الشعر السّرّي

ثلاثة شعراء من ليفربول
الجمعة 2021/01/01

في كتابها: “الشعر اليوم” الصادر الصادر في عام 1961 والذي يغطي المشهد الشعري في بريطانيا بين عامي 1956 – 1960 وصفت إليزابيث جينينغز (Elizabeth Jennings) ذلك المشهد بأنه يتميز ببروز ما أسمته بـ”الشعر السري” المتمرد على الشعر الأكاديمي وعلى شعر المؤسسة الفنية والاجتماعية القائمة. وفي كتابه “الشعر اليوم” الصادر في عام 1973، والذي يغطي المشهد الشعري في بريطانيا بين عامي 1960 – 1937 كتب الشاعر والناقد البريطاني أنتوني ثويت (Anthony Twaite) يقول إن تسمية الشعر السرّي لم يعد لها معنى بعد مضي سنوات معدودة على صدور كتاب جيننغز ذلك أن الشعر الإنجليزي المعاصر قد تسرّب الشعر السرّي فيه إلى ضوء العلانية، وأصبح يسيطر على المشهد الشعري المعاصر. ومن المتعذر استقصاء أسباب ذلك الآن، إلا أن من المؤكد أن هذا التطور أو الانقلاب، قد تميّز ببروز النزعة الغنائية والرومانتيكية كرد فعل على العقلانية والكلاسيكية، وبسيادة روح المراهقة غير المسؤولة والبساطة والنثرية والتجريبية البعيدة عن التكلف والسخرية والبذاءة والفكاهة والضحك البريء والاحتفاء بإيقاع التجارب اليومية. ولا ريب أن هذه العناصر تصدر في معظمها عن تأثر جليّ بشعراء الأغنية الشعبية في بريطانيا وأميركا (Pop Poets). في هذه المختارات التي تمثل ثلاثة شعراء يطلق عليهم اسم “شعراء ليفربول” ويتشابهون في خصائصهم إلى حد كبير، يمكن أن نلمح بعض ملامح المشهد الشعري في بريطانيا حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي. عثرت على هذه المختارات المترجمة بين أوراق ناصلة تعود إلى سبعينات القرن الغارب. كنت طالباً ببريطانيا وقد أتاح ذلك فرصة التعرف على شعراء ليفربول عن كثب. لم أكن منفياً كما لأعتبر نفسي الآن. لم أكن قد قرأت كتاب أدورنو الشهير: “الحد الأخلاقي الأدنى: تأملات في حياة مدمرة”. كنت قلقاً متلعثماً مستكشفاً. وعلى هامش صفحة أولى من أوراقي تظهر عبارة كتبتها قبل عقود: “قصائد يختلط فيها حابل الشعر بنابل الحياة هل تمثل شعر الحقيقة؟”.

ق ص ي د ة ح ل م

في ركنِ مسكني

نَمَتْ شجرةٌ

ش ج ر ة س ع ي د ة

شجرتي

أوراقها في طراوةِ

الجسد البشري

وعصافيرها تغني

أشعاراً لي

وفجأة

تقدم رجلان

بلا تحذير

تقدما بابتسامتين واثقتين

وبفأسين

مصنوعين من أعذار مزورة

فاستأصلاها

ربما

بالأمس

وربما قبل الأمس

أظن أن ذلك حدث قبل أمس.

=========

الخزانة ملأى بجنود المشاة يا أماه

الخزانة ملأى بجنود المشاة يا أماه

لقد توسلتُ إليهم

ولكنهم زمجروا قائلين

إن الحياة للرجال

ثمة دبابة سنتوريون في غرفة الاستقبال

توسلت إلى الضابط،

لكنه ضحك قائلاً إنها “تعليمات جلالة الملكة”

(البيانو لم يكن يوقع ألحان النوتة

على أي حال).

لمِّعي سواركِ الذي تُعرفين به… أماه

ثمة سحابة شكلها كالفطر في الحديقة الخلفية

حاولتُ أن أجلبَ القطَّةَ إلى داخل البيت

لكنها تهشَّمتْ إلى قِطَعٍ في يدي

حاولتُ أن أدهن النوافذَ بالبياض

لكن لم تكن هناك نوافذُ

حاولتُ الاختباء تحت الدرج

لكنني أخفقتُ لأن قادة الدفاع المدني متربصون

حاولت الاتصال بالمصورين

ولكنهم رسموا على قلوبهم علامة الصليب.

