ثورات الاسترداد الحضاري

“العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، والبيان ثُرجمان العلم”(أبوحيان التوحيدي)
الخميس 2019/08/01

الكثير من الأفكار الطوباوية التي أنتجها الفكر الإنساني، والمرتبطة أساسا بأشياء مادية، تحولت بفضل العلم إلى حقيقة ملموسة ذات منفعة للإنسان الذي أخرجها للنور، بينما لازالت كل أفكاره التي حاولت إيجاد مخرج من المأزق الذي يعيشه الإنسان أخلاقيا واجتماعيا ونفسيا وروحيا، حبيسة الكتب والدراسات الجوفاء، لأنها مرتبطة أساسا بطبيعة هذا الإنسان (دولا ومجتمعات) والذي تتنازعه -في الغالب- الأهواء والمنافع المادية على حساب القيم.

 يوتوبيا.. كانت دائما الحلم الذي قض تفكير الفلاسفة وأرّق المنظرين في السياسة، لكن الطريق إلى هذه المدينة الفاضلة يبدو أنه ما يزال بعيدا وشاقا ومتعبا منذ خطا أفلاطون أول خطواته إليها، لأن هذا الحلم تنسفه كل مرة أنانية الإنسان وجنوحه إلى الفردانية وطغيان غرائزه الذاتية، التي باتت لأسباب عدة، تتعاظم على حساب الآخرين.

صحيح أن الوفرة المادية، أشبعت غرائز الإنسان القاعدية، وجعلت عيشه أحسن من أيّ وقت قد مضى، حتى صار مستغرقا في حياة البذخ لا ينظر إلى الأشياء إلا بنظرة مادية صرفة، يرجو منها العائد المادي أو المنفعة فقط، على حساب الروح والجوهر الخالص الذي بداخلها، لكن بالمقابل، فهذه الوفرة جعلت الإنسان، خصوصا في هذا العصر، يعيش في فوضى واضطراب روحي عنيف، حرمه من الصفاء والنقاء الداخلي، ما يجعله في حاجة ملحّة إلى البحث عن المعنى والروح في الأشياء، والعودة إلى الدين النقي الذي يحقق له توازنا وجوديا يجمع بين المادة والروح، أو على الأقل العودة إلى إنسانية الإنسان وفطرته والاحتكام إليها في التعامل مع الآخر.

إن الاستغراق في ثقافة الاستهلاك، التي طبعت الحضارة الإنسانية في العقود الأخيرة، لم تعد مرتبطة فقط بالسلع والخدمات والمأكل والمشرب واللباس، فقد تعدت ذلك إلى مفهوم جديد وخطير هو ثقافة استهلاك البشر، وذلك من خلال الحروب، الفقر والتجويع المُمنهج، الأمراض العضوية والنفسية… الخ.

حضارات متعددة وإنسان مختلف

يلاحظ على حضارة الإنسان الأوروبي والأميركي أنها ذات نزعة فردانية أحادية، قائمة على جلب المنفعة الذاتية للفرد وترك أثر يخلد اسمه وشخصه بعد مماته، من خلال ابتكار جديد أو تأليف كتاب يروي سيرته الذاتية، أو عمل خارق وغير مألوف لم يسبقه إليه أحد.

أما حضارة الإنسان في شرق آسيا، فهي ذات نزعة اجتماعية، قائمة على ابتكار كل الطرق والوسائل التي بإمكانها إفادة المجتمع بأسره وجلب المنافع للجميع، فكل فرد في سياق هذا المفهوم، هو قطعة من نسيج كبير لا يمكن فصله عنه.

من بين أخطر الأسلحة التي يصوبها أعداؤنا لاستهداف عقيدتنا ولجم أيّ محاولة للتنوير، تتفيه العلماء وأصحاب العقول المنتجة للأفكار، وزرع الشك في علمهم وأهليتهم وجديتهم

أما حضارتنا في الوقت الراهن، إن جاز تسميتها كذلك، فهي لا تخرج عن كونها في مخيال الناس، حضارة مادية مبنية على استهلاك ما ينتجه الآخرون الذين سبق ذكرهم، ثم التحامل عليهم بصب طوفان من الانتقادات على منتوجاتهم مع تتبع عيوبها ومثالبها دون أن تكون لنا القدرة على الإتيان بجديد أو ابتكار يضاهي ما وصل إليه الآخرون، وإما أنها حضارة قائمة على إرسال الناس إلى الآخرة وإلغائهم من الوجود، مع أن
حضارتنا الحقة في جوهرها، كما كانت في القرون الأولى، حضارة عالمية، حضارة بناء وعلم ورسالة إنسانية ترى إنقاذ العالم من مظاهر الجور والتفاوت الطبقي وغياب الكرامة، واجبا مقدسا منوطا بكل واحد منا، في إطار الرحمة والرفق والدعوة بالتي هي أحسن.

