlvii] ليَطْردا عَنِّي الوَحَشَ،

حتى إيسوس، لَمْ يَكُنْ لهُ أَنْ يُسَمِّيني،

وأَنْتَ سَمّيْتَني،

لأَكُونَ.

***

صَوْتُكَ يَسْبِقُ خُطْوَتَكَ على أَرْضِ نَوْمِي

وراحَتُكَ السَّمراءُ تَمْلأُ قَمِيصيَ..

فلأَنَمْ إِذَنْ،

في دَعَةٍ،

ولأَكُنْ زَهْرَةَ الغَيْبُوبَةِ في غابة النَّومِ.

***

البُحَيْراتُ وَراءَ الهَضَبَةِ تتأَوّهُ، بِرَكُ المِياهِ الصَّغِيرَةِ في ضَمِيرِ الغَابةِ تَبْكِي قَدَمَكِ،

وخُطاكِ التي آلَمًتِ الرَّبيعَ هامَتْ على الأَنْحاءِ هي والزُّهَيْراتُ الخائِفَةُ مِنَ الظُّلْمَةِ..

الأَغْصَانُ الصَّغِيرَةُ تَرْتجف،

خَيْطُ الشَّمْسِ يتكَدَّر،

والرِّياحُ البارِدةُ تَصْخُبُ وتَصْطَفقُ،

وتجنُّ..

آلِهَتي لا تَراني،

آلهَتي عَمْياءُ، ولا تَرى، وهذا الرَّبِيْعُ حُطَامُ خطواتٍ على أَرْضٍ تَتَفَلَّقُ..

الضَّبابُ يَهْجُمُ، الضَّبابُ يَهِيمُ على المُنْحَدراتِ، الضَّبابُ يأْكُلُ حَطَبَ الشِّتاءِ والدَّرْبَ المُتْرَبَةُ وراءَ البَيْتِ، الضَّبابُ يَهوي بفأْسِهِ ويَقْصمُ ظَهْريَ، عَيْنايَ حَيوانانِ طَريدانِ، وجَسَدي حُفْرَةٌ مُظْلِمَةٌ في شِتاءٍ مُظْلِمٍ..

وسِهامٌ

تَمْلأُ

الحُفْرَةَ.

***

هَلْ كَانَ يُمْكِنُ لِي أَنْ أَكُونَ،

لَوْلَا أَنَّكِ هُنَا، يَا رِيْجِيْنَا؟

لَوْلَا أَنَّنَّي هِبَةُ اللَّاتِ لِرُوحِ الغَابةِ، وأنت مَرَحُ الضَّوءِ بَعْدَ طَيْشِ الغَزَالةِ؟

هَلْ كانَ يُمْكِنُ لِي أَنْ أَفْتَكَّ يَدَكِ مِنْ مَخْلَبِ النَّسْرِ،

وأُعْطِيْ رَاحِتِيْ لِقَدَمِكِ الْمُجَنَّحَةِ،

وحِصَانِيَ الخَفِيْفَ لِرَهْزَتِكِ الْجَامِحَة،

لَوْلَا أَنَّنِي التَّدْمُرِيُّ الَّذِي أَبْدَلَ الْكِتَّانَ بِالسَّيْفِ،

وقَدَّمَ لبَعْلَ قَلْبَهُ لِيَكُونَ الْأُضْحِيَةْ؟

 

تمت كتابتها في لندن 9 نيسان/ابريل 2021

 

 

 

 

الهوامش

[1] أترعتا: (ATARGATIS)‏ ربة كانت تُعبد في الجزء الشمالي من سوريا وكذلك عند الأنباط في جنوبها، أهم هياكلها موجود في مدينة منبج (Hierapolis) الواقعة شمال شرق مدينة حلب، حيث كانت تُعبد إلى جانب قرينها حدد. وعبدت عند الأنباط، بصفتها آلهة الثمار والخصب.  أُعيد بناء معبدها في العام 300 ق.م بأمرٍ من الملكة ستراتونيس زوجة سلوقس الأول.

الإغريق تبنوا عبادتها بوصفها النسخة السورية من أفروديت، وذاع صيتها في بلاد الإغريق بفضل التجار والمرتزقة المحاربين من الإغريق. طبيعة الربة أترعتا قريبة الشبه بنظيرتها الكنعانية عشتروت إلى جانب كونها بعلة: (سيدة، مدبرة، قائدة) لمدينتها ولشعبها. كانت تظهر واضعةً التاج وقابضة على حزمة من الحنطة، ومن حولها أسود يحرسون عرشها.