***

ذهبتُ باحثاً عن شرطيٍّ ولكن الشرطةَ كانتْ تنهبُ المدينة

ذهبت باحثاً عن عربة، ولكن العربات كانت مقلوبة رأساً على عقب

ذهبت باحثاً عن كاهن ولكن الكهنة كانوا راكعين

أماه لا تضطجعي صامتة هناك

أماه لا تضطجعي صامتة هناك.

============

لوحة حسين جمعان

ثمة شيء مثير للحزن

ثمة شيءٌ مثيرٌ للحزن

في الكأس

عليها آثار أحمر الشفاه

يُدفع بها إلى الخادم بقرف

كفتاة مشقوقة الشفة

لا يريد

أحد

أن

يقبِّل.

================

خل

أحياناً

أحسُّ كأنني كاهنٌ،

واقف في صفّ من يشتري السمك والبطاطا

أفكر بصمتٍ

بينما يضع البائعُ الخل على السمك والبطاطا

كم هو رائعُ

أن أشتري عشاء لرجل وامرأة.

============

من أنتِ

أنتِ مخلب الهرة

في صمت منتصف ليل سمك المرجان

أنتِ الأمواج

تغطي قدميَّ كاللحاف البارد

أنتِ الدبُّ الدُّمية

مطروحاً بجانب حادث اصطدام

أنتِ اليوم الضائع

في حياة قاتل أطفال

أنت شجرة تحت الماء

تتلوى الأسماك من حولها كالأوراق

أنتِ الاخضرار الكتيم

الذي لا يخترق

أنتِ السيف المرهف

الذي قتل أول بريء

أنتِ المرآة العمياء

قبل أن تُحسر الستائر

أنت قطرة الندى على ورقة التويج

قبل أن تجهش الغيوم بالدماء

أنت العشب الآيل للذبول

تحت أقدام الاطفال الراكضين

أنتِ القفاز المطاطيّ

مرتعشاً بيد الجرّاح الهمجية

أنتِ الريح عابرة سلكاً شائكاً

صارخة ضد الحرب

أنت الفراشة

محصورة بين أضلاع تاج شوكي

أنتِ التفاحة المتروكة لمعلم

في غرفة مشبعة بالرطوبة

أنت أوراق عباد الشمس

ترتجف فوق الاشجار الملوحة بالشمس

أنت اللبلاب

تتسلقين على جدراني

أنت المسافةُ

بين هيروشيما وكالفاري

مقاسة بقبلات أم

أنت المسافة

بين الإعلان والعصاب

مقاساً برموز أعضاء التذكير

أنت المسافة

بينك وبيني

مقاسة بالدموع

أنت اللحظة

قبل أن تستحيل كتب الحرب في المكتبة العامة

إلى ضفادع تنق ببذاءات الحرب

أنت اللحظة

قبل أن تستحيل الأبنية أجساداً

وتغمض الجدران عيونها

أنتِ اللحظة

قبل أن يستحيل ركاب الباص أسناناً تمضغ المفتش

لا لسبب إلا لأنه يؤدي واجبه

أنتِ اللحظة

قبل أن تستحيل الزهور بلاستيكاً وتنصهر

في توهج المدن المشتعلة

أنت اللحظة

قبل أن يضع الأعمى نظارته السوداء

أنت اللحظة

قبل أن يستجدي اللاوعي أن يُترك بسلام

أنتِ اللحظة

قبل أن تستحيل الغيوم قطارات

تقذف نحو الشمس

أنت اللحظة

قبل أن يخلع النجم التلفزيوني سرواله

قائلا: انظروا أنا مجرد رجل

أنت اللحظة

قبل أن تعشش النطفة في الرحم

أنت اللحظة

قبل أن تصاب الساعات بالانهيار العصبي

رافضة اللحاق بجنون الإنسان

أنت لحظة الكبرياء

قبل الحبة الخمسين في السبحة.

==============

عند الظهيرة: قصة حب

لل

حين توقف الباص، فجأة، محاذراً دهس أمٍّ وطفلٍ يسيران على الطريق، ارتمت عليَّ الفتاة ذات القبعة الخضراء والجالسة قبالتي. ولما كنت فتى لا يضيع فرصة فقد شرعت بممارسة الحب.

في البداية تمنعت بقولها إن الوقت مبكر، وإنه لم يمض وقت طويل على طعام الإفطار، وإنها تجدني مثيراً للاشمئزاز على أيّ حال.

ولم يلبث ركاب الباص، وكانوا كثيرين، أن ص ع ق وا ود ه ش و/و ا ب ت ه ج وا وا س ت ا ؤ وا/ولكن عندما انتشر الخبر بأن العالم على وشك الدمار عند الظهيرة، وضعوا كبرياءهم في جيوبهم مع تذاكر ركوبهم، وش ر ع وا ي م ا ر س ون ا ل ح ب/ كل منهم مع الآخر.

