الإنذار‭ ‬الأخير‭ ‬لاكتمال‭ ‬أخطاء‭ ‬الحياة

الخميس 2015/10/01

تساؤلٌ مشروع في خضم محاكاة الرّصاص والجسد، حيث لغة الدّم أكثر تداولاً من أيّ لغة، والموت هو هو لا موت أنيق ها هنا، موتٌ مؤداه ومبتغاه أنقاض عباءات الجاهلية، الحياة ليست نغمة -كما يتوهم البعض- على إيقاع رتيب كذا الكتابة، فليس من لغة مكتوبة بأصابع من الجنة بل بأصابع محشوة بالواقع منحشرة حشراً كالحياة المقلوبة، ففي شقوق الحياة لا زالت الكثير من الأوراق العالقة تنتظر من ينتشلها كما تتعقّد معها مفاهيم وقراءات الحياة‭.‬

فحين تصعد الأجساد لباريها ذبحاً وقتلاً بفعل محاولات الأفكار الوافدة على صيغة فتوحات صارمة أو بثِّ الروح في رماد الأحقاد الدفينة، يبقى صوتُ الشّاعر شبيه الموج الذي بلل وجه – آلان- الطفل الكُردي السّوري، أو جزءاً من لقطة الكاميرا التي أوقفت الزمن اللغة والكتابة والشعر عند حذاء آلان‭..‬

سفنُ الموت و- بَلَمات الانتحار السّوري- تُوثّق أيامَ “السّفربلكْ” السّوري لشمالٍ -قد- يحمل في طياته بعض الكرامة أو ما بقي من حياة له‭.‬

تتسارع مع الموج لغة الشّاعر، تهاجر معه وتموت أحيانا حيث تقف عند حذاء الموت وتخونه اللغة كما خانته اللحظة الشعرية‭.‬

خَلَّف الصراع السّوري خلفه -ولازال وسيستمر- وراءه عناصر ثقافيّة ولغوية وفهميّة متضادة ومتشنجة أحياناً لتنشئ نصوصاً وفقاً للضرورات المرحلية والتتابعية للمشهد الذبحي والدموي أو وفقاً لحيثيات الصدمة وما بعدها وما أنتجته وأفرزته من لحظات فارقة قاتلة كصورة المذبحة أو صورة الطفل الخطيب أو آلان، وغيرهم من عشرات الأحداث البركانية إنسانياً كذا كتابيا وشعريا حتماً‭.‬

قد تنزوي الكثير من الأقلام وخاصة الشّعريّة منها أمام سطوة الموت والجريمة وهول الكارثة البشرية وفداحة المأزق الإنساني، لكنها تبقى تحوم حوله تشرّحه، تقارب فيه الدّم المدني ويبقى حاضراً سواء من حيث القصيدة والنص أو كأحد متنوّري مثقفي هذي الفترة والذي تقع على كاهلهم جلُّ جوهر الأزمة من خلال اعتماد لغة العقل واللغة والحوار بدلا عن لغة الرصاص‭.‬

“تسونامي” اللجوء السّوري يضرب قيعان أوروبا حتى قممها في مسعىً بشري عفوي لبثّ بعض الروح في عالم الجريمة المُنظم، عالم القتل المُعلّب -في إشارة للبراد الذي وجد في النمسا وفيه عشرات الجثث مسروقة الأعضاء-‭.‬

يعلم أحدنا بأنه لا يمكنه لا بقصيدته ولا بكفّه شق العالم نصفين، لكنه الإنذار الأخير لاكتمال أخطاء الحياة، فالموت الشاسع أمامه يسكنه وهو لا يمتلك إلا أدواته وصوته وصرخات ضميره‭.‬

الشّاعر جندي الانسان، فأينما حلّ الخراب به ينبري الشّاعرُ ليكون على الأقل صوته وصرخته‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.