البطل المأساوي والمدينة الواحة

رواية "حسيبة" حدث روائي عربي
الخميس 2022/09/01
لوحة: أحمد الوعري

رواية حسيبة لخيري الذهبي، حدث متميز في الرواية السورية والعربية، متميزة لتجنبها للكثير من مآزق الرواية العربية، وبسبب اقتحامها لميادين جديدة في التجربة الروائية.

الرواية تدور في دمشق القديمة، ابتداء من عشرينات هذا القرن وحتى خمسيناته، وعالم دمشق عالم مغلق، لم يجرؤ إلا القلائل في الكتابة عنه، وكان ما كتبوه مزيجاً من “الميلودراما” والمذكرات الشخصية.. وهذا أحد أسباب تفرد “حسيبة”. الماضي كخلفية، كقدر لمجتمع متخلف، لا يستطيع التملص منه، والمستقبل كنذير، وبهذا يتحقق شرط مفهوم القدر في المسرح اليوناني. ولكن هذا القدر قدر بشري، وإن تقنع بأقنعة غبية.

وأخيراً – وهذا الأهم – استطاعت هذه الرواية أن تخلق البطل التراجيدي – نعني به حسيبة – الذي يخوض صراعاً مع قدره، لا ينتهي إلا بالدمار الذاتي ( السقوط).

هذا عن تفرّد هذه الرواية، أما سلبيتها الرئيسية فهي تحكم فكرة مسبقة ومتناقضة وغير مقنعة، ولنبدأ بجانبها السلبي.

يقدم لنا المؤلف نظرية طريفة عن المدينة الواحة، الواقعة على طريق القوافل التجارية، ومن خلال ذلك وربما دون أن يقصد، يقدم لنا مفهوماً للزمن والتاريخ.

إن الذين استقروا في تلك الواحات – المدن، أناس نسيتهم الأحلام القديمة، أحلام الغزاة الكبار، والمغامرين الكبار، والعاشقين الكبار، والتجار الكبار، أولئك الذين قذفتهم يوماً فيافي الصحراء العربية، إنهم أحفاد أولئك الذين طردهم جفاف اليمن بعد إخفاق مغامرتهم الكبرى في التغلب على حموضة الصحراء المهاجمة، فتفرقوا واجتازوا الصحارى، تحملهم جمالهم المتعبة، حتى رأوا واحة مسكينة، فرأوا فيها الجنة المنتظرة، وقالوا: سنرتاح قليلاً حتى المحطة القادمة، تلك المحطة التي لن يصلوها فيما بعد أبداً، لأن الكسل والملل والانتظار ما لبث أن سكن دماءهم الفائرة وحاصرتهم الصحراء، وقالوا “نوفر قليلاً نوفر في الفرح، نوفر في الحزن، نوفر في التوق، نوفر في المغامرة”.

وهكذا استسلموا لركود مديد ظاهري، وازدادت هذه الواحات ركوداً عندما تحولت عنها طريق القوافل التجارية، “وفي فترات الانتظار الطويلة، فترات تغير طرق التجارة الكبرى”، يتولد تصميم قديم، “يُلح: لا داعي للتسرع، سترجع القافلة وطرق القوافل والأرباح والغنى قريباً”، لكن الحلم السبئي القديم يستثار عند “هؤلاء الأحفاد الصغار لأولئك المغامرين، والمحاربين، والحالمين والتجار الكبار، “فكانوا يفاجأون حين يسمعون أن واحداً من أبناء جلدتهم قد قرر كسر قيود الواحة والخروج إلى كبد المغامرة، لذلك حين سمع أبومنير وأبوسعيد والشيخ يوسف، نبأ عود صياح المسدي إليهم، حملوه كل شوقهم القديم إلى تلك المغامرات، والرحلات والأحلام التي كانت خبز أجدادهم اليومي، قبل أن يرتاحوا قليلاً في تلك الواحة، فرأوا فيه تحقيق الحلم ونجاز التوق”.