ف ي ت ل ك ا ل ل ي ل ة، عندما كان الباص عائداً إلى البيت كنا نشعر ببعض الحرج وبخاصة أنا والفتاة ذات القبعة الخضراء، فشرعنا نقول بطرق مختلفة، كم كنّا متسرّعين، وكم كنا حمقى. ولكن بما أنني كنت مجرد فتى، فقد نهضت واقفا وقلت إن العالم، لسوء الحظ، لم يكن على وشك الدمار في كل ظهيرة وأننا نستطيع أن نتظاهر بحدوث ذلك على أيّ حال. ثم حدث ذلك.

وفي اليوم التالي

وفي كل يوم

في كل باص

في كل شارع

في كل مدينة

في كل بلد

يتظاهر الناس أن العالم على وشك الدمار عند الظهيرة. ولكنه لم يتدمر بعد. على الرغم من أنه بطريقة ما قد تدمر.

////////////////////

أدريان هنري 

كآبة ما بعد الكريسماس

نهضتُ صباح اليوم فكان يوم الكريسماس

والعصافير تقول لليل بالغناء وداعاً

رأيتُ الجورب ملقى على الكرسي

فحدقتُ في داخله ولم تكوني هناك

كان هناك

تفاح

برتقال

شوكولا

كولونيا بعد الحلاقة

-ولكن ليس أنتِ

تناولتُ طعام الغداء وكان رائعاً

وكان ثمة حلوى ودجاج والكثير من الشراب

ولكن لم يكن يجلس في مكانك أحد

كانت هناك

شطيرة نعناع

براندي

فستق وزبيب

ولكن ليس أنتِ

أصعد الدرج إلى السرير

أنظر إلى الوسادة

أقول إنني كدت أجهش

فسيكون هناك

خريف

صيف

ربيع

.. شتاء

ولكن ليس أنتِ.

===========

صور من معرض للصور

“عرضت لوحات وتماثيل تغطي عقداً من الزمن 1954 – 1964 في التيت غاليري بلندن”.

لوحة- 73- (فندق الإتوال) لجوزف كورنل

الأعمدة الباردة للفندق/في الليل تكون النجوم في الخارج بالغة البياض/السماء زرقاء دائماً/القمر الفضي ينتظر.

لوحة -84- (ألوان حمراء) لمارك روثكو

أ ح م ر

ب ر ت ق ا ل ي

ب رت ق ا ل ي

ب ر ت ق ا ل ي

أ ح م ر

ق ر م ز ي

أ ح م ر

لوحة -291- (الريح) لروبرت روتشنبرغ

/البرتقالات المطبوعة مرسومة/

/البرتقالات المطبوعة مرسومة/

خط سماء غاضبة ملبدة بالغازات

صقر جاثم يفكر في داخل قوس قزح مرسوم.

لوحة -10- ولوحة -13-

(دراسات في الحج إلى ساحة عامة) لجوزيف ألبيرز

أنظر.

شاهد.

قبل زمن طويل

الآن

لوحة -349- (حمّام أسود) لجيم داين

طرطشات مياه سوداء على الجدران البيضاء.

أفتح البالوعة البيضاء اللامعة

تتدفق الأشعار من الصنابير!

لوحة – 139- (سوبرنوفا) لفكتور فاساريلي

ا ل أ س ود – أ ب ي ض

أ ب ي ض – ا ل أ س ود

ا ل أ ب ي ض – أ س ود

أ س ود – ا ل أ ب ي ض

لوحة -50- (كاتدرائية السماء) للويس نيفلسن

أسود

أسود

أسود

علب

أسود

ضوء

أسود

ضوء القمر

أسود

فراغ

أسود

رماد

أسود

علب

أسود

أسود.

لوحة -247- (انغلسايد) لريتشارد ديبنكورن

أنظر من خلال نافذة السوبرماركت/الهضبة في آخر الطريق ترتفع بانحدار/الماغنوليا تتألق في أشعة الشمس/جدران بيضاء دروب سوداء إشارات مرور/أسيجة داكنة/ألوان واضحة وناصعة كالعلب في داخل سلتك المصنوعة من الأسلاك.

==========

لل

أريد أن أرسم

القسم الأول:

(2000)  طائر ميت مصلوب على لوحة الليل

الافكار التي تكمن في مكان أعمق من أن تذرف لأجلها الدموع

الافكار التي تتحرك

بسرعة (186000) ميل في الثانية

دخول المسيح إلى ليفربول

في عام 1966

تتويج الشاعر روجر ماغاو

لشغل كرسي الشعر في أوكسفورد.