في وقتنا الراهن، تتوافر طرق تحصيل المعرفة بغزارة وإلى حد التخمة، مقابل عزوف الناس عن امتلاك ناصية العلوم، وشح إنتاجات الأمة المعرفية وإسهاماتها الحضارية، بخلاف ما كان في أزمنة سابقة، أين انكبّ أجدادنا على تحصيل العلوم والمعارف والآداب، في ظروف صعبة للغاية لا تتوفر حتى على قدر كاف من الكتب أو وسائل التعليم وهياكله، لكن تلك الأجيال أنتجت عباقرة وأخرجت عقولا عظيمة تركت بصماتها واضحة في العلوم والآداب، من خلال مصنفاتها الغزيرة ومبتكراتها واكتشافاتها التي لا ينكرها إلا جاحد، مما يوحي بأن هناك شبه علاقة عكسية في تعاطي الأمة مع التراكم المعرفي، فكلما زاد العلم وانتشر وصار تحصيله سهلا، كلما قلت الهمة في اكتسابه وتقلص الإنتاج المعرفي إلى درجة العوز المزمن، حتى يمكن القول بأن الأكاديميا العربية فشلت في إيجاد جناحين لعقل الإنسان العربي، لتخرجه من دائرة تقليد النظريات الغربية القديمة، التي يحسن اجترارها، والتحليق به، بدلا عن ذلك، في سماوات الإبداع الموصولة بحياة الناس وواقعهم.

العقل والإيمان

لأن الله أعلى من شأن العقل، الذي ميز به الإنسان عن بقية خلقه، فقد رتب كل ما في هذا الكون وفقا لقوانين علمية، حتى يُعمل الإنسان عقله فيدركها ويفقهها، وليكتشف من خلالها ربه فيعبده عن بينة ويقين، وليس على حرف كما يفعل الكثيرون، في حين ترك الكثير من الظواهر والآيات التي يعجز الإنسان عن تفسيرها مهما تطور فكره وغزرت علومه، ليتفرد سبحانه بصفة العليم، وليعلم الإنسان عظمة مولاه الذي أحاط بكل شيء علما، وأن الإنسان “ما أوتي من العلم إلا قليلا”.

تشير الإحصائيات المختلفة عن الذين يدخلون الإسلام في الوقت الراهن، بأن الكثيرين منهم من العلماء والباحثين الذين عرفوا الله من خلال العلم، واعتنقوا الإسلام من خلال معجزاته العلمية التي جاء بها منذ 14 قرنا في القرآن والسنة، فتمسكوا بإيمانهم وعاشوا على منهاج سليم، لم تغيرهم تقلبات الأزمنة ولا تصريفات الأقدار.

اليوم يجري تتفيه العلم في منصات الميديا الجديدة أيضا، فلا يغيب علينا أن المادة العلمية العربية على مواقع التواصل الاجتماعي فقيرة جدا، وإسهامات نشرها وتبادلها محتشمة كثيرا

يقول العلماء، أنه حتى المعجزات التي أيد الله بها أنبياءه، ما هي في الأصل سوى قوانين علمية وفيزيائية وضعها الله في المعجزات “الظواهر”، التي قصر عقل إنسان تلك الأزمنة عن إدراكها، وتركها المولى عز وجل لإنسان آخر يأتي في زمان آخر ليكتشفها عن طريق عقله، فهو لم يرها عيانا ولم يشاهد المعجزة تتحقق أمامه، فكان أن وضع الله قانونا فيزيائيا أو طبيا يفسر للإنسان المتأخر هذه المعجزة التي حدثت في زمن ليس فيه علم ولا تطور للفكر الإنساني، فيؤمن ويعرف عظمة الإله الذي يجب أن يعبده، لذلك قال عز وجل “إنما يخشى الله من عباده العلماء”.

