الاختلاف‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الاستنقاص

الأحد 2017/01/01
لوحة: مايسة محمد

لا ‬يحرجني‭ ‬وصف‭ ‬النقاد‭ ‬لكتاباتي‭ ‬‮«‬بالأدب‭ ‬النسوي‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬أكون‭ ‬من‭ ‬المدافعات‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬ومن‭ ‬أشرس‭ ‬المدافعات‭ ‬أيضا‭. ‬كما‭ ‬دافعت‭ ‬عن‭ ‬عدة‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬كتاباتي،‭ ‬لأن‭ ‬الكاتب‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬قضية،‭ ‬ليس‭ ‬بكاتب‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬يلعب‭ ‬لعبة‭ ‬ترصيف‭ ‬الكلمات‭.‬

ولكني‭ ‬ألحُّ‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬عندي‭ ‬تتنزل‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬المجتمع‭. ‬وهي‭ ‬قضية‭ ‬مجتمع‭ ‬بالأساس‭ ‬وقضية‭ ‬سياسية‭ ‬أيضا‭ ‬باعتبارها‭ ‬تمس‭ ‬الحريات‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭.. ‬وليست‭ ‬قضية‭ ‬فرد‭ ‬صادف‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬امرأة‭.‬

‮ ‬وأنا‭ ‬أصنّف‭ ‬‮«‬‭ ‬ككاتبه‭ ‬نسويّة‭ ‬‮«‬‭. ‬ربما‭ ‬لأن‭ ‬أغلب‭ ‬عناويني‭ ‬تحيل‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬مثل‭ ‬مجموعتي‭ ‬القصصية‭ ‬الأولى‭ ‬‮«‬ليت‭ ‬هندا‮…‬‭.‬‮»‬‭ ‬وكتابي‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬جسد‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬الانس‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬الجن‮»‬‭ ‬والثالث‭ ‬‮«‬سيّدة‭ ‬الأسرار‭: ‬عشتار‮»‬‭ ‬ثم‭ ‬المجموعة‭ ‬الشعرية‭ ‬‮«‬أنثى‭ ‬الريح‮»‬‭ ‬وسلسلة‭ ‬قصص‭ ‬الأطفال‭ ‬‮«‬حكايات‭ ‬فاطمه‮»‬‭.. ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عملي‭ ‬كمديرة‭ ‬مركز‭ ‬ثقافي‭ ‬تابع‭ ‬للاتحاد‭ ‬الوطني‭ ‬للمرأة‭ ‬التونسية‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬فضاء‭ ‬13‭ ‬أوت‭ ‬الثقافي‮»‬‭ ‬‭(‬و13‭ ‬أغسطس‭ ‬هو‭ ‬تاريخ‭ ‬إصدار‭ ‬مجلة‭ ‬الاحوال‭ ‬الشخصية‭ ‬التونسية‭ ‬وهو‭ ‬العيد‭ ‬الرسمي‭ ‬للمرأة‭ ‬التونسية‭)‬‭ ‬لعل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يجعل‭ ‬النقاد‭ ‬يصنفون‭ ‬كتاباتي‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الأدب‭ ‬النضالي‭.‬

‮ ‬وبالدخول‭ ‬إلى‭ ‬تفاصيل‭ ‬محتوى‭ ‬كتبي‭ ‬نجد‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬‮«‬ليت‭ ‬هندا‭..‬‮»‬‭ ‬تتناول‭ ‬قضايا‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل‭.. ‬فأغلب‭ ‬أبطال‭ ‬قصص‭ ‬المجموعة‭ ‬وشخصياتها‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬وهي‭ ‬تعالج‭ ‬قضايا‭ ‬اجتماعية‭ ‬ومسائل‭ ‬فلسفية‭ ‬وتطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬وجودية‭ ‬مثل‭ ‬قصة‭ ‬‮«‬عزرائيل‭ ‬والكاتب‮»‬‭ ‬وتعالج‭ ‬مشكل‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬ومشاكل‭ ‬العمال‭ ‬وسوء‭ ‬توزيع‭ ‬الثروات‭ ‬إلى‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

أما‭ ‬كتابي‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬جسد‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬الإنس‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬الجن‮»‬‭ ‬فهو‭ ‬يعالج‭ ‬بامتياز‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬حالة‭ ‬النساء‭ ‬المسكونات‭ ‬بالجان،‭ ‬في‭ ‬مقاربة‭ ‬علمية‭ ‬سيكولوجية‭ ‬وفلسفية‭ ‬أنتروبولوجية‭. ‬باعتبارها‭ ‬حالات‭ ‬باتولوجية‭ ‬تستدعي‭ ‬التحليل‭ ‬النفسي‭.‬