هذه هي النظرية التي يقدمها المؤلف، وهي تأتي في سياق عودة صياح المسدي وابنته حسيبة من اختفائهما في الجبل، بعد أن شاركا في الثورة السورية ضد الفرنسيين، إثر انتهاء الحلم الفيصلي بالاستقلال والوحدة، عادا ليسكنا في بيت قريبهما، حمدان الجوقدار، بعد أن انتهت الثورة، وعندما لم يجدا مكاناً يؤويهما، إن حمدان يرحب بقدومهما لأنهما أثارا عنده، وعند أبناء الواحة الراكدة، الحلم السبئي القديم.

ومن هنا تصبح الثورة السورية – في وجه من وجوهها – تمرداً على الركود الروحي لأهل هذه المدينة/الواحة المسماة دمشق.

المؤلف نفسه، ومنذ البداية، غير مقتنع بهذا التفسير، فصياح انضم للثورة لأنه لم يستطع العمل “مسدياً”. ففابريكات فرنسة وإنكلترا كانت قد استولت على العالم الذي سحب منه صياح إلى السفربرلك.

“وحين انضم صياح المسدي إلى حارس حارات الشام، حسن الخراط، في هوجته في الغوطة، كان يظن أن سيستعيد عالمه القديم الهادئ، حيث يخلو إلى عدته البسيطة، ويسدي الحرير في تلك الدورة النسيجية الطويلة في صناعة الصايات والألاجات والديما .”

وهذا يعني أن الدافع الرئيسي للثورة كان تغيير الهياكل الاقتصادية والاجتماعية، هذا التغيير الذي أدى إلى بطالة العديد من أصحاب الحرف اليدوية، وإلى تغيير موقعهم الاجتماعي.

أليس هذا سبباً مقنعاً للثورة؟

إن هذه النظرية تطرح إشكاليات عديدة، سواء على مستوى النص الروائي، أو على مستوى علم الاجتماع، تطرح على المستوى الروائي انحياز الكاتب إلى القدر الذي لا راد له، وخذلان حسيبة التي واجهت ذلك القدر وتغلبت عليه، يبدو لنا أنه حين يرى المؤلف الحاضر يطيع الماضي، وأن الأموات يحكمون الأحياء، فإن مأساة حسيبة هي أنها لم تخضع لقدرها، بل لقد لبست ملابس الرجال، وعاشت حياتهم حين شاركت في الثورة.

يعني أيضاً أنه كان على خالدية خانم أن ترضى بقدرها، وأن تكون زوجة لرجل تزوّج عليها وهي في سن الثامنة عشرة، وهذا معناه أن تفقد الرواية كل شيء، كل شيء مميز وجميل فيها، وهذه النظرية غير قادرة على سلب ما هو مميز وجميل فيها، لأن تعاطفنا مع حسيبة وخالدية أقوى من كل التنظيرات، إن الماضي، بكل تجلياته كقدر، ينفيه الفعل الدرامي داخل هذه الرواية.

وعلى مستوى علم الاجتماع فإننا نعلم أن المعطيات الاجتماعية والوعي قادران على تبديل الماضي كقدر. قد يبدو الماضي طاغياً ولكنه، عند تأمله بدقة سيتكشف عن قناع للحاضر.

عندما تقرر حسيبة مثلاً أن تقيم مصنعاً للجوارب فإن مجموعة قيم الماضي تصبح مجرد لغة تعبر عن واقع محدد: إنها مهددة بالمجاعة الحقيقية هي وابنتها وحفيدها، وما قامت به ليس استجابة لأرواح الأجداد، بل لخصوبة روحها وجسارتها.

التقنية الروائية

قلنا: إن هذه الرواية مكتوبة بتقنية جديدة على الرواية، هي مزيج من أسلوب الجاحظ في “البيان والتبيين” وإيقاع المسرح اليوناني فماذا نعني بذلك؟

في هذه الرواية لا نجد البنية الروائية المتعارف عليها، نعني بذلك تلك البنية العضوية المنسجمة، حيث تصبح الأجزاء ذات وظيفة محددة: أن تشكل الوحدة الروائية، بهذا لا نستطيع أن نضيف جزءاً آخر إلى الرواية، أو نحذف منها جزءاً، والرواية بذلك تشبه عضوية الكائن، حيث إن بتر عضو وإضافة عضو تؤدي إلى تشوه دائم.