الذي يدعو للأسف، أن الأمم الأخرى في طريقها لاستعمار الفضاء، أما نحن فنستعمر بعضنا البعض بفكر إقصائي متطرف، ومنا من لا يؤمن بأن الإنسان نزل على سطح القمر على الإطلاق.

والمؤسف أيضا، أن الآخرين يستخدمون التكنولوجيا لتحسين عيشهم وتطوير واقعهم، أما عندنا فتُستَخدَم التكنولوجيا غالبا في أمور تافهة ولا معنى لها، بل وفينا من ينتقد مثلا شكل السيارة وآلية عملها، أو الهاتف وتطبيقاته ويعيبها كأنه هو من اخترعهما، ومجتمعه غير قادر حتى على صنع إبرة خياطة.

المؤسف، وهي حقيقة مؤلمة، أن مجتمعاتنا تعاني عقدة “الأنا المتضخم” رغم أنها لازالت لا شيء.

استيراد السلاح لا يعني استيراد العقل

هناك نية مقصودة لكتم صوت العقل وحجب أنواره داخل مجتمعاتنا العربية، وأطراف عديدة تعمل من أجل التمكين للجهل وتفشيه بين الناس.
تبدأ القصة من رجال دين يحرّفون الكلم عن مواضعه، و يخدرون عقول الناس لخدمة أهدافهم ومصالحهم، مرورا بالحكام الذين يعلّمون الشعب ما يضمن لهم البقاء على كراسيهم، وانتهاء بالأعداء الذين يتكالبون على الأمة ويفرضون على رجال الدين والحكام تغيير المناهج الدراسية، والإبقاء فقط على بعض شذرات العلوم القديمة بمختلف تخصصاتها، وهذا الغرض لا يستهدف العلوم الشرعية فقط، بل حتى علوم الفيزياء والكيمياء مثلا استهدفوها، فأوصوا بحذف المقررات التي لها علاقة بعلوم الذرة حتى تبقى الأجيال جاهلة بهذه العلوم، ولا يكون باستطاعتها مستقبلا التفكير في اختراع أسلحة نووية مثلا.

منطق ساذج ذاك الذي يضع استراتيجية قائمة على استيراد التكنولوجيا دون إنتاجها، خصوصا العسكرية منها، ويعتقد أن تعلم استخدامها هو أساس آمن يمنح بعضا من القوة والهيبة، وأن تراكم الأسلحة ومظاهر العسكرة بمثابة انعكاس صريح لقوة الردع التي يمتلكها أيّ جيش في العالم.
هذا المنطق، سارت على نهجه معظم الجيوش العربية، وصرفت من خلاله مليارات الدولارات على صفقات التسليح، على حساب قوت شعوبها ومراكز إنتاج المعرفة، وفي النهاية، للأسف، انهارت سريعا أمام قوى ثورية أو جماعات تعتمد على حرب العصابات، لا ترقى إلى درجة الجيوش النظامية التي لا تكافأ معها من حيث القوة والتجهيز العسكري.
من أعلى درجات الغباء أن نعتقد بأن شراء طائرة “إف 16″، أو مدرعة “هامفي”، يمكنها منحنا شعورا بالأمان والقوة، وواهم من يظن بأن الدول الأخرى المصنعة للتكنولوجيا العسكرية تبيعنا أسلحة لنحاربها بها، إلا إذا كانت تمتلك تكنولوجيا أكثر تطورا تفوق الأسلحة المباعة من حيث الفعالية والقوة التدميرية، أو حتى برامج يمكنها تعطيل فعالية هذه الأسلحة، كما هو حاصل مع أميركا التي تبيع طائرات “إف 16” بينما تمتلك من جهة أخرى القدرة على تعطيلها عن طريق “الساتل”، أو حتى المدرعات التي لا تخترقها القذائف المضادة للدروع، بينما تحوز هي على مضادات أكثر فتكا.