ثم‭ ‬تأتي‭ ‬‮«‬سيّدة‭ ‬الأسرار‭: ‬عشتار‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬رواية‭/‬مسرحية‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬ميثولوجيا‭ ‬حضارات‭ ‬الشرق‭ ‬القديم‭ ‬وبالذات‭ ‬من‭ ‬حضارتي‭ ‬سومر‭ ‬وآشور‭ ‬حينما‭ ‬كانت‭ ‬الأنثى‭ ‬‭-‬آلهة‭-‬‭ ‬وقد‭ ‬قصدتها‭ ‬فعلا‭ ‬لأعيد‭ ‬الاعتبار‭ ‬إلى‭ ‬المرأة‭ ‬المهانة‭ ‬في‭ ‬ذاتها‭ ‬وفي‭ ‬جسدها‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحاضر‭. ‬وهي‭ ‬تروي‭ ‬قصة‭ ‬حب‭ ‬عظيم‭ ‬عاشته‭ ‬ربة‭ ‬الحب‭ ‬والخصب‭ ‬عشتار‭ ‬مع‭ ‬تموز،‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬الحب‭ ‬العظيم‭ ‬الذي‭ ‬تحلم‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬وكل‭ ‬أنثى‭.‬

‮ ‬نص‭ ‬كتب‭ ‬بحب‭ ‬في‭ ‬مديح‭ ‬الحب‭ ‬والأنوثة‭ ‬كما‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬ألواح‭ ‬وملاحم‭ ‬العصر‭ ‬القديم‭ ‬مع‭ ‬فطرة‭ ‬البدايات،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬الجسد‭ ‬والجنس‭ ‬بوتقة‭ ‬المدنس‭ ‬والمقدس‭ ‬والحلال‭ ‬والحرام‭ ‬والطمس‭ ‬والممنوعات‭ ‬التي‭ ‬حطت‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬وشوّهته‭. ‬حين‭ ‬كان‭ ‬الجنس‭ ‬رمز‭ ‬الخصوبة‭ ‬والتكاثر‭ ‬وتعمير‭ ‬الكون‭. ‬وحين‭ ‬كانت‭ ‬عشتار‭ ‬ربّة‭ ‬الخصب‭ ‬والحب‭ ‬والأرض‭ ‬والزرع‭.‬

‮ ‬وهي‭ ‬ملحمة‭ ‬شعرية‭ ‬في‭ ‬مديح‭ ‬الأنوثة‭ ‬كما‭ ‬وصفها‭ ‬النقاد‭ ‬الذين‭ ‬احتفوا‭ ‬بها‭ ‬كثيرا‭ ‬واعتبروها‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الكتابة‭ ‬الإيروسية‭ ‬المتحررة‭ ‬وقد‭ ‬وصفها‭ ‬الناقد‭ ‬كمال‭ ‬الرياحي‭ ‬أجمل‭ ‬وصف‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ‬‮«‬نص‭ ‬في‭ ‬مديح‭ ‬الجسد‭ ‬الحرّ،‭ ‬الجسد‭ ‬العاشق‭ ‬والجسد‭ ‬المنفلت‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬والأسيجة‭. ‬نص‭ ‬طليق‭ ‬في‭ ‬مديح‭ ‬الشبق‭ ‬المطلق‭ ‬يكتب‭ ‬أولى‭ ‬بنود‭ ‬دستور‭ ‬دولة‭ ‬الشهوة‭ ‬العظمى‮»‬‭. ‬وأضيف‭ ‬نص‭ ‬في‭ ‬أنسنة‭ ‬الجنس‭ ‬والجسد‭ ‬أيضا‭. ‬‭(‬وقد‭ ‬طبعت‭ ‬10‭ ‬طبعات‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والإسكندرية‭ ‬والقاهرة‭ ‬وترجمت‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليزية‭ ‬والفرنسية‭)‬‭.‬


لوحة: مايسة محمد

أمّا‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬أنثى‭ ‬الريح‮»‬‭ ‬الشعري‭ ‬فهو‭ ‬دعوة‭ ‬المرأة‭ ‬للتحرر‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يعرقلها‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬المجتمعات‭ ‬البطريركية‭ ‬التي‭ ‬تشدها‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬ردة‭ ‬تعاكس‭ ‬كل‭ ‬تطور‭ ‬طبيعي‭ ‬وتعاكس‭ ‬اتجاه‭ ‬الطبيعة‭ ‬والريح‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬باتجاه‭ ‬العواصف‭ ‬والزوابع‭.. ‬لتفجر‭ ‬طاقاتها‭ ‬الرهيبة‭ ‬التي‭ ‬طمسها‭ ‬مجتمع‭ ‬الذكور،‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬القرون‭ ‬وهي‭ ‬الآن‭ ‬تندفع‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬الحرمان‭ ‬والتحدي‭ ‬تبدع‭ ‬وتفتح‭ ‬عوالم‭ ‬جديدة‭ ‬كانت‭ ‬مغلقة‭ ‬دونها‭.‬