 

[i] يعتقد مؤرخون وآثاريون بريطانيون أن بَرْعَتا أو (باراتيس) التدمري ربما كان تاجر أقمشة، وصل بطريقة ما إلى الجزيرة البريطانية. ونظن بدورنا أن ربما يكون وقع في الأسر، أو ضل بتجارته في البحر ووصل، بطريقة ما، إلى بريتانيكا. ويرى دارسون آخرون أنه ربما كان في وقت من الأوقات واحداً من رماة السهام السّوريين الكثر الذين خدموا في الجيش الرّوماني، ولما تقاعد أقام في منطقة قريبة من السور. فالقانون العسكري الرّوماني لم يكن يجيز لمن هم دون فئة الضباط الكبار اصطحاب عائلاتهم معهم إلى المناطق التي يخدمون فيها، فكان الجنود الشرقيون المسرحون من الخدمة لا يعودون جميعهم إلى الشرق البعيد الذي سيقوا منه للخدمة في الجيش، ولم تكن هناك ميزانيات تسمح لهم بذلك، لذلك غالبا ما كانوا يستقرون حيث خدموا وارتبطوا بنساء من القبائل البريطانية والساكنة الأصليين وأسسوا عائلات لهم، وهو ما ينطبق على برعتا الذي اقترن بريجينا.

 تلاحظ ماري بيرد Mary Beard، أستاذة الكلاسيكيات في جامعة كامبريدج أن التجار الرّومان تدفقوا على شرق البحر الأبيض المتوسط، مستفيدين من الفرص التجارية التي أعقبت الغزو، من تجارة الرقيق وتجارة التوابل إلى غير ذلك من عقود إمداد الجيش التجارية الأخرى. وترى أن ربما كان التاجر السّوري سافر صحبتهم، إن في طريق عودتهم إلى روما أو إلى بلاد الغال وجوارها. وبدورنا نرى أن هذا لا يمنع أيضاً من أن يكون برعتا هو نفسه رامي سهام في وقت من الأوقات قبل أن يتقاعد من الخدمة ويتحول إلى تاجر أقمشة، مستفيداً من علاقات نسجها خلال الخدمة في حامية السور، لا سيما أنه قدم من بلد (سوريا) كان متقدماً في صناعة النسيج وتجارته.

[ii] عام 1878 اكتشف الآثاريون بالقرب من حصن Arbeia الذي يُعرف اليوم باسم South Shields، إلى الشرق من (Newcastle-upon-Tyne)‏، شاهداً حجرياً جنائزياً من طراز تدمري (ارتفاعه متر وثلاثين سنتم وعرضه 70 سنتم) وصف لاحقاً من قبل الباحثين بأنه قطعة أثرية رائعة وفريدة من نوعها، وكانت المفاجأة الكبرى أن النحت يحتوي على كتابة لاتينية رومانية وأخرى تدمرية سورية، وهنا بدأ السؤال، ومعه البحث عن ظروف وجود هذا الشاهد الجنائزي في جوار حصن روماني عند منطقة السور وبالقرب من مصب نهر تاين. (كانت Arbeia مهمة لأنها كانت تحرس الطريق البحري الرئيسي المؤدي إلى جدار هادريان، لذلك كانت حصنًا رئيسيًا كان بمثابة قاعدة إمداد أيضًا.)

يُمثّلُ النحت، (ونحنُ نعتمد في وصفه، هنا، على مصادر أشرنا إليها في جملة المراجع التي أفدنا منها وهي بمجملها مصادر إنكليزية): "سيدة في جلسة توحي بأنها ذات مكانة رفيعة في عصرها، لها رداء طويل، أنيق، صدرها مزين بقلادة وفي يديها أساور. في حجرها، مغزل من الصوف، وإلى جانبها وعاء فيه كرات من الخيوط. قرب يدها اليمنى صندوق مجوهرات.". ياه... " كان تذكارًا مكلفًا للغاية". وإذا ما نظرنا في أسفل اللوح سوف يظهر لنا بوضوح العبارة اللاتينية التالية: "ريجينا، سيدة باراتيس (برعتا) المحررة، يا للأسف". وقد كتبت الجملة وفق الاختصارات اللاتينية الشائعة يومها: RGYN 'BT HRY BR’T' HBL. وتحت الكتابة اللاتينية وكما لو كان صاحب النقش برعتا (باراتيس) يريد أن يعلن اعتزازه بهويته السّورية نقرأ العبارة اللاتينية نفسها بالآرامية التَّدمرية هذه المرة. ويحتوي النقش على اسم برعتا بوصفه الذي أقام هذا الشاهد: (للغالية، أو المحبوبة، المحررة (أي التي كانت مستعبدة) المأسوف على شبابها ريجينا -30 سنة- من قبيلة كاتوفيلوني.).