في هذه الرواية نجد خروجاً على مبدأ الوحدة العضوية، فبمجرد أن يفتح حمدان الجوقدار الباب، ليستقبل صياح وابنته حسيبة، نرى المؤلف قد انتقل إلى شرح نظريته عن “الواحة – المدينة”، وعلاقتها بالقوافل القديمة، وهذا يتكرر كثيراً في الرواية، فمن خلال مريم وهي شخصية هامشية في الرواية، يحكي لنا المؤلف تاريخ حياة زوجها، دون أن يكون لذلك أدنى علاقة بالخط الأساسي للرواية.

إنها تقنية الكتابة العربية كما في” البيان والتبيين” و”الكامل” للمبرد، و”الأغاني” للأصفهاني. إن الانتقال في هذه الكتابة من حدث إلى آخر لا يتم عبر تسلسل تاريخي، ولا عبر رباط عضوي بين الأحداث، ولكنه يتم عبر التداعي.

هذا يعني أن هذه التقنية محكومة بالشكل الروائي، فالخروج عن التسلسل الروائي أضفى أبعاداً جديدة على ذلك التسلسل، وأدخلنا في عالم الرجال الذين لم يكن لهم دور كبير في البنية الروائية.

من خلال هذا الخروج على التسلسل عرفنا خالدية وأزواجها، فأصبحت حسيبة بالنسبة إلينا أكثر وضوحاً، لقد أسهم كل هؤلاء الرجال في بناء شخصية حسيبة التي كانت تبني نفسها ضد الغائبين، بمن فيهم الأجداد والأسياد، أي الأرواح المنتقمة.

روح المسرح اليوناني

لوحة: أحمد الوعري
لوحة: أحمد الوعري

تحدثنا عن اقتران هذه التقنية بإيقاع المسرح اليوناني وروحه، وأعني بذلك شيئين:

الأول: تجسيد الظرف الاجتماعي بأرواح غيبية، لها سمات مفهوم القدر في المسرح اليوناني وملامحه، وهذا ما سوف نفصّله بعد قليل، في الحديث عن بناء شخصية حسيبة.

الثاني: دمج وحدات الزمن الثلاث بعضها ببعض، وهذا ما سنتحدث عنه ببعض التفصيل هنا، وسوف أقدم بعض الأمثلة على ذلك.

حين دخل صياح المسدى وابنته إلى بيت حمدان، بعد أن انتهت الثورة، قدم صياح ابنته:

”هذه حسيبة ابنتي”.

اتسعت عينا حمدان دهشة: حسيبة ابنتك؟

نعم كانت معي في الجبل.

بعد سنوات في جلسة صفاء، وكانا جالسين في مقصف قصر شمعايا، يلعبان الطاولة، قال حمدان لحسيبة:

– كانت مفاجأة، مفاجأة صعبة على التصديق أن أراك مكشوفة الوجه، تمشين إلى جانبه في الحارات.

مثال آخر على ذلك هو عرض نظرية المؤلف عن المدن الواحات، لتفسير الاستقبال الحماسي لصياح وحسيبة، بعد عودتهما من الجبل.

والأمثلة كثيرة، فلا داعي لزحم هذه الدراسة بها. فإلى أي شيء يشير استدعاء الأزمنة الثلاثة إلى اللحظة الحاضرة؟ وكيف يخدم الموضوع الأساسي في الرواية، وتعني به صراع الانسان ضد القدر؟

القدر هو أحد احتمالات الحاضر التي يخبئها المستقبل. عندما نغرس هذا الاحتمال في اللحظة المعيشة فإننا نضيف على تلك اللحظة كثافة مأساوية، وبكلمة أدق: جلالاً تراجيدياً.

إن اللحظة الحاضرة تصبح ممراً يعبر به البطل نحو مصيره المأساوي.

إن عظمة ” ماكبث” هو أن مصيره أو قدره كان بالغ الوضوح بالنسبة إليه. إن ما تقوله هذه الحيلة الروائية هو أن المأساة ليست ذلك النتاج “الميلودرامي” لسخرية الأقدار، بل نتاج اختيارنا على الأخص، البطولة تختار المأساة، لا الميلودراما.