الجدران الميتافيزيقية السميكة، التي بناها “الكهنوت”و “حراس المعبد” داخل عقول الناس، ستهدم بمعاول الوعي والعلم والإيمان بأن زمن الوصاية الفكرية وصكوك الغفران انتهى عهده

يجهل الكثيرون بأن النظريات العلمية الجديدة والمخترعات الحديثة والمطوّرة، لا تصلنا إلا بعد عقود من استغلالها وإنتاج نظريات ومبتكرات أكثر تطورا وجِدّة، ففي الوقت الذي نستخدم فيه ابتكارات يتم استيرادها بملايين الدولارات، يكون الغرب بصدد استخدام جيل جديد ومطور من تلك المخترعات والنظريات، أي أننا نستخدم ما عفا عليه الزمن وتقادم عهده.
أكثر فظاعة من ذلك، جرت عمليات تصفية كثيرة للعلماء العرب، بالخصوص النوابغ منهم في حقول العلوم والتقنيات الحديثة، وتكون البداية من استمالتهم للعمل في مختبرات بلدان أوروبا وأميركا وحتى إسرائيل، وعند الرفض تكون لهم نهاية مأساوية، كما حدث لعلماء عراقيين أثناء الغزو وبعده، فقد تمت تصفية الكثير من دكاترة الجامعة والمختصين في علوم الذرة، ولأهميتهم وعلمهم، شكل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي “موساد” فرقة خاصة من الكومندوس لاغتيال العلماء العراقيين إبان الاحتلال الأميركي.

الحرب الإعلامية على تخوم العلم

من بين أخطر الأسلحة التي يصوبها أعداؤنا لاستهداف عقيدتنا ولجم أيّ محاولة للتنوير، تتفيه العلماء وأصحاب العقول المنتجة للأفكار، وزرع الشك في علمهم وأهليتهم وجديتهم، حتى تُنزع الثقة الدينية والعلمية (العلوم بمختلف أنواعها) منهم، واستبعاد اعتبارهم كقدوة لأفراد المجتمع، ليسهل بذلك تمرير نماذج أخرى جاهزة لتسميم العقول وإغراق المجتمع في الميوعة.

العفن الفكري والأدبي قد يتحول بقدرة الإعلام، إلى إبداع قل نظيره، يتهافت عليه القراء بشراهة بفضل التركيز والحملات الترويجية التي تطرق العقول والعواطف، والهدف صناعة نجوم وقدوات وتقديمها للجمهور على أنها شخصيات كبيرة ومثقفة ومتعلمة ومتنورة، ليتبعها الناس ويقتفون آثارها وأقوالها ومواقفها، ويسهل بذلك جرها نحو الغايات التي يريدونها، والتاريخ يزخر بالكثير من الأدباء والمثقفين الذين ذاع صيتهم بفضل الإعلام قبل أن يتضح أنهم لم ينتجوا لا أدبا ولا فكرا، وإنما أنتجوا عفنا لا يليق بذي لب أن يقرأه أو يقتفي أثر كاتبه، بل أكثر من ذلك بكثير، فقد اتضح أن بعض هؤلاء ما هم في الحقيقة سوى صناعة مخابراتية  داخلية أو خارجية.

واليوم يجري تتفيه العلم في منصات الميديا الجديدة أيضا، فلا يغيب علينا أن المادة العلمية العربية على مواقع التواصل الاجتماعي فقيرة جدا، وإسهامات نشرها وتبادلها محتشمة كثيرا لدى رواد هذه المواقع، وهي بحق، دليل آخر على إفلاسنا الحضاري والعلمي، ومؤشر حقيقي على غياب الاهتمام بالمعارف والعلوم والتقنيات الحديثة التي تصنع الفارق بين الأمم، فالمهندس والطبيب والكيميائي والفيزيائي العربي، مشغول بالسياسة ونشر آرائه في الأحداث التي تقع هنا وهناك، غافلا عن دور تنويري مهم يمكن أن يسهم فيه، من خلال نشر مادة علمية مبسطة دانية القطوف للأفهام والعقول اليافعة، ففي اعتقادي هذه طريقة مهمة لنشر الوعي المعرفي والثقافة العلمية في نفوس أبناء الأمة.

نحن فعلا بحاجة لإعلام قيمي نقي يراعي ثوابتنا وقيمنا، يحترم عقولنا ويراعي مشاعرنا، ليس كالإعلام الموجود حاليا، الذي بات خنجرا مسموما مغروسا في قلب الأمة، يشوه الحقائق، يُتفّه العقل ويسطّح الوعي، قائم على الترفيه البليد العبثي، والتقليد الأعمى للبرامج الغربية.

