صور الولادة العسيرة

الجمعة 2016/04/01

كروائي فلسطيني كتب أعماله الأدبية في سجون الاحتلال الصهيوني أعتقد أن “لحظة الدّم” لا تقلل من أهمية الكلمة ولا تلغي دور الرّوائيّ بل تملي عليه أن يكون بمستوى اللحظة التاريخية بكل تعقيداتها وأن لا يستسهل الانجراف خلف التيار والسطحية بل أن يستشرف المستقبل ويكشف عن الجوهري في اللحظة المعيشة، وأن يغني المخيّلة الجماعية، وأن يثير الاسئلة الصعبة حول الماضي والحاضر والمستقبل.

إن هذا الصوت الهادئ والعميق الكامن في الرّواية، والذي يختزن بداخله صخب الولادة العسيرة للأمة والوطن لن يسمع ولن يقوى على اختزال عصره وتجسيد ملامح هذا العصر سوى عبر المعايشة الصادقة للحظة واستيعابها وأخذ جانب فيها والانحياز لأحد طرفيها وبالتالي ترميزها والتأثير بها بالإيحاء من خلال إبراز القصص اليومية المتناثرة والمأساوية، والتي قد تبدو متناقضة في ظاهرها والكشف عن الرابط السرّي بينها وتحويلها إلى رواية واحدة تحتفي بالحياة وتبشّر بالأجمل وتستشرف المستقبل الحتمي الذي ينهال عليه التراب من الظلاميين وقوى الاستبداد.

كتبت رواياتي الثلاث في الأسر الصهيوني، واستطعت أن أشتق خيوط النور من قلب الظلمة من خلال قصص الأسرى الحقيقية، وأن أجد معاني لا نهائية ويومية للبطولة المقرونة بالحياة والتشبث بها وتجديدها وإعطائها معنى كل يوم من جديد من بين ركام الروتين والقتل والتعذيب.

“لحظة الدّم” هي المخاض العسير، والذي قد يطول على أمتنا العربية وشعوبها، والرّوائيّ بقلمه وإحساسه وأدواته الجمالية قادر على تخيل خط النهاية واستشرافه، وأن يكون أحد الفاعلين في انبلاجه.

الظلامية والاستبداد وإشاعة خطاب التكفير والسطحية وتقديس الجهل وتحريم التفكير والإبداع وإطلاق المخيّلة. ظواهر تجتاح عالمنا وتتجسد بقصص يومية معيشة تقابلها قصص حياة وتألق وإبداع وانفتاح على كل ما هو راق وإنساني وجميل.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.