أما‭ ‬‮«‬الأدب‭ ‬النسائي‮»‬‭ ‬فمصطلح‭ ‬مغرض‭ ‬اخترعه‭ ‬النقاد‭ ‬الذكور‭ ‬للفصل‭ ‬بين‭ ‬أدب‭ ‬وأدب‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬الرجل‭ ‬وما‭ ‬تكتبه‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬جنسي‭ ‬بحت‭ ‬وهذا‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الحيف‭ ‬والتمييز‭ ‬البغيض‭. ‬لأن‭ ‬التمييز‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬إبداعية‭ ‬جمالية‭ ‬بحت،‭ ‬في‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬الأدوات‭ ‬التقنية‭ ‬وامتلاك‭ ‬اللغة‭ ‬وتطويعها‭ ‬وتخصيبها،‭ ‬ولا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بجنس‭ ‬الكاتب‭. ‬ولا‭ ‬يجوز‭ ‬تجزئة‭ ‬الأدب‭ ‬بأيّ‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭. ‬وحيث‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مصطلح‭ ‬يقابل‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬الرجل‭ ‬ولم‭ ‬نعرف‭ ‬تسمية‭ ‬تقول‭ ‬بأدب‭ ‬الرجل‭ ‬أو‭ ‬أدب‭ ‬الذكور‭ ‬فإنّ‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬يفضح‭ ‬النوايا‭ ‬المبيّتة‭ ‬المتضمنة‭ ‬لتصغير‭ ‬وربما‭ ‬لتحقير‭ ‬ما‭ ‬تكتبه‭ ‬المرأة‭ ‬ونعته‭ ‬بمصطلح‭ ‬الأدب‭ ‬النسائي‭ ‬وربما‭ ‬أزاحته‭ ‬من‭ ‬المدونة‭ ‬الإبداعية‭ ‬أيضا‭ ‬والتي‭ ‬يريدونها‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬مدونة‭ ‬ذكوريّة‭. ‬إذ‭ ‬برأيهم‭ ‬أن‭ ‬الأدب‭ ‬الذي‭ ‬يكتبه‭ ‬الرجل‭ ‬هو‭ ‬الأدب‭ ‬الأصل‭. ‬هو‭ ‬الجوهر‭ ‬وهو‭ ‬الأدب‭ ‬الإنساني‭ ‬الأساسي‭ ‬وما‭ ‬تكتبه‭ ‬المرأة‭ ‬مجرد‭ ‬ملحق‭ ‬لما‭ ‬يكتبه‭ ‬الرجل‭ ‬وتابع‭ ‬لهذا‭ ‬الأدب‭ ‬الأصلي‭ ‬الكبير‭ ‬عندهم‭.‬

‮ ‬وما‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬إلا‭ ‬تكريس‭ ‬لعقلية‭ ‬الوصاية‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬البطريركية‭ ‬والنظرة‭ ‬الدونية‭ ‬للمرأة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬كونها‭ ‬كائنا‭ ‬من‭ ‬درجه‭ ‬ثانيه‭. ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬رواسب‭ ‬عقلية‭ ‬مجتمع‭ ‬الذكور‭ ‬والثقافة‭ ‬العربية‭ ‬المعادية‭ ‬للمرأة‭ ‬التي‭ ‬تؤلّه‭ ‬الرجل‭ ‬وتحطّ‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬المرأة‭. ‬فلا‭ ‬نستغرب‭ ‬أن‭ ‬يطلع‭ ‬علينا‭ ‬بعض‭ ‬ذكورها‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬بهذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬ليجعلوا‭ ‬من‭ ‬أدبها‭ ‬ملحقا‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬ثانية‭. ‬وبذلك‭ ‬لا‭ ‬تعدو‭ ‬المؤسسة‭ ‬الثقافية‭ ‬الأدبية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سوى‭ ‬نسخة‭ ‬مصغرة‭ ‬من‭ ‬عقلية‭ ‬القبيلة‭ ‬وترسيخ‭ ‬واستمرار‭ ‬لها‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬أنا‭ ‬أرفض‭ ‬التسمية‭ ‬والمصطلح‭ ‬رفضا‭ ‬باتا‭ ‬احتراما‭ ‬لقلمي‭ ‬ولنصي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬أقبل‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ملحقا‭ ‬أبدا‭. ‬ما‭ ‬دمت‭ ‬أقدم‭ ‬مثلما‭ ‬يقدم‭ ‬الرجل‭ ‬مواضيع‭ ‬تمس‭ ‬قلب‭ ‬المجتمع‭ ‬والعمق‭ ‬الإنساني‭ ‬وهذا‭ ‬الشرط‭ ‬الأساسي‭ ‬للأدب،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الشرط‭ ‬الإبداعي‭ ‬الجمالي‭ ‬طبعا‭ ‬وربما‭ ‬أغوص‭ ‬في‭ ‬مواضيع‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬الرجل‭ ‬باعتباري‭ ‬أتميز‭ ‬عنه‭ ‬بتجربة‭ ‬الخلق‭ ‬والولادة‭.‬