أريد أن أرسم

(50) صورة عارية لماريان فيثفل (1)

كلها مرسومة على الطبيعة.

فتيات من ويلز يقفن أمام شلالات ويلز

لوحة في حجم ساحة البيكاديللي،

مضاءة بالنيون.

أريد أن أرسم

اغتيال الأسرة الملكية بأكلملها

صوراً كبيرة لكل قطعة من رصيف كاننغ ستريت

الخنافس يكتبون نشيداً وطنياً جديداً

بريان باتن (2) يحفر القصائد بمسدس اللهب

على جدران مركب مهجور

كاتدرائية جديدة ارتفاعها خمسون ميلاً

مصنوعة من عجلات عربات الأطفال

علبة سجائر فارغة مغمورة بآثار القبلات.

أريد أن أرسم

صورة مصنوعة من دموع الأطفال قذري الوجوه

في تشاتام ستريت.

أريد أن أرسم

عبارة (أحبك)

أريد أن أرسم

صوراً.

القسم الثاني

أريد أن أرسم

وجوه الموت التاريخية المتزامنة

(1000)  قلب قرمزي

اسمك يحمله سعاة البريد الاشباح

أول أقحوانة ربيعية مصنوعة من البلاستيك

تحشر رأسها عبر علب الصابون في السوبرماركت

صورة للعالم تتوسطينها.

أريد أن أرسم

كل حادث اصطدام على الطريق العام

أريد أن أرسم عبارة:

‘خلخلة منظمة لجميع الحواس)

بحروفٍ سوداء متحركة

وعلى ارتفاع خمسين ميلاً

في سماء ليفربول.

أريد أن أرسم

صوراً يستطيع الأطفال أن يلعبوا عليها لعبة “المربعات والحجر”..

صوراً يمكن أن تستخدم لتخويف محاكمات جرائم القتل

صوراً يمكن أن تستخدم لتخويف الأطفال العفاريت

صوراً يسكنها المتسكعون

صوراً يجدها الأطفال في أكياس هدايا الميلاد

أريد أن أرسم صوراً.

قصيدة على نصب ت.اس. إليوت التذكاري

كنت في الخارج ليلاً قبل أن أرى الصحف أو التلفزيون

وفي اليوم التالي اخبرني أحدهم في مقهى بأنك ميت

كأن عماً مفضلاً بعيداً قد مات

في غرفتي الواسعة هدايا الكريسماس تلمع

لا أدري ما اشعر به

أحصيت عمري بملاعق قهوتك منذ سنين

أشعارك على طاولات غرف السكن المتربة

واسطوانات الفونوغراف في امسيات يناير تعزف

قراءاتك الشعرية بلا انقطاع
نعود القهقرى إلى الأرض اليباب:

مورين أوهارا بثوب واطيء القَصَّةَ

عبر كثبان رايل الرملية

العشاق في حانات ليفربول يلتهمون الباشن فروت

يقرأون الفريد دو فيني في المرحاض

يفتحون بيانو عظيم الحجم

تفوح منه رائحة الكاري الهندي:

مطعم ستار اوف انديا في موقف باص

أمارس الحب في غرفة معتمة

أسمع امراة كهلة تصاب بنوبة على الدرج

أول نثرات الثلج تسقط في بيكاديللي غاردن

بداية الربيع في نرجس الدافديلز البلاستيكي

تظهر على مشارف المدينة

العشاق يتبادلون القبلات

المطر يهطل

الكلاب تعدو

الليل يهبط

روحك تسري بصمت عبر شارع كاننغ في ليل ضبابي ممطر.

للل

بريان باتن 

قصيدة نثر تعرّف نفسها

عندما يكون الشِّعْرُ في مكان عام فإن عليه أن يخلع ثيابه ويلوّح لأقرب شخص أمام البصر، يجب أن يُرى في صحبة اللصوص بدلاً من صحبة الصحافيين والناشرين. وعندما يبصر بالرياضيين (*) فإن عليه أن يفك قيد الجبر من عقولهم ويستبدله بالشعر. وعندما يبصر بالشعراء فإن عليه أن يفك قيد الشعر من عقولهم ويستبدله بالجبر. عليه أن يعشق الأطفال ويسترضيهم بالحكايات الخرافية.. عليه أن ينتظر عودة أصدقائه إلى البيت عامين ثم يذهب إليهم فيجدهم ميتين.