 المأساوي البطولي

تنبثق بطولة حسيبة ومأساويتها من كونها أرادت أن تتجاوز قدر المرأة، أن تصوغ حياتها بيديها، وليس بالخضوع للمواصفات الاجتماعية التي صاغها عالم الرجال، أن تكون قيمها نابعة من ذاتها، وليس من عالم الرجال والأسطورة والأجداد. إنها مأساة الفرد الموجّه من الداخل في عالم موجه بالتقاليد، حسب تحديد الأنماط التاريخية الذي يطرحه “ديفيد رايزمان” إنها مأساوية الفلاسفة والعلماء والشعراء، أولئك الذين يسميهم فوكو المجانين الذين لم يستطيعوا أن يموهوا صوتهم بصوت المؤسسات القائمة.

حسيبة تعيش في ظل لعنة وجوهر بطولتها المأساوية أنها تتحدى تلك اللعنة، صامت سبعة أيام واعتكفت ثلاثة، متوقعة أن يأتيها النور من الداخل، وسوف يجعلها منسجمة مع كل المؤسسات، ولكن الضوء لم يهلّ عليها لقد تحدت قدرها وعليها أن تدفع الثمن.

خرجت حسيبة إلى الجبل، ولبست ملابس الرجال، وحملت أسلحتهم، وحاربت إلى جوارهم. إن حمدان الذي تزوجها فيما بعد يقول لها:

”ألم تكوني تخجلين من المشي حاسرة الوجه، تاركة كل هذا الحسن نهباً لتلك العيون النهمة الوقحة الجائعة”.

قالت لترضيه:

”كنا فلاحين على قد حالنا، نعيش في الجبل، ونقاتل الفرنساوي، ولم نكن نفكر في أن الوجه عورة، (وتنهدت قليلاً)، إه الجهل عمى.

وعندما (أصبحت) أنثى وزوجة كان عليها أن تصير تلميذة لخالدية خانم، تتعلم على يديها مهنة الأنوثة وقدرها، وأنوثة مثل تلك التي يطالب بها مجتمعها لا تصاغ بالتعاليم والنصائح، بل تصاغ عبر الخضوع الذي يلازمها منذ الولادة، لهذا أصبحت تعيش أنوثتها بوعي خارج عنها، وعي الفرد الذي كسر التقاليد والمحرمات، وخرج من أطر المؤسسة الاجتماعية.

إنها تعلن فرديتها لخالدية عندما نصحتها بأن تزيل حاجبيها العريضين، وقالت لها: حاجباك حاجبا رجل. فردت: (جئت إلى الحياة هكذا وسأبقى هكذا).

أصبحت هي التي تتخذ القرار: فلتتزوج خالدية صياح، وليصبح صياح شريكاً في الدكان، وهي التي أقنعت زوجها بتخزين المواد التموينية، لأن الحرب قادمة. أضفت على زوجها الدكنجي الصغير، سمات الفرد المتميز المغامر، صاحب المشاريع الكبيرة. تردد ولكنه وافق تحت إلحاحها.

وهكذا فحسيبة هي الفرد الذي لم يكتف بالخروج على تقاليد المؤسسة، بل أراد أن يخضعها لإرادته.

لقد كانت خالدية هي التجربة (البروفة) الأولى للتمرد، البذور الأولى لنشوء الفرد، فعندما اقترن زوجها بزوجة أخرى، وهي ما تزال في الثامنة عشرة من عمرها، أصرت على الطلاق، وحين حاول إعادتها رفضت إلا بتحقيق شرطها، وهو أن يطلق الأخرى.

زوجها الثاني كان بخيلاً فظاً، فطلبت الطلاق منه، أما الثالث فقد أحبته، كانت إمكانية فنانة وعاشقة عظيمة، وبهذا المزاج بنت أسطورته في داخلها، والتزمت بها.

