صورة المراهق في السرد العربي

تمثل مرحلة المراهقة في حياة الإنسان ما يمكن أن نسميه بنقطة العبور من مرحلة الطفولة والبراءة الخام والوعي القاصر إلى آفاق أرحب من التعرف على الجسد والعالم والحياة من خلال الذات التي تتفتح براعمها الوجودية بإدراكها “السؤال”، إنها البداية في استكناه المعرفة والتعرف على الأشياء والإحساس بها بشكل مختلف.
الأحد 2018/07/01
لوحة: فادي يازجي

تلك المرحلة التي تتحول فيها الطفولة بانسيابيتها ووداعتها ونعومة اتصالها بالعالم إلى جموح المراهقة والتمرد؛ إنها المرحلة الحرجة في عمر الإنسان ونقطة الارتكاز في تكوينه ومسار حياته إلى آخر عمره؛ لا تمر مرحلة المراهقة من دون أن تترك علامات غائرة في نفوس كل عابريها، قد لا تنمحي آثارها مدى الحياة.

وشأن كل قيمة أو تيمة في حياة الإنسان؛ لم يخل الأدب عبر تاريخه وخاصة في القرنين الأخيرين (الرواية والقصة بالأخص) من معالجة موضوع المراهقة وشخصية المراهق؛ وركز الكتاب اهتمامهم على نقطة العبور والانتقال من الطفولة إلى المراهقة باعتبارها المعبر الجوهري في تكوين الإنسان؛ وتتبع روح البراءة وما سيطرأ عليها من تحول، بقاء، ضمور.. إلخ.

ستتجلى تيمة “المراهقة” و”المراهق” في أعمال من عينة «المراهق» لدويستوفيسكي، و«المراهقان» للكاتب الإيطالي الأشهر ألبرتو مورافيا، ومثل لوليتا نابوكوف التي احتلت موقعها بما قدمته من تحليل فائق الرهافة والدقة لوضعية الفتاة المراهقة التي تقع بين براثن كهل أربعيني تخايله النزوة وتطارده أفكار عنيفة حول رغبات الذات واصطدامها بالمجتمع وأعرافه وتقاليده “المنافقة”.

أيضا، كانت قضايا المراهقين وسلوكياتهم ودوافعهم الاجتماعية والإنسانية محل اهتمام الكتاب والروائيين الأميركيين؛ وعلى رأسهم مارك توين الذي جعل من الصبية المراهقين أبطالا لرواياته، خاصة في عمليه الشهيرين «توم سوير» و«مغامرات هكلبري فَن».

كما قدم الروائي هنري جيمس رؤية تحليلية تفصيلية لشخصية الفتاة المراهقة في أميركا في عمله «السن الحرجة»؛ مبرزا اختلاف “المراهق” الأميركي عن نظيره في أي مكان في العالم، حتى عن المراهق في البلاد ذات الحضارات العريقة لأنه يتصرف بحرية وتلقائية أكبر!

من أشهر النماذج الروائية الأميركية التي عالجت شخصية “المراهق” بما تتسم به من عفوية وتلقائية وبراءة واندفاع، روايتا «هكلبري فن» لمارك توين و«حصاد الهشيم» (اشتهرت في اللغة العربية بالترجمة التي أنجزها غالب هلسا بعنوان «الحارس في حقل الشوفان») لـ ج.د.سالينجر التي كتبها بعد “هكلبري فن» بحوالي قرن.

في هاتين الروايتين سنجد أن روح البراءة تسود كلتا الروايتين؛ فالبطل في كلتيهما “مراهق” يتحرك بحرية وعفوية أمام بانوراما عريضة من المجتمع الأميركي؛ يملأ الحياة بالسخرية والضحكات ونقد المجتمع. ويزخر كل منظر بالجدة والانطلاق والمناظر الطبيعية البعيدة عن تعقيدات الحياة في المدن، بل إن كلا من مارك توين وسالينجر حرِصَا على منح الراوي في الرواية لمراهق صغير يستطيع أن ينظر إلى المجتمع والعالم نظرة تخالف النظرة التقليدية التي كتبت بها الروايات السابقة وخاصة في أوروبا.

