سؤال‭ ‬مربك

الخميس 2015/10/01

وسط هذا الإرباك الدموي، وهذا الامتهان الصادم للإنسانية، التي تدعي بأنها تمر في الوقت الحاضر، في أرقى مراحل تطورها، كيف يعمل الشاعر وأيّ نوع من الشعر يصلح كرد أو كبديل؟

إنه سؤال مربك طالما عاش معي بكامل طاقته المرعبة، وكل قصيدة كتبتها كانت بظني أنها تحايل عليه أو تهرّب من الإجابة على ذلك السؤال‭.‬

ولكن ظني لم يكن في محله، فقد اكتشفت أن كل قصيدة كتبتها كانت بمثابة جواب لهذا السؤال المربك والمتشعب!

مثلا في الجو الملتبس الذي يعيشه العراق حاولت أن لا أنجرّ قدر إمكاني في كتابة قصائد وطنية ما دامت الوطنية نفسها كمفهوم وممارسة وحياة قد دخلت في التباسات عميقة‭.‬

كنت أعي ذلك الفخ‭.‬ وكان عليّ الدوران حوله‭.‬ كنت أدرك أن النجاة منه لا تعني تخطّيه، فمسألة تخطّيه مهمة أخرى، مهمة غير شعرية‭.‬

أنا كشاعر عليّ أن أنجو منه وأشير إليه! عليّ أن أبحث عن مصادر أخرى مليئة بالوعي والجمال والحريّة‭.‬ عليّ أن أعثر على اختلافي‭..‬ فهو الوحيد الذي يصلح كرد على كل ذلك الخراب‭.‬

أميل بشدة إلى التعريف الرائع للشعر من قبل الشاعر العظيم أكتافيو باث، الذي يقول إن “الشعر هو فن تنظيم أحزان العالم”‭.‬

أعتقد أن التنظيم الذي يقصده باث هو السخرية، ولا أدري إلى أيّ مدى ستكون مقبولة هذه السخرية وسط تلك المأساة‭.‬

الإجابة على هذا السؤال، لا تخطر في ذهني ولا يمكن أن أمتلكها في يوم من الأيام! ولا يمكن أن تكون حاضرة في الكتابة‭.‬ فكتابة الشعر هي تلقائية الوعي وعدم الاستعداد لأيّ شرط‭..‬ إنها الحرية‭.‬

لا تنبغي الكتابة عن الألم بالدموع ولا عن الانكسار بالهزيمة، ولا عن الموت بكلمات العزاء المؤثرة، ينبغي على الشعر أن يرفس هذا كله ويتغير لكي يبقى ويقاوم حصاره العنيد الذي يضربه حول نفسه‭.‬

يجب على الشعر أن يرد ببساطة ووعي، فالقصيدة ليست وصفا لحالة‭.‬ إنها هي حالة مستقلة، تشبه تأملا فلسفيا عميقا، لكنه بسيط ومدهش ومختلف‭..‬ يقول كل شيء بسلاسة ووعي‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.