هنا وجد الآثاريون حاجة ملحة للاستعانة بخبير متخصص بالآرامية التَّدمرية لقراءة الكتابة، وقد فعلوا وحصلوا على النتيجة. وكانت رائعة ومحيرة معاً. فما الذي يفعله سوري تدمري هنا في هذا الصقع البعيد آلاف الكيلومترات عن وطنه تدمر في الشرق؟ وكيف وصل إلى هنا؟ وما الذي كان يفعله؟ وكيف التقى السيدة التي حررها وسماها: ملكة، وتزوجها؟ وكيف حدث أن ماتت صغيرة، ومن ثم أقام لها هذا الشاهد؟ ومن نحت هذا العمل البديع بهويته الفنية التَّدمرية؟ ومن أين جاء برعتا بالمال لإنجاز مثل هذا العمل المكلف جداً في ذلك الوقت؟ بل أكثر من ذلك كيف قيض لهذه السيدة التي لم تكن حرة مِنْ قبل أن تلتقي برعتا وأن تصبح ثرية، وتملك علبة مجوهرات؟ هذه الأسئلة التي أثارتنا، وحيرت الباحثين من قبلنا، ظل كثير منها معلقاً، وهو ما جعل الباحثين يطرحون السؤال الأكبر: هل يعقل أنّ برعتا قد كان هو السّوري الوحيد في هذه المنطقة؟ هذا السؤال سوف يقود الباحثين إلى العثور عن جواب له من خلال البحث في تاريخ سور هادريان نفسه والحامية الرّومانية التي كانت تتمركز في حصونه، وطبيعة، وظروف الوجود العسكري الرّوماني في تلك الحقبة.

المنحوتة، كما أسلفنا، معروضة اليوم في حصن ومتحف Arbeia Roman في بلدة ساوث شيلدز الساحلية، عند مصب نهر تاين، على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال مانشستر، إنكلترا. ولأرابيا هذه حكاية أخرى من شأنها أن تلقي ضوءا على حكاية برعتا وريجينا. وعلى ما نعتقد أنه أقدم وقائع الهجرة للعمل في بريتانكا بوصفها أحد نطاقات (جغرافيات) وجود الامبراطورية الرّومانية العسكري والمدني.

بصدد الصيغة الفنية واللغوية للشاهد الجنائزي، أنظر جوديث وينجارتن Judith Weingarten، عالمة الآثار والباحثة في تاريخ وثقافة التّدمريين، التي ترى أن هذا الشّاهد الحجريّ يقوم على: "صيغة تدمرية نموذجية لتكريم الموتى: الاسم + النسب أو الوصف + الرثاء." وأنّ النص التدمري المنقوش عليه تخليداً لريجينا إنما هو بليغ نحوياً بالآرامية، ومنحوت بمعرفة أكيدة باللاتينية. ويوحي أيضاً بأن هذا النمط العام للنصب التذكاري التّدمري من عمل نحات محترف ربما كان سوريًا. والآن: من ذا الذي كان برعتا يعتقد أنه سيقرأ ما نقش على هذا الشاهد؟ والمقصود بهذا السؤال الذي تُرك معلقا، إلى من كان برعتا يتَوجَّهُ بالكتابة السّورية على شاهد لا يمكن قراءة حروفه الغريبة إلا من قبل سوريين؟ في نظرنا، سيكونُ الجواب عن هذا السؤال سيكون سهلاً عندما نعرف أن برعتا لم يكن السّوري الوحيد في تلك الجهة. (انظر الهامش المتعلق بسور هادريان ورماة السهام السّوريين).

في الخلاصة: هي إذن Regina - كان الرّومان يُلفظونها Raygeena – تتحدر من Catuvellauni، وهي قبيلة عاشت حول سانت ألبانز St. Albans‏ جنوب هيرتفوردشاير، حوالي 22 ميلا إلى الشمال من وسط لندن) ويرجح أنها بيعت من قبل عائلتها المنكوبة بالفقر، ونقلت إلى الشمال.

[iii] سور هادريان، Hadrian's Wall‏ بناء حجريّ مكين طوله 127 كيلومترا، بارتفاع 6 أمتار وسماكة 6 أمتار. بناه الإمبراطور الرّوماني هادريان سنة 122 ويمتد عرضيا من البحر إلى البحر في ما يسمى اليوم إنكلترا. على طول الجدار وبين كل 500 متر تقوم أبراج للإشارة وحصون صغيرة للمراقبة، وسبع عشرة قلعة وبوابات حصينة. بقايا الجدار والتحصينات ما تزال ماثلة إلى اليوم. ويعتبر هذا السور ثاني ثلاثة أسوار وأكثرها أهمية. أولها بني على سلسلة تلال جاسك، وأخرها الجدار الأنطوني نسبة إلى الامبراطور أنطينيوس بيوس، وبني ليمثل الحاجز الحدودي الشمالي للإمبراطورية الرّومانية ويمتد حوالي 63 كيلومترا ويتراوح ارتفاعه بين 3 أمتار و5 أمتار، وقد حفر خندق عميق على الجانب الشمالي منه. استمر بناؤه 12 سنة بدءاً من سنة 142 وتحت ضغط القبائل المحاربة تم التخلي عن هذا الجدار بعد ثماني سنوات من إنجازه ونقلت الحاميات الرّومانية إلى جدار هادريان.

