المختصر

السبت 2018/12/01
لوحة: حسن الساري

العمليات الانتحارية من وجهة نظر أخلاقية

“عمليات انتحارية” كتاب جديد للأنثروبولوجي الأميركي طلال أسد، يتساءل فيه عن سبب اعتبار المجتمعات الغربية تلك العمليات شرا مطلقا والحال أن عدة حروب شهدت من العنف ما يفوق العمليات الإرهابية دون أن يثير ردّ الفعل نفسه، لا سيما الحروب الكولونيالية التي أباحت لنفسها التغاضي عن المواثيق والأعراف الدولية في قتالها ضد “الهمج”.

هل يعزى ذلك إلى مشكلة دينية، إذ اعتاد المحللون القول إن الإرهابي ضحى بحياته من أجل قضية مقدسة، والحال أن التضحية هي مبدأ مسيحي، فيما الإسلام يتحدث عن الشهادة التي تفترض موتا غيرَ عادل، سابقا لأوانه، ولا علاقة له بفكرة قتل الآخر عن طريق قتلِ نفسه.

وفي رأي طلال أسد أن ثمة مبالغة في أهمية الأيديولوجيا الدينية، لأن الجهاد لم يحتل إلا مكانة صغيرة في الفكر الإسلامي عبر التاريخ، إذ كان في ما مضى يدل على الدفاع عن الأرض الإسلامية، ولم يتخذ معنى القتال ضد المشركين إلا حديثا، فيما الموت الإرادي الفظيع إيجابي في نظر المسيحية إذا كان تعبيرا عن ندم وطلب للغفران. والكتاب لا يبرر أي شكل من أشكال العنف، بل يطمح إلى إعمال الرأي بدل ترديد خطب جاهزة تحدد أجوبتنا الأخلاقية عن الإرهاب والحرب والعمليات الانتحارية.

ثورة علوم الإدراك

كتاب

كل الثقافات تقر بأن كوننا مؤلف من كيانات مادية ولامادية، وأن البشر لا يشذون عن هذا التكوين الثنائي، فهم أيضا يتكونون من جسد وذهن. هذا التصور للذات الآدمية، الموروث عن تقليد فلسفي ضارب في القدم، يلعب دورا هاما في إدراك الحياة، والمجتمع، والإرادة الحرة، والألم النفساني، بمن فيها أولئك الذين يتبعون الإلحاد واللاغنوصية.

إلا أن تطور العلوم المعرفية، التي تشمل علم النفس وعلوم الأعصاب والذكاء الاصطناعي والفلسفة، جدد تماما هذا التصور للعلاقة بين الذهن/المخ وبيّن أن تلك الثنائية لا أساس لها، وأننا لسنا سوى نتيجة نشاط معقد للمليارات من الخلايا العصبية.

في كتابه “من الذهن إلى المخ” يحاول تييري ريبول، أستاذ علم النفس الإدراكي بجامعة أيكس مرسيليا، أن يقدم أدوات لفهم التحولات الفلسفية التي جاءت بها علوم الذهن والجدل المعاصر المنجر عنها.

الجهاد بين الماضي والراهن

جديد الباحثة العراقية مريم بن رعد المتخصصة في العلوم السياسية كتاب بعنوان “جهاد: من الأصول الدينية إلى الأيديولوجيا”، بينت فيه أن عبارة “جهاد” دخلت الخطاب العام منذ أحداث 11 سبتمبر، بشكل كاريكاتيري في الغالب، أفقدها معناها الأصلي، إذ صارت تحيل في المخيال الجمعي على مقاتلين مسلمين متشددين يهددون المجتمعات الغربية، وهي رؤية يشترك فيها الأيديولوجيون الجهاديون أنفسهم، أولئك الذين يعتبرون معركتهم ركنا دينيا حقيقيا وتأكيدا هوويّا مطلقا.

وفي رأيها أن استقطاب الإدراك هذا أدى إلى جدل حام بين معادي الإسلام والمدافعين عنه، بعيد كل البعد عن وقائع التاريخ وأصوله. فأي معنى نطلقه على الجهاد حسب المراحل؟ أي رابط بين الجهاد والجهادية؟ من هم الجهاديون؟ ما هي قضايا معركتهم؟ ما هي مختلف حركاتهم؟

ما الذي يوحدهم على الصعيد الأيديولوجي؟ فيم يختلفون؟ ذلك ما يحرص الكتاب على الإجابة عنه، بهدف تحطيم عدة كليشيهات وأحكام مسبقة على خلفية رهان جوهرية لمرحلتنا.