إن الجدران الميتافيزيقية السميكة، التي بناها “الكهنوت”و “حراس المعبد” داخل عقول الناس، ستهدم بمعاول الوعي والعلم والإيمان بأن زمن الوصاية الفكرية وصكوك الغفران انتهى عهده، وحدها عقيدة التفكير والعمل والاتكال على النفس وعدم الاستسلام للظروف وأغلال الاستعباد، من باستطاعتها نقلنا من حال إلى حال أخرى، وحدها من بإمكانها أن تساعدنا على إعمار الأرض، وأن تفتح لنا نافذة حقيقة نحو السماء.

علموا أبناءكم الفلسفة

خلصت دراسة بريطانية إلى أن الأطفال الوافدين من مختلف البلدان التي تعاني من صراعات، تحسن مستواهم الدراسي وأحرزوا علامات ممتازة في الرياضيات، بعدما تلقوا تعليما جيدا في الفلسفة.
ولا يقتصر دور الفلسفة في حصد النقاط فقط، فالفلسفة التي تعاني في المجتمعات العربية والإسلامية من نظرة قاصرة تشوبها في الغالب تهم الإلحاد والزندقة، تعلمنا كيف نُقَلّب الحقائق ونمحصها حتى نخلص إلى الحقيقة الأكثر صدقا، وتعزز تفكيرنا حتى يعود بالإمكان معرفة الصحيح والخطأ في مختلف ما يطرأ علينا من قضايا، وتدعو إلى الفضيلة والأخلاق داخل المجتمعات، تماما مثلما تدعو إليه الشرائع، إنها بحق تحفزنا لكسر الجمود والتخلف الذي لحق بنا مباشرة بعد تخلينا عنها لفائدة سلطة الكهنوت، فقد ارتبطت الفلسفة قبل ذلك بالتطور العلمي الكبير الذي عرفه المسلمون، خصوصا في الأندلس التي نادرا ما وجد فيها عالم لا يتفلسف، أو فيلسوفا غير عالم.

الإدمان على طرح الأسئلة يوقظ العقول ويحفزها، ويمنحها مناعة ضد الهجمات الفكرية، بل ويمكنها من اكتساب وعي ونظرة شاملة عن الأحداث الحقيقية والمفبركة

الإدمان على طرح الأسئلة يوقظ العقول ويحفزها، ويمنحها مناعة ضد الهجمات الفكرية، بل ويمكنها من اكتساب وعي ونظرة شاملة عن الأحداث الحقيقية والمفبركة، لكن للأسف، فقد صارت مجتمعاتنا غير مهتمة بتعليم أبنائها تقنيات التساؤل، ولا تعمل إطلاقا على نشر كتب الفلسفة والفكر النقدي، في مقابل اللهفة المحمومة على النشر والإقبال على كتب الطبخ والطبيخ وتفسير الأحلام، حتى يقول القائل بأن هذه الأمة أمة فقط تأكل لتنام وتحلم، هذه أسمى غاياتها وأهدافها في الحياة، مما جعلها أمة منقادة تسيرها الأمم الأخرى بـ”الريموت كنترول “

يقول أهل الفلسفة “إن الفلسفة تبدأ عندما ينتهي العلم، والعلم يبدأ عندما تنتهي الفلسفة”، انتهى زمن الفلسفة عندنا منذ سقوط الأندلس، ووصل العلم في الغرب إلى حدود خيالية لا يتصورها عقل الإنسان، وطغى سلطانه على كل شيء في حياته، فهل هو الوقت المناسب لنا لتبدأ ماكينة الفلسفة بالعمل لإيجاد حلول لمأزق الإنسان في العالم، وإخراجنا، كعرب ومسلمين، من تخلفنا العلمي المزمن؟

على الشعوب العربية أن تدرك أن الحرب اليوم ساحتها الفكر والعقل، فمن يمتلك فكرا يرتكز على المنطق وإنتاج المعرفة، وعقلا ناقدا لا يأخذ بظواهر الأشياء فقط، يصبح سيدا تنقاد له جميع الشعوب بكبسة زر، كما أن الذي يمتلكهما يكون عصيا على الانقياد، صعبا على الاستعمار.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.