بنيت الأسوار الثلاثة لصد غارات قبائل الشمال التي كانت تسكن أرض إسكتلندا، فكان لهذه الأسوار أهداف أمنية وعسكرية وجغرافية وبموجبها رسمت حدود الامبراطورية الرّومانية، ومثلت حضورها الاستعماري. في سنة 400 تمكنت القبائل البريطانية من طرد آخر جندي روماني من الجزيرة، ومذ ذاك لم تعد للسور أي وظيفة دفاعية.

  [iv] الإشارة هنا ليست إلى يوليوس قيصر، ولكن للإمبراطور سيبتموس سيفيروس المولود في لبدة الليبية من أب بونيقي وأم إيطالية، وهو مؤسس السلالة السّورية في الإمبراطورية الرّومانية.

[v] ترجح مراجع تأريخية وأركيولوجية (بالإنكليزية) أن 500 من رماة السهام السّوريين المهرة تعود أصولهم إلى تدمر انتشروا في القرنين الثاني والثالث خصوصاً على امتداد سور هادريان وكانوا في عداد حامية من المشاة والفرسان قوامها 8 آلاف رجل 20 بالمائة فقط من القوة الرّومانية الموزعة في جوار السور كانت من ذوي الأصول الإيطالية، والبقية جيء بهم غالباً من الولايات الشرقية للإمبراطورية، من الشعوب والأقوام المختلفة الموجودة في حوض المتوسط، والشمال الإفريقي، وكذلك من الادرياتيك، والجزيرة الإيبيرية.

[vi] نهر تاين River Tyne   يقع في شمالي إنكلترا طوله 118 كيلومترًا. ويتشكّل من التقاء نهرين إثنين؛ التاين الجنوبي والتاين الشمالي، والنهرُ الأخير ينبع من الحدود السكوتلنديّة في نورثمبرلاند، فيما ينبعُ الأول من كمبريا. ويجري نهرُ التاين من الغرب إلى الشرق ويصب في بحر الشمال.

[vii]  الرّومان كانوا يسمونهم "الموشومون". ونظروا إليهم بوصفهم برابرة. المصطلح إغريقي وكلمة "بربري" مشتقة من الكلمة اليونانية "بربروس – βάρβάρος" عثر عليها منقوشة على ألواح طينية في "بيلوس – pylos" بمدينة ميسينيا قبل حوالي 3200 وتدل الكلمة من دون أدنى لبس على أناس يأتون من خارج المدينة، فهم أغراب.  وكافافي عندما كتب قصيدته "في انتظار البرابرة" عنى الشيء نفسه. وكونستانتينوس فلاسوبولس – Konstantinos Vlassopoulos، استاذ التاريخ وعلم الآثار في جامعة كريت – Crete، في كتابه الإغريق والبربر Greeks and Barbarians""«البربر هم أولئك الذين لا يتحدثون اليونانية» (مطبعة جامعة كامبريدج 2013). وهيرودوت في كتابه "التواريخ" يصف الفرس أعداء الإغريق بأنهم "برابرة" انطلاقا من كونهم أمة تتكلم لغة أخرى. ولكن أيضاً انطلاقاً من كونهم أعداء. والمصطلح ظل زائغا إلى حد كبير. ولا نعرف متى، على وجه التحديد، وقع التحول الدرامي في العنوان بحيث أصبح المعنى المعاصر له سلبياً. فالمعنى الإغريقي محايد. لكنه، ربما، يسمح بالتأويل. الرّومان، بدورهم، ورثوا المصطلح عن الإغريق ولم يحصل التغيير في المعنى لديهم إلا مع خوضهم حروبا مبالغاً فيها ضد هؤلاء الذين يتكلمون لغة أخرى، وشمل المعنى كل الأجانب الذين كانوا يعتدون على حدودهم. ولما كان هؤلاء البرابرة غير متحدين مطلقًا، فقد ظهر بينهم من يقوم بأعمال النهب على ممتلكات الإمبراطورية الرّومانية، وظهر آخرون تحالفوا مع الرّومان. ثم ظهرت مجموعات منهم غيرت مواقعها مراراً بين عداء وصداقة مع الرّومان. وبالتالي فإن مصطلح بربري راح يتأرجح ليشمل المعاني كلها، بمن في ذلك من اعتبروا أعداء للحضارة من  منظور مديني لدى اليونان، وإمبراطوي لدى الرّومان. سوف نجد مثالا رائعاً في شخصية بوديكا التي تنتمي إلى إحدى القبائل البريثورية، وكانت زوجة ملك متحالف مع الرّومان، ثم تحولت إلى عدو دموي، وقاتلت الرّومان قتالاً شرسا، ومن ثم تحولت على أسطورة.

