حقا‭ ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬سيقوله‭ ‬شاعر؟

الخميس 2015/10/01

لقد تأوّه الكون، وفغر فاه عن آخره، وأصيب طقس العالم بالكآبة ، فما بالكم بإنسان يعي ويستوعب معنى الفجيعة،

ما بالكم بإنسان،، يشعر بالقهر، بالغضب، بالمهانة، إنسان يتألّم يبكي، يلعن، يصرخ ، يتأوّه، يتوجع، يستنجد بكل شيء، فيجد نفسه وحيدا، في مواجهة كل هذا الصلف، والغطرسة، كل هذه القوة القبيحة، قوة هائلة في وجه أطفال لم يجيدوا بعد نطق الحروف، وأمهات انتزعت منهن الدندنة لأطفالهن، واستبدلتها بالعويل، انتزعت أكبادهن، بقلب تنين لا يفقه، في الإنسانية، ومخالب ذئب لا يتهيب من الخطيئة، أصبحت بلادي ملأى بآباء يتّموا من أطفالهم وأبنائهم، دون أيّ جريرة، هل رأيتم يتم الآباء والأمهات، إنه هنا في بلادي، الكثير من الأطفال والأولاد، والأبناء والبنات، قتلوا دون أيّ جريرة، قتلوا وهم نائمون، أو وهم يمسكون بالكتاب، ظنا منهم أنهم لا محالة سيؤدون امتحاناتهم التي تقررت أخيرا، بعد حرمانهم من الدراسة خمسة أشهر كاملة، خمسة أشهر وهم يحنون للاستيقاظ مبكرا، فقد ملّوا من الكسل والإجازة الإجبارية، يحنّون للسبورة والأستاذ وجرس المدرسة، وجلبة الرفاق، وطعام المقصف، والمرح في مدارج المدرسة، يحلمون بأن يعودوا أسوياء، فهم مدهوشون حتى التبلد، من هذا العدو الذي لا يستحي من شيء، يريدون أن يذهبوا للمدرسة، كي يقولوا له سندرس حتى لو أبهجتك إجازتنا الطويلة، ووجع حيرتنا، ونتعلم ، ما دام هذا الأمر لا يسرك، سنواصل الحياة لنخمد هذه القسوة التي تخفيها تحت ثوبك وعقالك، فقد صارت دماء عروبتكم ماء لا يحيي إلا المأساة، وجلد عروبتكم غربالا لا تنفذ منه إلا الجراح والمؤامرات، وأنت أيها الغربي المتسيد زيفا وكذبا على العالم، ما أنت إلا سيد العبيد، عبيد الانتصار الجبان، والمجد التافه، المقلد لأفلام هوليودكم السخيفة، فتحت قبعتك أيها الأميركي، محيطات من الزيف وتحت كرفتاتك أيها الأوروبي، صحارى من القسوة والخسة، فقد اتضح زيف عدالتكم، وكسرت تماثيل حريتكم، وأحرقت مكتباتكم المكتظة بالنظريات الباردة، برودة⊇موتانا الذين عانوا من صقيع الثلاجات قبل دفنهم، بلادي ملأى باليتامى، أمهات ذهبن في رحلة إجبارية، من غير أن يكملن نصائح اليوم المعتادة لأولادهن، من غير أن يقلن تمتماتهن المعتادة لتحفظ أبناءهن من كيد هذا الخصم الفاجر، أو أن يحتضنّهم بكل الدفء، أو بقبلة وداع‭.‬