إن هذا التكوين الروحي لخالدية الفنانة المقموعة العاشقة المعطاءة هو الذي خلق تمييزها عن المرأة العادية الراضية بقدرها، وهو الذي جعلها بعد أن تخلى عنها زوجها الثالث، وسلب منها كل ما تملك. تنصرف إلى إقامة عالم من العطور الناعمة والورود.

بدأت بتربية نباتات الزينة، فجلبت الأصص، وأخذت تشتري، وتستعير، وتستهدي، ليتجمع عندها في أقل من سنتين أكبر مجموعة من نباتات الزينة في الحارة، بل ربما في المدينة، فأقامت جنة أرضية، تعبّر عن روحها الحساسة وتوقها إلى الحياة. ولكن فرديتها التي تجلت في الإبداع، والتطريز وإقامة جنة الورود والعطور، كانت سلبية تجاه الرجل، تكتفي بالرفض والانتظار، وفي هذا نكتشف الفارق الأساسي بينها وبين حسيبة.

حسيبة “كانت المرأة الأولى التي استطاعت ترويض حمدان، وبل وربما كانت المرأة الاولى التي روضت رجلاً في الحارة كلها”.

ولكن القدر الاجتماعي كان لحسيبة بالمرصاد، فهنالك مرض غامض قد فتك بكل أبنائها الذكور، ولم يترك إلا الفتاة الجميلة، الرقيقة رقة تمنعها من مواجهة الحياة، ولكنها ترفض قدرها، تقول لخالدية “خالدية خانم يجب أن أعطيه صبياً لن أستسلم أمام إرادة أولئك القساة”.

وكانت تلك هي البداية، إذ توالت معارك حسيبة مع قدرها، ولم تنته إلا بنهايتها، معركتها مع أبيها صياح الذي رفض وصايتها، ومع فياض الشيزري لتحويله إلى دكنجي، ومعركتها مع قوانين السوق حين اشترت الماكينات اليدوية، لصنع الجوارب، وسيطرت على سوقها، ثم هزيمتها، أمام تطور تقنيات السوق حين دخلت المكائن التي تدار بالكهرباء.

إلا أن أقسى معارك حسيبة كانت مع ذاتها، حين أحبت فياض الشيزري كانت معركة رغبات الجسد الجامح، ومع خصوبتها التي تبحث عن منقذ، عن طفل، ومع مجتمعها الذي يرفض زواج المرأة بمن هو أصغر منها سناً، ومعركة مع ابنتها، ومع الرجل الذي تحبه، والذي حاولت قسره على حبها.

ومن هنا نكتشف الفارق بينها وبين خالدية. وقد تحرّر جسدها من سيطرة القيم التي تقمعه، وتحررت طاقاتها الفنية، أطاعت جسدها، واكتفت بذلك، جسدها الذي لا يرتوي كان ممنوحاً، ولم تكن تريد أكثر من ذلك. أما حسيبة فقد كانت تريد أن تمسك العالم بيديها وتعيد صياغته. على العالم أن يطيعها، فلم تكن ترضى بأقل من ذلك. ولأن ظرفها الاجتماعي، قدرها لم يكن يتيح لها ذلك، دمرت نفسها ومن حولها.

سمات حسيبة هي السمات العميقة للثوري، نقيض لنمط باني الحضارة الأوروبية وامتداده في الوقت نفسه، حين يضع الثوري مشروعاً لتغيير العالم فإن على العالم أن يطيع.

أقنعة القدر الاجتماعي

إن أهم ما في هذه الرواية أن الصراع بين الشخصيات ومعطياتها الاجتماعية لم يتم عبر وعي مضاف إليها، بل تم برموز ومعطيات ذلك العصر.

إن هذه الأبنية التي أقيمت، لتقمع كل تمرد ضد الواقع التقليدي، لا بد أن يكون أثرها معيقاً للصراع، وهذا ما قدمته الرواية بامتياز، وهو ما يجعلها تقف كواحدة من الروايات العربية المهمة.

هذه الرواية مهمة في سياق الرواية السورية والعربية، فهي قد قدمت أعمق طرح لقضية المرأة، ومن خلال ذلك

طرحت قضية الإنسان في العالم الثالث.

نشر المقال أول مرة في مجلة “العربي” الكويتية عام 1989

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.