استعادة الكلاسيكي

تجديد الدراما من خلال الفكر الروائي الرومانسي والكلاسيكي
الثلاثاء 2022/11/01
لوحة: عبدالقادر الخليل

تتوافق كتابات جين أوستن مع الحداثة التي نفتقد فيها الرؤية الخلاقة في الأعمال الأدبية المختلفة البعيدة عن الرومانسية نوعا مّا والممزوجة برؤية الواقع والمشاكسات الحياتية المتناقضة في أبعادها الاجتماعية أو حتى صراعاتها وحروبها من السياسة إلى الإعلام والأدب، وما تحمله في طياتها من متغيرات ممزوجة بالشكل الدرامي واتجاهاته المستقبلية في نهاية قرن بات الانتقال فيه من دور السينما إلى المواقع المتخصصة سينمائيا أمراً سهلا. لا بل ومنتجاً بقوة محسوسة عبر الكثير من الأعمال التي يتجه فيها الفعل الدرامي نحو الرومانسية التي كانت تشكل جماليات في اللباس والحركة والشخصيات، والمناظر الخلابة وحتى الموسيقى الكلاسيكية وما إلى ذلك. فالكثير من الأنماط الشعرية والدرامية تُعتبر ذات مسألة تاريخية منذ عملية الانبلاج الدرامي الأولى. بما في ذلك الخيال الشعري الذي شهدناه في مسلسل ألو…حياتي مع الفنان عبدالمجيد مجذوب والفنانة الراحلة هند أبي اللمع والذي اعتمد على قصة حب تفاعل معها المُشاهد بسلاسة بعيدة عن مشكلات الحياة في ذلك القرن الدرامي إن صح القول، كما استطاع المُسلسل آنذاك حصد نسبة مشاهدة عالية في الوطن العربي برمّته عبر مقدرة تمثيلية رافقتها اللغة العربية الفصحى رغم صعوبة فهمها آنذاك، والتي لا يمكن إنكارها، كما أن الجمهور أحبها وما زالت حلقات هذا المسلسل تحمل بصمة درامية تاريخية.. فلماذا لا يتم تحديثه بشكل معاصر دراميا كما يتم تحديث الكثير من القصص الروائية في الغرب كمسلسلات مقتبسة من روايات جين أوستن حاليا مثل فيلم “إقناع” الذي يُعرض حاليا على شبكات نتفليكس؟ وهل التصورات الدرامية المعاصرة لروايات جين أوستن مثل“Emma”  هي كلاسيكيات تم التوافق عليها لتحاكي الزمن الدرامي الحديث بجمالية الأحاسيس المقبولة والمرفوضة آنذاك؟ أم أن كل ذلك لفتح الماضي على الحاضر لتكوين المستقبل الأكثر تماسكا مع مبادئ عصر ما بعد الحداثة، ولتصوير الانهيارات الأخلاقية قديما والمسكوت عنها أو التستر عليها والتي نشهدها مفتوحة على الكثير من الجدليات حاليا حتى عبر الدراما؟

يتم نفض الغبار حاليا عن الكثير من الروايات للعديد من كتاب ما بعد عام 1939 كما هي الحال مع جين أوستن رغم اعتراض العديد من النقاد على الإخراج والتحديث الفعلي للرواية عبر الرؤية السينمائية التي تتسم عاطفيا بمحاولات للعودة إلى الرومانسية التي افتقدها العصر السينمائي الحديث. ما عالجه الكتّاب الأوائل أمثال فلوبير من مواضيع عائلية لا تنفصم عن مؤسسة الزواج أو المرأة والزنى ومواضيع الفضيلة والرذيلة والمستوحاة من مشاكل العصر آنذاك لم تعد تجذب محبي الغموض والإثارة في العلاقات الرومانسية كما هي الحال في مسلسل” بريدجيرتون” والتنوع الأنثوي المتعلق بذكورية العصر الفيكتوري الذي أظهره المسلسل دون التنكر لأهمية الرجولة التي كانت بمثابة القاعدة الذهبية لذلك العصر تحديدا. فهل الدراما المعاصرة المبنية على إعادة تحديث ما كتبه الأدباء في القرون الماضية للبدء في إعادة التفكير بتجديد الأدب الروائي في دور عرض افتراضية هي نواة التجديد الذهبي للدراما من خلال الفكر الروائي الرومانسي والكلاسيكي قديما؟ وهل الأدب الروائي حاليا يتقهقر دراميا في عصر بات محكوما بالانبهار المفرط بما بعد الحداثة أو الانفلات السلوكي اجتماعيا كالمساكنة والمثلية وغيرها؟ أم أن الانهيار الأخلاقي المبني على المثلية ومشتقاتها في المجتمعات التي بدأت تسمح بمثل تلك العلاقات هي تبسيط الممنوعات؟ أم أن رواية الكاتب النمساوي ستيفان زفايج والتي تحولت إلى مسلسل حصد نسبة مشاهدات كبيرة هي لإظهار دور المرأة وأهميته في القرنين الماضيين لتحديثها الآن كما يجب؟

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.