السياسة الخارجية الأميركية على المحكّ

كتاب

كشف انتخاب أوباما ثم ترامب عن فزع الأميركان وتساؤلاتهم، ومثل كلاهما رمزا لأزمة هوية وطنية وإعادة نظر في علاقة الولايات المتحدة بالعالم. فقد عكست عمليتا الاقتراع عمق تحولات بلد- من قزم دبلوماسي في بداية القرن التاسع عشر إلى قوة عظمى في نهاية القرن العشرين- صارت زعامته محل نزاع، لا سيما مع صعود الصين، رغم أن ترامب وكذلك أوباما (وقبلهما واشنطن وولسون وروزفيلت وكينيدي ونيكسون) هما نتاج تاريخ فريد للولايات المتحدة، تاريخ ثلاث عشرة مستعمرة ذات مصير جليّ عملت على غزو قارة ثم على غزو العالم خلال قرابة قرنين.

في كتابها الأخير “الولايات المتحدة والعالم” حرصت مايا كندل المتخصصة في الكونغرس والسياسة الخارجية الأميركية على إبراز الصلة بين الأعمال الخارجية والتطورات الداخلية وتحليل عدد من الأساطير، من بينها الانعزالية، لتقترح قراءة جديدة لتاريخ السياسة الخارجية الأميركية منذ نشأة الولايات المتحدة.

جرائم الاسترقاق

الملايين من البشر انتزعوا من أراضيهم وأقربائهم ليجدوا أنفسهم مغلولين، مكدسين كالحيوانات في قعر البواخر، مرغمين على قطع الغابات والصحارى مشيا على الأقدام، في ظروف لاإنسانية أودت بالكثير منهم إلى الهلاك.

تلك الجريمة الفظيعة التي اجتاحت أفريقيا السوداء اتخذت عدة أوجه طوال قرون، لأن منفذيها ومدبريها يتحدرون من كل الآفاق: من أفريقيا نفسها عن طريق الاسترقاق الداخلي، ومن شتى البقاع الإسلامية عن طريق الاسترقاق الشرقي، ومن أوروبا عبر الاسترقاق الأطلسي.

لفهم ضخامة استرقاق السود وتعقداته التاريخية، وجب رسم خارطته الجغرافية، لتبين مختلف طرق مسالك تجارة العبيد. هذه الأطروحة تقدمها المؤرخة كاترين كوكري فيدروفيتش، وهي من أهم المتخصصين في الشؤون الأفريقية وفي الاستعمار وما بعده، في كتاب بعنوان “طرق تجارة العبيد: تاريخ الاسترقاق الأفريقي من القرن السادس إلى القرن العشرين”، صاغته بأسلوب يجمع إلى صرامة المؤرخ صبغة تعليمية بعيدة عن إثارة الجدل، مستندة في ذلك إلى معرفتها الواسعة كمؤرخة للقارة الأفريقية، وثراء مادة توافرت لديها من سلسلة “طرق تجارة العبيد” وتضم أربعة أفلام وقع بثها في قناة أرتي الفرنسية الألمانية، كانت فيها المستشارة التاريخية، وتدخل خلالها جملة من خيرة المتخصصين من بلدان عديدة. كتاب مرجعي يكشف عن مفاصل منظومة إجرامية بني عليها في جانب كبير عالمنا الراهن.

قتلة الجمهورية

كتاب

انتقامات دولة، جرائم قتل متسلسلة، اغتيالات تحت الطلب، حروب عصابات دامية، تصفية زعماء إرهابيين، استعمال مرتزقة أو مصالح خاصة حليفة أو متغاضية: تلك من أفعال فرنسا، وذلك هو الوجه المظلم لبلد حقوق الإنسان، الذي لا يتورع عن القتل لتصفية حسابات أو للمحافظة على مصالح حيوية بالنسبة إليها، سواء في أفريقيا أو في الشرق الأوسط أو في بقاع أخرى من العالم.

لأجل ذلك، أعدت الإدارة العامة للأمن الخارجي خلية سرية يتدرب أعضاؤها للقيام بعمليات خاصة خارج فرنسا، تتلقى تعليماتها مباشرة من رئيس الدولة. ذلك ما لجأ إليه رؤساء فرنسا كما جاء في كتاب “قتلة الجمهورية: اغتيالات ومهمات خاصة للمخابرات” للصحافي بمجلتي لوفيغارو ماغازين ولكسبريس فنسان نوزيل. من شارل ديغول إلى فرنسوا هولاند، كلهم منحوا “رخصة قتل” للفرق المختصة.