بطل رواية «الحارس في حقل الشوفان» لسالينجر هو المراهق هولدن كولفيلد، ذو السبعة عشر عاما، يزدري مجتمعه ويرى أن الأفراد جميعا غارقون في نوع من الزيف والغباء. يَتعرض هولدن كولفيلد للطرد من مدرسة بنسي الداخلية، بسبب رسوبه في كل المواد عدا الإنكليزية. هكذا تبدأ الرواية، حيث يمر هولدن عبر مجموعة من المواقف التي تعطي فكرة عامة عن أفكاره. فيلتقي بعدد من الأفراد، منهم مدرس التاريخ المسن، فتيات وفتيان في مثل عمره. ومُدرس الإنكليزية الشاب الذي درّسه سابقا، كل هذا بعد تركه مدرسة بنسي قبل الموعد المسموح له بعدة أيام، حيث يقيم بفندق متحاشيا لقاء والديه قبل معرفتهما بنبأ طرده من المدرسة.

المراهق في القصة والرواية “العربية”

في الأدب العربي، تبدو شخصية “المراهق” حاضرة بصورة لافتة للدرجة التي يمكن الزعم معها بأن النسبة الغالبة من الأعمال القصصية والروائية “المعتبرة” لا تخلو من حضور تيمة “المراهقة” و”المراهق” بصورة ما؛ إما كمرحلة عبور عمرية تمثل جزءا حيويا ورئيسيا من تطور الشخصيات المكونة لهذه الأعمال، وإما كشخصية بذاتها تجسد “نموذج المراهق” كنمط روائي له حيثياته وسماته وملامحه النفسية والثقافية والاجتماعية.. إلخ. وسيعيينا الحصر وتتسع الرقعة حال تورطنا في الإحصاء وضرب الأمثلة؛ لكن تكفي الإشارة الدالة واللمحة الموجزة المختصرة.

يحضر المراهق بتنويعاته في القصة القصيرة والرواية العربية، خاصة في أعمال كبار الكتاب من أجيال مختلفة؛ في القصة القصيرة سنجد حضورا بارزا لشخصية “المراهق” كما رسمه وصوره أحد أعلامها الكبار منتصف خمسينات القرن الماضي محمود البدوي، ومن سبقه وتلاه من كتاب مثل عبدالرحمن الشرقاوي، يوسف إدريس، سعد مكاوي وعبدالحكيم قاسم. سيظهر المراهق بكثرة لافتة في أغلب الأعمال التي تعرضت للريف أو عالجت جانبا أو أكثر من شخصية الفلاح وحياة الفلاحين والأرض (مثالا: «الأرض» و«الفلاح» لعبدالرحمن الشرقاوي، و«أيام الإنسان السبعة» لعبدالحكيم قاسم، و«أصوات» لسليمان فياض، و«الرجل والطريق» لسعد مكاوي).

نمط “المراهق” في «قنديل أم هاشم»

في روايته القصيرة الماكرة «قنديل أم هاشم» (صدرت للمرة الأولى في سلسلة اقرأ عام 1944)، يتوقف حقي وقفات متمهلة أمام مرحلة المراهقة بعلاماتها الفسيولوجية والنفسية والروحية؛ فوران الجسد، وتفتح الحواس، والانشغال بالذات وجوديا عما سواها. ستمثل هذه المرحلة عنصرا تكوينيا رئيسيا في مسار الشخصية الرئيسية في الرواية؛ إسماعيل ابن السيدة زينب الذي سيبهر أساتذته الأجانب بنبوغه في طب العيون.

من أهم ميزات هذه الرواية القصيرة هو ذلك الطابع المحلي الشعبي الذي طبعها وحدد معالمها، وكان حقي مرهفا وهو يصور تلك الأجواء الإيمانية والروحانية التي تظلل حي السيدة زينب العريق، ستكون تلك الخلفية المكانية والسياقية التي تتفتح فيها براعم المراهق الصغير إسماعيل.

“اقتربت المراهقة، وأخذ جسده يفور كأنه مرغم، فهو فريسة ممزقة بين قوى دافعة وأخرى جاذبة، يهرب من الناس ويكاد يجن لوحدته، بدأ يشعر بلذة غريبة في أن يندس بين المترددات على المسجد، ولا سيما يوم الزيارة”.. سيفتتح يحيى حقي الفصل الثالث بهذه الأسطر الدالة، ولوج عالم المراهقة وما يصاحبها من تغيرات فسيولوجية ونفسية، وسيستغرق بقية صفحات الفصل في تتبع تجليات وعوارض مراهقة الجسد التي ستشعل نيران الرغبة والقلق والحيرة في نفس الفتى الذي سيولع بالزحام في الميدان المزدحم طيلة الوقت، وفي القلب منه مسجد السيدة.

