الحرب والتهجير وحياة الملاجئ

الجمعة 2016/04/01
تخطيط: حسين جمعان

ماذا يحدث لو وجدتَ نفسك تخط على الورق دمًا بدل الحبر؟ حتما ستلتفت لدواتك.. وبالطبع عندما تجدها مترعة بذلك اللون الأحمر القاني لإخوانك العرب، سيحتقن قلبك كثيرًا ويتوجّع! وبالمقابل لذلك، لا أدري لو وجدتَ محبرتك قد جفّتْ تمامًا، جرّاء هذا الاستبداد السّياسي والدّيني الطائفي المفتعل.. باختصار إنها خيبة الكاتب وانكساره، أمام هذا الوضع المقرف والمبتذل..

من منطلق أن الكتابة هي وعي الذات بنفسها وإدراكها لما حولها.. فإن الكاتب وفي حدود التضاريس المتاحة له من جغرافيا الورق، وبراميل الحبر غير المذهّب الرخيص طبعًا، فإنه مطالب، باستهجان الوضع أوّلًا، ثم محاولة تماهيه في أشكال الكتابة وأجناسها، أن يخلخل ويخترق العقل الجمعي للمجتمع، مثبتًا استياءه واستهجانه لهذه الحال..

الكاتب كنموذج للمثقف الورقي، يبقى عاجزًا عن تغيير الوضع الراهن.. بل سيجد نفسه مقهورًا، نظرًا للموقف السلبي للسلطة والأنظمة منه، باعتباره العدوّ الموقظ للغفلة الجمعية.. كما قد يجد نفسه في صدام آخر، مع شقيقه المثقف أو الكاتب المطبّل للسلطة.. الحال لا تقف عند هذا التشظي في الموقفية الذاتية للوضع، سيتعدّاه كذلك، إلى انقسام هذا المثقف ذاته، إلى رجعي وتنويري وراديكالي وبراغماتي أو دوغمائي جزمي متحيّز..

إذا كنا قد اعتدنا على حضور ثيمة الحرب والتهجير وحياة الملاجئ، في النص الأدبي الفلسطيني واللبناني، عبر سياقات تاريخية معيّنة، فإننا اليوم، أمام حالة أخرى للكاتب السوري، حيث غدت الحرب بمثابة أحد الإكراهات والمحرّضات، التي غيّرت بوصلة الكتابة لدى عديد الكتّاب السوريين، نظرًا للراهن الذي يستأثر باهتمام هؤلاء الرفاق من الكتّاب.

أمام هذا الأخطبوط القاتل، المشكل من تسلّط الأنظمة وكذا استبداد التطرّف الدّيني الطائفي وجريان هذه الأودية والأنهار من الدّم العربي.. بات على الكاتب، أكثر من أيّ وقت مضى، أن يزيد في ضخّ حبره ومداده، وأن يبري قلمه ويشحذه أكثر.. للوقوف والنضال، من أجل استفاقة الوعي الوطني والقومي للوقوف ضد الاستبداد الدّيني والسّياسي وكذا محاولة تجفيف بؤر الدّم وبركه.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.