علاقة العنف بالدين في أفريقيا

العلاقة الوثيقة التي يعقدها الدين مع العنف باتت من المواضيع الممجوجة في الجدل العام، مثلما باتت أفريقيا حالة خاصة بعد أن صارت فريسة للجهادية والراديكالية والمسيحية التبشيرية، بيد أن هذه الحقيقة المزعومة تثير أسئلة أكثر مما تقدم أجوبة.

عن أي عنف، وأي ديانات، بل وأي أفريقيا؟ فالحرب في أفريقيا كانت سياسية وليست دينية، وكان هدفها السيطرة على الدولة وخيراتها أكثر من السيطرة على نفوس أهلها، حتى وإن اتخذت هنا وهناك لغة الله.

ومن ثم يعتقد جان فرنسوا بايار الأستاذ بمعهد الدراسات العليا العالمية والتنمية بجنيف في كتابه “العنف والدين في أفريقيا” أن تشابك العنف والدين لا ينبغي تعميمه على كل البلدان، بل ينبغي دراسته حالة بحالة، حيث يبرز عامل سوسيولوجي متحدد ويقصد بها الحركات المسلحة ذات التوجه الديني المتباين، إسلامي ومسيحي، التي تقود تمردات اجتماعية، ولكنها لا تحتل سوى مكانة هامشية في التداخلات بين الرب وقيصر. وفضل الكتاب أنه يسلط على القارة السمراء نظرة جديدة.

سوسيولوجيا الجهاديين الفرنسيين

كتاب

كان من آثار القلق الذي تولد عن الأعمال الإرهابية في فرنسا وعن سفر المئات من الشبان إلى سوريا تدفقُ التحاليل بشكل تخفي كثرتها غيابا شبه كلي لمعطيات واسعة عمن يعتنقون القضية الجهادية.

هذا النقص هو الذي حرص على تداركه لوران بوريلي وفابيان كاريي أستاذا العلوم السياسية بجامعة باريس 8 في كتاب بعنوان “مصنع الراديكالية”، استنادا إلى دراسة ما يزيد على مئة وثلاثين ملفا قضائيا لقُصّر متهمين بجرائم إرهاب أو يشتبه في كونهم راديكاليين، تسمح بمقاربة الطريقة التي تكيف بواسطتها الأوضاع العائلية والعلاقات مع المؤسسات والمسيرة الدراسية والصلات الاجتماعية بالأتراب تَملُّك الأيديولوجيا الجهادية.

ويكشف البحث راديكاليات شتى، من التمرد على الأسرة أو المؤسسات إلى الانخراط لإحلال يوتوبيا سياسية ودينية. وبخلاف الكليشيهات عن “المنحرفين الإرهابيين” يمكن أن يشمل هذا الانخراط شبانا من أسر مستقرة، موهوبين في المدرسة، وبلا سوابق عدلية. وبصورة مربكة يمكن أن تلعب ردود المؤسسات أحيانا دورا في المرور إلى الفعل، ووهم ما يكشف عنه هذا العمل القيّم.

مولد الوجودية

ينطلق الكتاب من لحظة حاسمة، في باريس عام 1932 حين التقى ثلاثة أصدقاء في مقهى شهير بمونبرناس. كان جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار يصغيان إلى ريمون آرون، العائد من برلين، وهو يحدثهما عن فكر جديد بأتم معنى الكلمة اكتشفه، هو الفينومينولوجيا أو علم الظواهر، ثم خاطب سارتر قائلا وهو يشير إلى كوب أمامه “انظر، يمكن أن تتحدث عن هذا الكوكتيل، وتلك فلسفة!”، من هنا، وضع سارتر نظرية فلسفية قائمة على الوجود المعيش الذي سيصبح سان جرمان دو بري رمزا له.

من المقاهي إلى نوادي الجاز، ومن حلقات المثقفين إلى ليالي السهد مع بوريس فيان وجولييت غريكو، سوف تهز الوجودية باريس وتجتاح العالم، من فترة ما بعد الحرب إلى الحركات الطلابية في مايو 1968. بإلمام كبير وأسلوب طريف، تروي الإنكليزية سارا باكويل في كتابها “في المقهى الوجودي: الحرية، الكائن والكوكتيل بالمشمش” الحياة الثقافية في باريس في تلك الفترة، وتعيد إلى الأذهان تيارا مؤسسا لتاريخ الفكر في القرن الماضي، وتحمل قارئها إلى الأجواء المتأججة لباريس الوجودية.