لكنني‭ ‬أومن‭ ‬بمبدأ‭ ‬الاختلاف‭ ‬كامتداد‭ ‬طبيعي‭ ‬لثنائية‭ ‬الكون‭ ‬القديمة‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬الاستمرار‭ ‬والتنوع‭: ‬مؤنث‭/‬مذكر‭ ‬وأؤمن‭ ‬بالخصوصيات‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬الاستصغار‭ ‬والاستنقاص‭ ‬أبدا‭ ‬وإنما‭ ‬التنوع‭ ‬والإثراء‭ ‬والتلاقح‭ ‬والإخصاب‭. ‬فمن‭ ‬حق‭ ‬القارئ‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬وجهتي‭ ‬نظر‭ ‬مختلفتين‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬أحادية‭. ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬فائدة‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬نسخ‭ ‬كربون‭ ‬من‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬نساء‭ ‬ورجالا‭.‬

‮ ‬الطبيعة‭ ‬حبتنا‭ ‬بالاختلاف‭ ‬والتنوع‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬نبرز‭ ‬هذا‭ ‬التنوع‭ ‬وأن‭ ‬نظهره‭ ‬في‭ ‬كتاباتنا‭ ‬دون‭ ‬خجل‭ ‬من‭ ‬ذواتنا‭. ‬وإن‭ ‬خُلقت‭ ‬امرأة‭ ‬فتلك‭ ‬مصادفة‭ ‬طبيعية‭ ‬جميلة‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬أطمسها‭. ‬فأنا‭ ‬أكره‭ ‬التشبه‭ ‬بالرجال‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أكتب‭ ‬مثل‭ ‬الرجل‭. ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬دائما‭ ‬المثل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭.‬

عندما‭ ‬أكتب‭ ‬أحبّ‭ ‬أن‭ ‬ألامس‭ ‬العمق‭ ‬الإنساني‭ ‬بأناقة‭ ‬أناملي‭ ‬كأنثى‭. ‬والنص‭ ‬عندي‭ ‬هو‭ ‬امتداد‭ ‬لجسدي‭ ‬فأنا‭ ‬أكتب‭ ‬بوهج‭ ‬أنفاسي‭ ‬المتصاعدة‭ ‬من‭ ‬مسام‭ ‬جلدي‭ ‬وأكتب‭ ‬بكل‭ ‬حواسي‭ ‬وعقلي‭ ‬وشراييني‭ ‬وقلبي‭ ‬وتلافيف‭ ‬الفكر‭ ‬ومنعطفات‭ ‬الذاكرة‭ ‬وعمق‭ ‬الوجدان،‭ ‬بكل‭ ‬تفاصيل‭ ‬تلك‭ ‬الذات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشبه‭ ‬ذاتا‭ ‬أخرى‭ ‬أبدا،‭ ‬ككل‭ ‬الكائنات‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬تماما‭. ‬وكذلك‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الرجل‭ ‬أيضا‭. ‬على‭ ‬كل‭ ‬كاتب‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬خصوصيته‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مواقفه‭ ‬ورؤيته‭ ‬للحياة‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬والنص‭ ‬هو‭ ‬ترجمان‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭. ‬والكتابة‭ ‬هي‭ ‬امتداد‭ ‬للفعل‭ ‬الطبيعي‭ ‬الأصيل‭ ‬أو‭ ‬هي‭ ‬صقل‭ ‬الفعل‭ ‬الطبيعي‭ ‬الخام‭.‬

وأنا‭ ‬أحب‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬القارئ‭ ‬تلك‭ ‬اللمسة‭ ‬الأنثوية‭ ‬في‭ ‬كتاباتي‭ ‬ويشمّ‭ ‬رائحة‭ ‬الأنثى‭ ‬في‭ ‬ثنايا‭ ‬سطوري‭ ‬فالكتابة‭ ‬هي‭ ‬عطرنا‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬النهاية‭. ‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.