أنظر: والتر جوفارت Walter Goffart، في كتابه "المد البربري: عصر الهجرة وأواخرالإمبراطورية الرّومانية": (مطبعة جامعة بنسلفانيا 2006):

Barbarian Tides: The Migration Age and the Later Roman Empire

[viii] هم القبائل التي قاتلت الرّومان واستهدفت حاميات السور مراراً. عرفت هذه القبائل المحاربة، وهم أصلا رعاة وصيادون وفلاحون، بطلاء الوجوه والأجساد، ووشمها بالألوان في طقوسية شبه دينية، تتصل رمزيتها بأرواح الأسلاف. 

[ix] إشارة إلى علاقة عشق ربطت بين الإمبراطور هادريان وشاب من تراقية يدعى أنطونيوس Antinous، وكان معشوقه المفضل، رافق الامبراطور خلال رحلاته في أرجاء الامبراطورية، ويرجح أندرو لامبرت Andrew Lambert ‏ أن يكون هذا الشاب قضى غرقا خلال رحلة في النيل، في أكتوبر 130 CE. أعلنه هادريان إلها، وبنى له المعابد، وأمر بنشر عبادته في أرجاء الإمبراطورية، وأسس باسمه مدينة على النيل أطلق عليها اسمه Antinoopolis. أما نحاتو الامبراطورية فقد ملأوا مدنها وحواضرها بتماثيله تلبية لطلبات عُبّاده. عثر الآثاريون في أوروبا على تماثيل له ما بين 2005-2007، استمرت عبادته حتى القرن الرابع، وقد وضع حَدّاً لها الامبراطور ثيودوسوس الذي عمل على استئصال العبادات الوثنية. في القرن الثامن عشر عاد انطينيوس للظهور بوصفه رمزا للنزوع المثلي في أوروبا. بات وجودُ تمثال صغير له في حوذة شاب بمثابة إشارة خفية إلى ميوله الجنسية، ودعوة لشخص آخر لديه الميول نفسها، وذلك حسب سارة آن وترز Sarah Ann Waters الروائية الويلزية التي اشتهرتْ بموضوعاتها الفيكتورية وأبطالها المثليين.

[x] شعار جيوش الامبراطورية الرّومانية. ترتبط به انتصارات وهزائم ووقائع دموية، وقد استلهمه الرّومان من السّوريين القدامى الذين كانوا يعتبروه رمزاً من رموزهم.

[xi] جلب الرّومان الأخشاب من جبال المملكة النوميدية، وكانت مملكة مستقلة وأحيانا مقاطعة رومانية. قامت على أجزاء من تراب المغرب والجزائر وتونس وعاصمتها سرتا (قسنطينة اليوم). تنتشر غابات الأرز في جبال الأطلس.

[xii] بعل: إله سوري ظهرت عبادته في الألف الثالثة قبل الميلاد، في بلاد الشام وانتشرت في جغرافيات العالم القديم بين آسيا وأوروبا والشمال الإفريقي. في الآرامية واللغات السامية الأخرى يأتي اسمه على شكل لقب أو كاسم نكرة ويستدل من منه ما معناه: السيد أو الملك،" إلا أن نصوص أوغاريت تبين أن (بعل) هو إله محدد الصفات. تظهر مختلف السجلات وبينها الأوغاريتية أنه إله الطقس، وقواه مرتبطة بالبرق والرياح والمطر والخصوبة. كانت أشهر الصيف الجافة في المنطقة تفسر على أنها دليل على إقامة بعل في العالم السفلي أما عودته في الخريف فتتسبب في العواصف التي تجدد الأرض.  ارتبط كل من بعل وإيل بالثور في النصوص الأوغاريتية، لأنه يرمز إلى القوة والخصوبة. الإلهة العذراء عناة هي أخته الكبرى وزوجته. وكان بعل على عداء مع الثعابين والأفعوانات، سواء مثلت أنفسها أو كانت ممثلة ليم، إله البحر والنهر. من أهم وظائفه في أساطير أوغاريت السّورية الدفاع عن البشر والآلهة، فهو بطل الآلهة وقاتل التنين (يم) وبعل هو الرزّاق واهب المطر وصوته الراعد وعد بالخصب، وهو المخلص الذي يحكم من جبل صافون (جبل الأقرع).