كيف يمكن لشاعر أن ينقذ حياتك

كتاب

“نحن نعيش في مرحلة لا حق فيها للمرء أن يعيش إذا لم يكن كاملا. كل نقص أو ضعف أو هشاشة تبدو مستبعدة، ولكن ثمة طريقة أخرى لكي ينجو: أن يبني، مثلك، أرضا أخرى، أرضا خصبة، أرض ذلك الذي يعرف أنه هشّ… هل يوجد منهج للعيش في سعادة دائمة؟

هل يمكن تعلم حرفة العيش الشاقة يوما بعد يوم إلى حدّ يجعل منها فن الفرح اليومي؟”، تلك أسئلة عادية تشغل كل فرد دون أن تجد لها إجابة نهائية. والحال أن الحل يمكن أن يدركنا، على غير انتظار، بفضل حدث أو شخص. في كتاب “فن الهشاشة. كيف يمكن لشاعر أن ينقذ حياتك”، يروي أكبر شاعر إيطالي حديث أليسّاندرو دافينيا شغفه كقارئ وحساسيته ككاتب ليحملنا في رحلة وجودية إلى قمم الحماس ومهاوي الكآبة ومحن النضج حيث تصطدم التطلعات بالواقع، وتترك مكانها للوفاء لأنفسنا وقبول ضعفنا وهشاشتنا، وتعلم فن ترميم الحياة واكتشاف من نحن، فلعل في ذلك يوجد سرّ السعادة.

القانون والليبرالية والحياة المشتركة

على النسق الذي يسير عليه العالم الليبرالي الجديد، إن لم توجد حركة شعبية مستقلة، قادرة على العمل بشكل متضافر على الصعيد العالمي، فإن اليوم الذي لا يبقى فيه شيء يمكن حمايته من مخالب الذئب في الزريبة البشرية القديمة ليس ببعيد.

هذا ما يطرحه الفيلسوف اليساري جان كلود ميشيا في كتابه الجديد “الذئب في الزريبة”، والحركة الشعبية التي يقصدها هي التي لا تكون خاضعة للهيمنة الأيديولوجية والانتخابية لتلك الحركات “التقدمية” التي لا تدافع إلا عن المصالح الثقافية للطبقات الوسطى الجديدة في مدن العالم الكبرى، أي ما يقل عن 15 بالمئة من مجمل سكان العالم.

ولكن أليس ذلك ما كتبه ماركس نفسه في الفصل الشهير من كتاب “رأس المال” الذي خصصه لـ”يوم عمل”؟ ألم يقل “في اندفاعه الأعمى البالغ فيه، في شرهه إلى العمل المفرط الشبيه بمستذئب، لا يكتفي رأس المال بانتهاك الحدود الأخلاقية وحدها وإنما أيضا الحدود الطبيعية الأكثر تطرفا”. وفي رأي ميشيا أن مثقفي اليسار لم تعد لهم أي تعلة.

ملحمة الصراع ضد الاضطهاد

كتاب

صدرت مؤخرا للروائية البولندية أولغا توكارتشوك رواية “الرّحّل” أو “كتب جاكوب” في الترجمة الفرنسية وهي الرواية التي فازت بجائزة بوكر العالمية للرواية لهذا العام.

وجاكوب فرانك، بطل الرواية، هو هرطقي، وانشقاقي لا يعترف بسلطة الكرسي الرسولي، ويهودي اعتنق الإسلام ثم المسيحية، وخليع، وخارج عن القانون، غنيّ حينا وبائس حينا آخر، فاضل ومرذول، عبر أوروبا الأنوار كفتيل مشتعل لبرميل بارود، ولم يتردد في الزعم بأنه المسيح.

هذا الرجل عدّه بعضهم مارتن لوثر يهوديا، وعدّه آخرون له شخصية متخيلة، بما فيها من جوانب لا يصدقها العقل، ولكن جاكوب هذا لم يكن في الحقيقة سوى رجل بسيط يريد أن يحظى شعبه بالأمن والاحترام والمساواة أمام القانون، ذلك أنه كان ينتمي إلى قبائل رحّل Peregrine (عنوان الرواية الأصلي)، كانت خاضعة لحكم الإمبراطورية الرومانية، تسكن المناطق التي احتلها الرومان، ولكن دون أن يكون لأفرادها حق في المواطنة، ولا في الوضعية القانونية للاتينيين. ملحمة كونية عن الانتماء والتفتح والثقافة والرغبة، تصور مقاومة النساء والغرباء للاضطهاد، وللفكر الجامد، دينيا كان أم فلسفيا.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.