في هذا الزحام “كان معنى اللباس عنده أنه فواصل بين الأجسام العارية، يحس بها من صدمة واهنة أو احتكاك وامض.. في وسط هذه الأجسام كان يشعر بلذة المستحم في تيار جار لا يبالي نقاء الماء.. روائح العرق والعطر لا تكربه، بل يتشممها بخيشوم الكلاب”.

في الأدب العربي، تبدو شخصية “المراهق” حاضرة بصورة لافتة للدرجة التي يمكن الزعم معها بأن النسبة الغالبة من الأعمال القصصية والروائية “المعتبرة” لا تخلو من حضور تيمة “المراهقة” و”المراهق” بصورة ما؛ إما كمرحلة عبور عمرية تمثل جزءا حيويا ورئيسيا من تطور الشخصيات المكونة لهذه الأعمال، وإما كشخصية بذاتها تجسد “نموذج المراهق” كنمط روائي له حيثياته وسماته

وفي الفصل الرابع ستوافق المراهقة سنة البكالوريا (ما يوازي الآن شهادة الثانوية العامة)، سيخرج إسماعيل من الامتحان “وقلبه واجف، مفعم بالشكوك، وأعلنت النتيجة فإذا به يفوز، ولكن في ذيل الناجحين”.

سيحدثنا حقي عن بطله، وهو يجوس كالمجنون في أنحاء الميدان ساعيا بين “ما شاء الله” بائعة الطعمية والبصارة والأسطى حسن الحلاق والشحاذين الذين يحيطون بأبواب المقام، وهدير أصوات الباعة، والشابة التي تنبت فجأة وسط الحارة شبه عارية، صوتها الصارخ يجذب الوجوه للنوافذ، وبائع الدقّة الأعمى الذي لا يبيع شيئاً إلا إذا أقرأه الشاري السلام. “فيقرئه وراءه الصيغة الشرعية للبيع والشراء”.

إن إسماعيل يتحرك وسط هذا المشهد المزحوم بتفاصيل شديدة الواقعية، حيث أسواق السيدة زينب القديمة ومحالها العامرة حيث التاريخ يبث عطره، وحيث الأصالة يفوح عبيرها، وينسرب في هذه التفاصيل عطر يشي بحضور مقام السيدة الطاهرة أم هاشم التي نشأ الجميع في حراستها، بعد الله.

نجح حقي فنيا في تصوير ورصد التغيرات الداخلية والخارجية للشخصية بفعل المراهقة، دون أن يفصل ذلك عن السياق الاجتماعي الثقافي الذي يؤطر فعل وسلوك من ينتمي إلى هذه الشريحة العريضة من الطبقة الوسطى المصرية في ذلك الزمان، وبما يصح معه أن يكون إسماعيل في مراهقته نموذجا أو نمطا روائيا (وفق المصطلح اللوكاتشي في أدبيات النقد الواقعي).

نجيب محفوظ: منجم سردي

إذا كانت تجربة نجيب محفوظ باستيعابها المذهل للتجارب الروائية وتطوراتها في الأدب العالمي، فإن من الممكن الزعم باطمئنان- ومن واقع اختبار المادة السردية الغزيرة التي تركها أديب نوبل الكبير- بأنه يمكن إنجاز دراسة أكاديمية كاملة حول «صورة المراهق في أعمال نجيب محفوظ». لقد ترك نجيب محفوظ 56 كتابا بين رواية ومجموعة قصصية وكتاب مترجم وآخر حواري، 35 رواية تراوحت طولا وقصرا وراوحت بين أشكال وقوالب فنية متنوعة؛ أكثر من نصفها تقريبا يكاد لا يخلو من تنويعة أو أكثر لشخصية المراهق، وجوانب من سماته النفسية والروحية والجسدية. بكل ما تمثله تلك الفترة من عبور وتحول واكتشاف وقلق وحيرة!