الكنعانيون والفينيقيون يعتبرونه راعيًا للبحارة والتجار الذين يسافرون عبر البحر. يعتبر أيضاً الإله المحارب، وإله الشمس، انتقلت عبادته إلى قرطاج بشمال أفريقيا وأطلق عليه الإله بعل حمون. والقائد القرطاجي (حنا-بعل) يشير اسمه إلى الإله بعل، كما تحمل مدينة بعل بك في سوريا (لبنان اليوم) اسمه.

  [xiii] عشيرة، Asherah:‏ ربّة كبرى تحتل مكانة بارزة بين الربات السّوريات وفي أساطير الشرق القديم، من وظائفها أنها ربة البحر، وهي زوجة إيل إله الزمان، ولدت سبعين إلها، ومن بناتها وأبنائها عشتار، والبعل. من اسمها نستخلص أن عبادتها تتصل بكل ما له صلة بالعشيرة والعشرة والمعاشرة. تماثيلها تشير بجلاء إلى عضوها المؤنث.

  [xiv]  إيل: معبود كنعاني، إله البشر وسائر المخلوقات، رب الأرباب. أنجب العديد من الآلهة، في طليعتها (حدد ويم وموت)، وهؤلاء يقفون مع الآلهة اليونانية الرّومانية: (زيوس وبوصيدون وهاديس). أما إيل فهو نظير زيوس لكونه يعتبر أيضا رب الآلهة والبشر عند الإغريق. حسب ألواح أوغاريت، إيل هو زوج الإلهة عشيرة.

[xv]   تشير دراسات أركيولوجية إلى أن الرّومان استعانوا في القرنين الثاني والثالث للميلاد بنوتيين مهرة من Mesopotamia (بلاد ما بين النهرين)، وربما من نينوى على نحو خاص، لهم خبرة استثنائية في الإبحار بالمراكب، وقد ظهر هؤلاء في منطقة تاين عند سور هادريان، وما يؤكد وجودهم بوصفهم ظاهرة راسخة أن المنطقة سميت يومها: آرابيا Arabia، واليوم يحملُ هذا الاسم الحصنُ الرُّوماني الكائنُ هناك.

  [xvi] جزيرة ديلوس (باليونانية): Δήλος تقع على مقربة من جزيرة ميكونوس وسط أرخبيل كيكلاديس، هي من أهم المواقع الثقافية الأسطورية والتاريخية والأثرية في اليونان. كانت موقعا مقدسا لدى الإغريق، وهي مسقط رأس أبولو وأرتميس في الأساطير الأولمبية. فيها جبل كينثوس مأوى الإله زيوس. في العصور الرّومانية شكلت الجزر اليونانية، كغيرها من بقاع المتوسط، مصدرا للعبيد وكذلك للمجندين في عداد الجيش الرّوماني.

[xvii]   الانتماءات العرقية والثقافية شديدة التنوع التي سادت الجيش الرّوماني في المائة الأولى والثانية للميلاد سمحت في بعض الحالات للجنود والضباط الصغار أن يحتفظوا أثناء الخدمة بملابسهم الوطنية في نوع من الاقرار بتمايزهم الثقافي. ذروة هذه التعبيرات بدأت مع عهد سيبتموس سيفيروس والأباطرة السّوريين من بعده.

[xviii] نسبة إلى يبرود: إحدى المدن السّورية المهمة جداً على الصعيد الأثري. عثر في كهوفها على أقدم الجماجم التي تعود إلى العصر الحجري. تقع على بعد 77 كم شمالي العاصمة السّورية دمشق. كانت في العصور القديمة مركزاً حضاريا، ذكرتها الرقم الطينية التي تعود إلى عصر آشور بانيبال، وذكرها الجغرافي اليوناني كلاوديوس بطلموس. وعرف رجالها بكونهم أشداء في الحروب.

[xix] نسبة إلى يوغرطة Jugurtha الملك النوميدي الذي قاد بعض أشهر الحروب ضد روما، أسر وسيق إلى روما ومات في السجن.

[xx] عاصمة الدولة النوميدية، في موقعها تقوم اليوم مدينة قسنطينة في أقصى الشرق الجزائري.

[xxi]  الإله بعل شامين كبير آلهة تدمر.

[xxii] هنا إشارة إلى ترنيمة مستوحاة من الترانيم المقدمة للبعل في الميثولوجيا السّورية: أنظر أناشيد البعل في غير مرجع للأساطير السّورية.

[xxiii] مدينة تدمر Palmyra وباللغة الآرامية هي: (ܬܕܡܪܬܐ، تدمرتا، ومعناها: المعجزة).

[xxiv] كان مدينة صور مملكة /مدينة وميناء إقليمياً عظيماً إلى جانب ميناء صيداً.