***

عندما تخفق الكهرباء يجب أن يضع نظارات سوداء ويتظاهر بأنها عمياء. يجب أن تقود كل أولئك الذين يشعرون بالأمان إلى منتصف الطريق وتتركهم هناك.

يجب أن يصيح: شر..! شر..! من أعلى سقوف المصارف في العالم، يجب ألا يدعي أنه قيّم مكتبة. يجب أن يكون لطيفاً في عرضه للمتناقضات. يجب أن لا ينشج إلا عندما يكون وحيداً، وبعد أن يكون غطى المرايا وملأ الشقوق.

الشعر يجب أن يبحث عن الأزواج الشاحبين المفعمين بالروح الغنائية ويجول معهم في الإسطبلات، وغرف النوم المهملة والسيارات الخالية من المحركات، مناجل وقت ممتع أخير. يجب أن يدخل المصانع المحترقة متأخراً حيث لا ينقذ أحداً. يجب أن لا يعير انتباهه لاسمه الحقيقي.

الشعر يجب أن يرى مضطجعاً بجانب حوادث الطرق، يهسهس من مواقد غير مشتعلة. يجب أن ينقش سرّ المرأة المصابة بعشق الجنس على اللوح الأسود لمعلمها.. أن يطالعها بقول دافئ: داخل هذا توجد تفاحة صغيرة. الشعر يجب أن يلعب لعبة الحجر والمربعات في الشارع ويبحث عن الفرح في القمامة. وعند الفجر يجب أن يغادر غرفة نوم ويلحق بأول باص ذاهب إلى البيت، عائداً إلى قرينته. وعند الغسق يجب أن يثرثر مع فتاة لا يريدها أحد. يجب أن يُرى واقفاً على حافة ناطحة سحاب، على جسر، مربوطة إلى قلبه قطعة آجر. إنه الوحش المختبئ في غرفة سوداء لطفل. إنه الندبة على وجه رجل جميل. إنه آخر عشبة قطفت من حديقة المدينة.

===========

سيدة الفجر المثمرة

تسير عبر الغرفة وتفتح النوافذ الشاهقة

تفكر: ربما دخل عصفور

يعلمني كيف أغني.

***

تحاول أن تفهم لماذا تعقب (جملة) مؤلفة من القبلات

صورة متجول وحيد عبر (الفواصل).

***

لكنني أستطيع أن أَسْتَكْنِهَ أيّ فجر جاءت منه.

وتحت النوافذ العالية

ترتدي ثوباً أحمرَ تقول إنه أزرق

تقترب من مائدة الفطور كأنها تقترب من عاشق.

***

تريد أن تطعم عصفوري الوردي

تريد أن تكون سيدة الفجر المثمرة.

=====

رأس ب ح ر ي

النوارسُ تقبل الشمس

وأنت تسيرين على الشاطئ

تخافين المدّ والجزر.

***

من جوف البحر الدافئ

يتسلق سرطان بحري ليرى

ما إذا كنا ذهبنا.

لكن الأفواه ما تزال تتحدث

وإذ اكتشفت أن لدي شفتين

أقول لك:

“اضطجعي بصمت

وتمطّي بذراعيك

كأعشاب بحرية ضيقت الريح عليها الخناق”.

خارج الصدفة البحرية

السرطان الرملي يرفع رأسه

ويشتمّ رائحة الريح المالحة.

***

والآن، وأنا جالسٌ خائفاً بصمت،

أراقب الشمس فيما تغيب

أسألك الآن ما اسمك؟

==========

عجيزة النهر

المطر يتكاثر

عبر النهر

متساقطاً على ردف فتاة عارية تسبح

دون إثارة أيّ رذاذ

آوه.. يا له من منظر جميل

أنظر كيف ترتفع الآن

ثم، كالجزيرة

جزيرة وردية تتحرك عبر الماء.

شيء فتي.

في النهر المتدفق من ليونز

ردف عار..

للسابحة الطافية

في الاتجاه المعاكس

للشاطئ.

===========

الأحدب

في التاسعة عشرة كنت الأحدب الكهل

أتسلّقُ المرتفعات الشاهقة

أعدّ العدة للانزلاق إلى الوهاد على حبل ذهبي

وإنقاذ البراءة المتهمة

وفيما كنتُ أنقضُّ إلى الأسفل في يوم من الأيام

ولّتْ البراءة الأدبار

فشدهتُ حتى اصطدمتُ

بجدار كانت تشيّده.

كم هو سخيف أن افكر الآن بأنني قادر على انقاذ شيء!

ككك

 

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.