“بنامون”: المراهق الفرعوني الصغير

منذ أعماله الفرعونية الأولى، سنجد حضورا للشخصية المراهقة الرومانسية المتبتلة في محراب المحبوب الإله؛ كما تجسدت في شخصية الفتى المراهق، المثال الموهوب بنامون بن بسار معبود رادوبيس الغانية (رواية «رادوبيس»، 1943).

بنامون بن بسار، هو تلميذ الرسام هنفر في «عبث الأقدار»، بتكوينه المراهق ورومانسيته الحالمة المتسقة مع براءة الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، وبما تلزمه من سذاجة تصوراتها، يصبح عاشقا رومانسيا متطرفا للغانية رادوبيس. رشحه أستاذه لاستكمال العمل في قصر الفاتنة اللعوب، ومع حداثة سنه ومراهقته الشعورية والجسدية فقد أظهر براعة جديرة بالإعجاب، كما أثارت شخصيته “الرقيقة” مشاعر الأمومة الكامنة في قلب رادوبيس.

أحب بنامون المرأة بطريقة غير مألوفة، ولم يتورع عن القيام بأي وكل عمل تكلفه به، الحب لديه عقيدة والمحبوبة “إله” يتعبد في محرابها، يصدع فورا بما تأمره به. قلب بنامون المراهق أقرب إلى المعبد، يقدم العاشق من خلاله طقوس العبادة لمن سيطرت واستحوذت عليه، ولعل ثقة رادوبيس المفرطة في العاشق الصغير، كانت الدافع الأساسي وراء اختيارها له ليحمل الرسالة السياسية السرية الموجهة من الملك مرنرع الثاني إلى حاكم النوبة.

أدى بنامون مهمته المكلف بها على أكمل وجه، ثم جاءت مهمته الأخيرة والأخطر في جلب السم سريع المفعول الذي يضع نهاية مأساوية لحياة رادوبيس الحافلة بالأحلام والآمال والآلام. قد يكون الفنان المراهق، على نحو ما، ضحية لطموح رادوبيس غير المحدود، لكنه كان راضيا وسعيدا، وقانعا بأن يحبها في الإطار الرومانسي الذي يتوافق مع شخصيته.

يقدم هنا نجيب محفوظ صورة مثالية رومانسية الطابع، لشخصية “المراهق” البكر، الذي تتمحور حياته وتتجلى أمنياته في نظرة من الفاتنة التي ليس لها نظير؛ لا في الجمال ولا في الأنوثة ولا في الجاذبية! إن محفوظ هنا يرد هذا النموذج المتطرف في العشق المراهق إلى النظريات النفسية التي تقول إن المراهق دائما ما يقع في عشق امرأة بالغة ناضجة وليست فتاة مراهقة من سنه؛ خيالات المرحلة وأحلامها تتجسد جميعها في نموذج مطابق للأم؛ لكنها هنا ليست الأم المحرمة؛ لأنه يشتهيها ويقع في غرامها ويمضي وراء تصوراته في اعتبارها مثال الكمال الذي لا كمال بعده!

يحضر المراهق بتنويعاته في القصة القصيرة والرواية العربية، خاصة في أعمال كبار الكتاب من أجيال مختلفة؛ في القصة القصيرة سنجد حضورا بارزا لشخصية “المراهق” كما رسمه وصوره أحد أعلامها الكبار منتصف خمسينات القرن الماضي محمود البدوي، ومن سبقه وتلاه من كتاب مثل عبدالرحمن الشرقاوي، يوسف إدريس، سعد مكاوي وعبدالحكيم قاسم

وفي المرحلة الواقعية، ستجابهنا شخصية إشكالية من شخصيات محفوظ الخالدة، كامل رؤبة لاظ بطل رواية «السراب» (1948) الرواية الوحيدة التي تجلى فيها الراوي المتكلم من البداية إلى النهاية من بين كل روايات محفوظ. يقوم هيكل الرواية على عقدة البطل تجاه أمه خاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة فلا يستطيع خلاصا بعد ذلك من هذا الارتباط المعقد أبدا ولن يستطيع الانفصال عنها حتى بعد أن جاوز المراهقة وأصبح شابا ورجلا يتزوج من شابة جميلة لكنه لا يستطيع أن يتواصل معها جسديا بسبب ارتباطه المرضي بأمه!