[xxv] هنا إشارة إلى الشاعر السّوري ميليا غروس الجداري (عاش في القرن الأول قبل الميلاد)، أحد قدماء شعراء اللغة اليونانية. يُعتبر من رواد المدرسة السّورية في الشعر اليوناني، كان شاعراً وجامعاً للإبيجرامات (القصائد القصيرة). كتب العديد من قصائد النثر الساخرة التي فُقدت، كما كتب العديد من قصائد الشعر الحسّي الإيروسي، نجت منها 134 قصيدة. قام ميلياغروس بعمل ريادي عندما جمع شعر شعراء معاصرين له وسابقين عليه تحت عنوان "الإكليل" (Garland بالإنكليزية)، كانت تلك بمثابة الأساس "للأنثولوجيا اليونانية".

[xxvi] لقب الشاعر العربي امرؤ القيس: الضليل، من ضل يضل وتاه يتيه فهو تائه.

[xxvii] السها: كوكبٌ صَغيرٌ خَفيُّ الضوء في مجموعة بناتِ نعش، يمتحن العرب القدماء به أبصارهم. وفي أمثال العرب: أُرِيهَا السُّهَا وَتُرِينِي القَمَرَ: أسْألُهَا عَنْ شَيْءٍ فَتُجِيبُنِي جَواباً لاَ عَلاَقَةَ لَهُ بِمَا أسْألُ عَنْهُ.

[xxviii] سهيل: نجم شديد اللمعان، ارتبط لدى العرب القدامى بالحب. قال أبو العلاء المعري: "وسهيل كوَجْنَةِ الحِبِّ في اللَّون - وقلبِ المحبِّ في الخفقانِ".

[xxix] هو جايوس سويتونيوس بولينوس (بالإيطالية): Gaio Svetonio Paolino جنرال روماني اشتهر بأنه القائد الذي هزم تمرد بوديكا (ما بين 41 إلى 69 م) في عام 58 بعد الميلاد كان قنصلاً فحاكمًا لبريطانيا.

[xxx]  بوديكا Boudicca: ملكة قبيلة Iceni في بريتانيا (زمن نيرون) ، قادت واحدة من أكبر الثورات المناهضة للرومان على إثر سلبها الحق بوراثة عرش زوجها براسوتاغو ، ملك Iceni. وإهانتها بالجلد في ساحة عامة، واغتصاب بنتيها أمامها. أرقت بانتفاضتها الروم، ولكنها هزمت في الواقعة الشهيرة بمعركة شارع Watling، في موضع كان مناسبا أكثر للجيش الرّوماني الأقل عدداً بكثير من جيشها غير المنظم. يعتقد أنها انتحرت، أو قُتلت أو عاشت متوارية.

[xxxi] الآراميون يعتبرون قوس قزح إلها.

[xxxii]  من وظائف الأفعوان في أساطير الشرق القديم حراسة المياه بوصفها أقنوماً من أقانيم الحياة. وبالتالي فإن الأفعوانات والتنانين لها وظائف عديدة خيّرة وشريرة.

    [xxxiii] إشارة إلى الخنافس التي غزت الحبوب الرّومانية، وتسببت بتلف كبير، وهددت في أوقات ما بحدوث نقص خطير في إمدادات القمح. عولجت المسألة في بعض الأحيان، بإضرام النار في مستودعات الجيش من قبل ضباط صغار لإخلاء المسؤولية عن النفس، وغالباً ما كانت تقدم ذرائع، من قبيل اتهام قبائل المقاومين الكالذونيين، بشن هجمات من وراء السور والتسلل لإشعال تلك الحرائق التي لا قصد آخر منها سوى إخفاء الأثر.

  [xxxiv] إله التضحية عند السلتيين له هيئة حطاب. فما يليق بمحارب شجاع له مثل هذا الرب أن يُرمى بتهمة خسيسة.

  [xxxv] ثمة إيحاء هنا بأن معاون القنصل الرّوماني الذي وصل من روما لغاية قد تكون ذات صلة بإمدادات القمح، وسوف يعود إليها، ربما كان هذا المعاون متواطئاً في التحقيق في أسباب الحرائق لإخفاء أسباب تفشي الخنافس، وهو فتى كلابري نسبة إلى كلابريا-إيطاليا.

 [xxxvi] عرف عن الأيطوريين شدة بأسهم وكانوا من أشرس المقاتلين المنضوين في الكتائب الرّومانية المقاتلة في شرق ووسط وغرب أوروبا على حد سواء، ويشكلون ما يشبه الطائفة المتعاضدة فلم يكونوا يقبلون في كتائبهم القادمة من دمشق وريفها الجنوبي وصولاً إلى مدينة يبرود، من لم يكن أيطورياً.