ماذا ترى يقول شاعر أو فيلسوف أو مفكر؟ وبلاده مأتم بعرض البلاد وطولها، وسرادق عزاء، ببحارها وسمائها وأرضها، وآثارها وأمجادها، وأنتم تباركون كل هذا، وتدعمونه بكل تواطؤ تعجز اللغة أن تجد له وصفا‭.‬ كل كائنات بلادي، من أسماك وحيتان وحيوانات ونباتات، ونجوم وأجرام وسماوات، وحجر وبشر، كلها دون استثناء حزينة مثلنا وغاضبة لغضبنا، تلعن هذا الاستكبار والاستحمار العالمي، والصمت البهيمي،⊇تبصق في وجوههم، تسخر من غفلتهم، فالله العدل لن يدعهم يفروا بجرائمهم المقيتة، ولا بخططهم الشيطانية، ولا يحتاج لأنتربول ليتعقبهم، ولا لجهاز استخبارات ليثبت تورطهم بالصوت والصورة والخطة والأداة، والتوقيع، وتحديد لحظة الصفر، لشن الدمار الكبير، الكبير ضد من؟ ضد دولة فقيرة، تعاني من مشكلات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وتتلمس طريقها للخروج من مآزق خطيرة، تحتاج فيها لدعم القريب والبعيد، فهم قد عولمونا، أما صرنا قرية واحدة؟ فهذا أدعى أن نتلمس مآسي بعض، ونأسى على بعض، هكذا كنت أفهم العولمة، فإذا هي عولمة الغيلان الناهشة للحوم الأبرياء، الماصة لدمائهم، المتجاهلة لحقوقهم، ولإنسانيتهم ولكرامتهم بما سببته من تعاسة أبدية لمن فجعتهم بالذين ذهبوا ولن يعودوا أبدا، نعم لن يعودوا لتظل الجريمة وساما ذهبيا في أعناق القتلة، ووصمة عار في سجلهم السري الذي لا يخفى على عين الله‭.‬ ترى ما الذي سيقوله شاعر والإنسانية تنزلق إلى بئر القذارات كلها، وتتعامى عن نهر الدم الإنساني الجاري دون توقف في بلادي اليمن الفقير لكن العظيم، من هم هؤلاء الجبابرة الجدد الذين لا يحتسبون لمعاناة الإنسان أدنى حساب، ولا يعتريهم خوف من جزاء؟ أما قال لهم محمد عليه سلام الله وهو رسول الله إليهم، لهدم الكعبة حجرا حجرا أعظم عند الله من قتل امرئ مسلم، أما قال عيسى رسول الله إلى المسحيين، عليه السلام، من ضربك على خدك الأيمن أدر له الأيسر، لقد صاروا يضربون هم الأيمن والأيسر وكل شيء حتى آخر رمق، حتى الموت يا عيسى، حتى الموت، كل الموت يا محمد، لا أحد يأبه بكم أيها الأنبياء اليوم، ولا أحد يأبه بما أرسلكم الله به، إنهم يقتلون باسم الله، يقتلون باسم الله السلام، يقتلون باسم الله العدل، يقتلون باسم الله الحق، فما ترى سيقول شاعر عنهم، وهم يفعلون كل خزي وعار وجريمة، مدّعين أنها من أجل مرضاتك‭.‬ أيها الرب الرحيم، قل لهم إنك أيضا جبار، قل لهم إننا نشكو إليك حماقاتهم القاتلة والمتوحشة ليل نهار، ونشكو إليك طائراتهم الأميركية والأوروبية، وصواريخهم، وقنابلهم، التي نحتت الفجيعة ليس فقط في قلوبنا ووطننا، بل في قلب الإنسانية، وضميرها المشوه المعوق، ما الذي سيقوله شاعر، وهناك معركة غير متكافئة، وحشد رغم كل حسرتنا، ينتزع منا قهقهة شجاعة، تزدري خططكم العوراء، ورعبكم المدهش، ما الذي سيقوله شاعر، والبلد الصغير يدمر بأيد عالمية ومباركة عالمية، إننا مع كل قطرة دم تسفك، ومع كل شهقة تأوه تَخاف، ومع كل صرخة ألم ترتفع، نبصق على هذا التردي الحيواني الذي وصل إليه العالم، العالم الذي تخدعونه، بالموبايل والأقمار الفضائية، والابتكارات في كل شيء، لكنه لم يبتكر حتى الآن شيئا لينمي الإنسانية، ولا جينات لتحيي الضمائر الميتة، ولا قوانين عادله، تسري على البشرية، الذين هم أخوة في الإنسانية، والحياة الجميلة، التي أحالوها بأمراضهم العقلية والنفسية إلى جحيم لا يطاق‭.‬

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.