يلخص كامل رؤبة لاظ أزمته على لسانه “كانت أمي وحياتي شيئا واحدا، وقد ختمت حياة أمي في هذه الدنيا، ولكنها لا تزال كامنة في أعماق حياتي، مستمرة باستمرارها. لا أكاد أذكر وجها من وجوه حياتي حتى يتراءى لي وجهها الجميل الحنون، فهي دائما أبدا وراء آمالي وآلامي، وراء حبي وكراهيتي، أسعدتني فوق ما أطمع، وأشقتني فوق ما أتصور، وكأني لم أحب أكثر منها، وكأني لم أكره أكثر منها فهي حياتي جميعا، وهل وراء الحب والكراهية من شيء في حياة الإنسان؟”.

فإذا تجاوزنا الروايات التالية لنتوقف عند «الثلاثية»؛ ذلك المعبد الروائي الشاهق، سنجد حضورا طاغيا لمرحلة المراهقة في حياة أبطال الملحمة الروائية، فضلا عن تتبع هذه الرحلة من الطفولة إلى المراهقة برهافة ودقة وحساسية في شخصية محورية مثل شخصية كمال عبدالجواد؛ الذي ستمثل مراهقته محددا لتشكيل وتكوين شخصيته الناضجة إلى حد كبير.

علاءالدين: المراهق المنذور للقدر

في عمله الفذ «ليالي ألف ليلة» (1981)، سيفرد نجيب محفوظ حكاية كاملة من الحكايات العشر المكونة لليالي بطلها “مراهق” من الألف إلى الياء، إنه علاءالدين المستوحى من شخصية علاءالدين أبي الشامات في النص السردي الأكبر «ألف ليلة وليلة».

بخلاف الأب الذي يغلب عليه الاستهتار والجشع والولع غير المحدود بمسرات الحياة، يبدو الابن علاءالدين، ابن عجر الحلاق الفضولي الثرثار، شابا تقيا ملتزما. يصفه نجيب محفوظ في مفتتح الحكاية بتلك الأسطر:

“نحيل القوام، مشرق الوجه، ناعس الطرف، فوق كل خد شامة، يهم بولوج المراهقة في حياء.. رمقه عجر الحلاق، وقال:

ـ تعلمت ما أنت في حاجة إليه، فخذ العدة واسرح والله يرزقك.

وتمتمت فتوحة:

ـ ربنا يكفيك شر أولاد الحرام..

وذهب الفتى نشيطا مستبشرا، فقال عجر وكأنما يخاطب نفسه:

ـ له جمال نورالدين، فاللهم أسبغ عليه حظه”.

لدى بلوغه المراهقة، يطالبه الأب بالتوقف عن المزيد من طلب العلم، ويدعوه إلى اقتحام الحياة العملية. في رحلات عمله حلاقا متجولا، تجمعه صداقة بفاضل صنعان الذي اعتنق فكر الخوارج، وفي مولد سيدي الوراق يلتقي به الولي الصالح الشيخ عبدالله البلخي، ويدعوه لصداقته. في بيت الشيخ البلخي تكون المفاجأة، فالولي الجليل الذي يرفض زواج ابنته من ابن كبير الشرطة، حبظلم بظاظة ابن كبير الشرطة درويش عمران، يعرضها زوجا لعلاءالدين، سيؤثر الشيخ البلخي أن يزوج ابنته “المراهقة” التقية النقية من “المراهق” التقي النقي علاءالدين.

بعد أيام قلائل من الزفاف، تكتمل المؤامرة التي تطيح بعلاءالدين. تهمة ملفقة بالسرقة، ورسائل مدسوسة عليه تقطع بتعاونه مع الخوارج “هكذا قُبض على علاءالدين وألقي به في السجن فتقررت محاكمته بصفة عاجلة”. لا يسعى الشيخ البلخي إلى نجدة زوج ابنته، ويرتفع السيف ليطيح بالشاب البريء. بعد رحيله تقرر زوجته الشابة أن تنذر نفسها للطريق، وتعلن عن زهدها في زواج جديد.

سيروح علاءالدين المراهق البريء الطاهر المظلوم، ضحية لمؤامرات السلطة وبطش الحكام في عالم لا يعترف بالطهر والبراءة، ويزدحم بالظلم والظالمين.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.