[xxxvii]  أُوذِن Woden / Odin)) بالإنكليزية، وفي النروجية (Óðinn)، إله، أو سلف مقدس، لدى الكالذونيين، ورثوه من أصولهم السكسونية البعيدة. يذكر في مخطوطات قديمة منها قصيدة رون القديمة rune poem التي تعود إلى القرن الثامن أو التاسع، مرتبطا بسحر الأعشاب، وبوصفه قاتل التنانين والأفعوانات. وله وظائف أخرى. أول ظهور له في ويعتبر كبير الآلهة في الميثولوجيا النوردية. يُدعى بأبي الآلهة ويشتق اسمه من (الحماسة، الغضب، والشعر) وهو إله (الحكمة والحرب والموت)، وهو أيضاً إله (السحر، والغيب، والشعر، والنصر، والصيد). يستطيع حمل الموتى على الكلام لينال الحكمة من أكثرهم حكمة. ينقل إليه الأخبار غرابان هما هوجين ومونين. هو من الآلهة التي لا خلود لها. لذلك سيموت مقتولا بأنياب ومخالب ذئب هو (فنرير) ابن الإله لوكي في معركة نهاية العالم.

[xxxviii]  كان تأثير جوليا دومنا في القائد العسكري ذي الأصل البونيقي الذي ترأس الجيوش الرّومانية في الشرق من موقعه في الشمال السّوري بليغاً. فابنة الكاهن الأكبر لمعبد البعل في إيميسا (حمص)، المثقفة والموصوفة بالجمال السامي، والمولودة عام 170م حامت من حولها قصص عن سعد سيصيب من يقترن بها. قائد القوات الرّومانية في ولاية سوريا سبتيم سيفر سارع إلى طلب يد جوليا من أبيها عام 187م، وكان يكبرها بـ 24 سنة. هو نفسه المولود في مستعمرة فنيقية تتبع قرطاج هي لبدة الليبية كان ذا ثقافة رفيعة، درس الآداب والفلسفة في أثينا واشتغل بالمحاماة في روما. وول ديورانت يشيد به: "رغم لهجته الشرقية كان من أحسن الرّومان تربية وأكثرهم علما في زمانه، وكان مولعا بأن يجمع حوله الشعراء والفلاسفة، ولكنه لم يترك الفلسفة تعوقه عن الحروب، ولم يدع الشعر يرقق من طباعه. لاحقاً انتقل سبتيم سيفر ليكون قائدا عاما للقوات الرّومانية في بانونيا (المجر حالياً). أنجب من جوليا دومنا ولدين هما كاراكلا (قرة الله) وجيتا شاركا أباهما الحكم كأباطرة.". بعيد موت الأب قتل كاراكلا أخاه بطريقة درامية، في واقعة فقدت خلالها الإمبراطورة الأم بعض أصابع يديها.

[xxxix]  الواقع أن جثمان الامبراطور سيفيروس لم يحرق جرياً على العادة، ولكن نقل إلى روما ودفن هناك.

  [xl] قدم الرّومان في المعارك التي خاضها سبتيموس سيفيروس ومن بعده ابنه كاراكلا ضد القبائل المتمردة من كالذونيين وغيرهم نحواً من خمسين ألف مقاتل أكثريتهم الساحقة من جنوده غير الإيطاليين.

[xli] صفة من صفات البعل ترد في بعض الأناشيد.

 [xlii] صفتان لوصيفتين إلهيتين في الأساطير السّورية.

[xliii] الإشارة هنا مستقاة من إحدى ترانيم البعل وترمز إلى دجلة والفرات، نظيرهما في القصيدة: تاين والثيمز.

[xliv] إشارة إلى حاملي شعار النسر الرّوماني في معركتهم المفتوحة لاستعادة الشعار بعد معركة فاشلة مع السكان الكالذونيين الذين يعتقدون بوجود أفعوانات في الآبار والقنوات التي يجري فيها الماء، وهو اعتقاد قديم تشترك فيه شعوب كثيرة.

  [xlv] في عقائد التدمريين هناك آلهة الجن وعددهم سبعة، من وظائفهم أنهم وسطاء بين كبار الآلهة والبشر، فضلا عن كونهم حماة مدينة تدمرتا. توجد منحوتة لهم مجتمعين عثر عليها في بقايا معبد في جبل شاعر قرب تدمر وتعود إلى سنة 181م، وهم: -1 سلمان، 2- أبجل، 3- معن، 4- سعد، 5- الرجيع، 6- أشر، 7- منعم، وتضاف إليهم أختهم- سلمى. هذه الأسماء موجودة في قاموس اللغة العربية وبعضها ما يزال في حيز التداول حتى اليوم، كسلمان، وسعد، ومنعم، ومعن وسلمى.

[xlvi] لينوس Lenus: إله الشفاء السلتي.

[xlvii]  مابونوس Maponus إله الموسيقى والشعر لدى سلتيي بريطانيا، نظير أبولو إله الفنون عند الإغريق.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.