مستقبل‭ ‬منير

الاثنين 2016/02/01
لوحة: حسين جمعان

الأجناس الأدبية والإبداعية متعددة منها الشعر والرواية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا والمسرح وغيرها، والقارئ العربي يتذوّق كل هذه الأجناس وقد يميل إلى جنس أكثر من الآخر حسب ذائقته وجنس القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا يحظى بمبدعين كثيرين ومتذوّقين وقراء يتواكب حجمهم وهذا الجنس الإبداعي‭.‬

وهنالك في كل جنس إبداعي أركان أساسية لا بد منها، ومع هذا تختلف من مبدع إلى آخر في تناولها والأسلوب والتكنيك المتّبع والممارس فيها، فهي كالألوان قد تتباهت عند مبدع وتظهر زاهية عند آخر، وهذا ليس عيبًا بل جمالاً فيها وهي كغيرها من الأجناس الأدبية الأخرى تتواكب والعصر الذي تكتب فيه مع الاحتفاظ بالسّمات الأساسية فيها كقصة قصيرة ‭.‬

والتجريب يظهر في كل جنس أدبي ويعطيه دافعية للتطور للوصول في كثير من الأحيان إلى تعميق السمة الجمالية فيه، ولعل العصر الذي تكتب فيه القصة القصيرة فيه سماته وخصائصه، وهذا بشكل تلقائي تظهر في كل إبداع أو جنس بما فيها القصصي وتعتبر من حسنات هذا الجنس أو ذاك شريطة عدم الهدم في المكون الأساس في البناء القصصي‭.‬

وتشهد التحوّلات المواكبة للحياة عدة تغيرات وقفزات، ويشاهد منها الجميل والأجمل ودون ذلك أيضاً وهذا لا يكون بعيداً عن الإبداع ومنفصلاً عنه وبالتالي لغة الجنس الإبداعي تتأثر بالمحيط بها من تحولات وتغيرات، وهذا ما يلاحظ على كل الأجناس ومنها ما يعرف بتداخل الأجناس حيث تجد الشعرية في القصة القصيرة والحكائية والقصصية في الشعر والنصوص الأخرى ولكن مع بقاء كل جنس محتفظاً بمكوناته وأركانه‭.‬

والقصة القصيرة إبداع جميل له مكانته وقوّته ولمعانه وبروزه والدليل ظهور مئات المجموعات القصصية في المجتمع الواحد من فترة إلى أخرى وكذلك فوز القصة القصيرة بجائزة نوبل في الدورة قبل الماضية⊇لدليل على بقاء هذا الجنس وتطوّره ونموّه مع بقائه، ولا يعني انتشار القصة القصيرة جداً تنازلاً عنه بل هو تعزيز له أى للقصة القصيرة وإعطاؤها المكانة اللائقة بها ومع احتفاظ القصة القصيرة جدا في مكان آخر خاص بها وبسيمات وأركان مختلفة إلى حد ما عنها ومن هنا أقول أن القصة نوعان مختلفان هما (القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً) وكلاهما يشكّل جنساً مختلفاً عن الآخر ولكل منهما مبدعوه ومتابعوه وهذا يحسب لصالح الإبداع والأجناس الأدبية‭.‬

والرواية لم تدفع بالقصة القصيرة إلى العتمة، والدليل كثرة المجموعات القصصية التي تصدر من وقت إلى آخر‭..‬ نعم ربّما الرواية سحبت البساط قليلا من تحت الأجناس الإبداعية بما فيها القصة وارتفع صيتها ولمعت صورتها، ولكن ليس على حساب القصة والأجناس الأخرى لدرجة الوصول للعتمة، وطبيعي أن يبرز جنس على آخر في وقت ما، وهذا يعني أنّ هنالك تبادلاً للأدوار في البروز حيث ظلّ الشعر مسيطرا قروناً عديدة واليوم وقت الرواية وغدا القصة والقصة القصيرة جدّا التي أخذت تسيطر على الساحة الإبداعية انتشارا في الآونة الأخيرة‭.‬

وكل جنس إبداعي يعبر عن المتغيرات التي تحصل في الواقع المعاش كون الإبداع في حد ذاته نتاج بشري وليس بالضرورة الرواية هي التي تقوم بتلك الأدوار ولكن ربما مساحتها هي العامل المساعد على إبراز ذلك أكثر من غيرها ولكنّها لا تغني عن غيرها‭.‬

ولا أعتقد أن كتّاب القصة القصيرة يهجرونها إلى الرواية، كون الرواية جنسا والقصة القصيرة جنس آخر والقصة القصيرة جدا جنس ثالث فكل هذه الأجناس إبداع والمبدع يحق له التجريب والتغيير بعيدا عن الهجر والهجران‭.‬

والقصة القصيرة لا يوجد بها أيّ قصور وأنها قادرة على حمل ووصف وإطلاع هموم مبدعيها حيث المبدع يستطيع إبراز ما يريد في أيّ جنس فكثير من المبدعين يظهرون الهموم والانشغالات من خلال القصة القصيرة جداً فكيف لا يبرزونها من خلال القصة القصيرة وهي الأكثر مساحة وتوسعاً‭.‬

والإبداع يبقى إبداعاً في أيّ وقت ومكان بغض النظر عن نوعه وهذا يعني أن مستقبلا منيرا لكل جنس أدبي وإن خفت يوما ما ولعل المستقبل يزيد من مكانته وأن يغير في بعض الملمح فيه نظراً لطبيعة هذا أو ذاك المستقبل ولكنّ المستقبل لكل جنس هو كفيل بالحفاظ عليه وللقصة كما أتوقع مستقبلاً زاهراً أكبر مما هي فيه الآن.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.