ضوء لاهب وصفائح عوسج

خَمْسُ قَصَائِدَ
السبت 2022/10/01

تَدْخُلينَ في دمي

تَدْخُلينَ في دمي

وردةَ أُرْجُوانٍ نُورانيَّةً؛

وتَحْرِقينَ قلبي

بقدومِك المُسْتَحِيلْ!

 

مُرِّي خَفِيفَةً

إخْلَعِي عَنْكِ هذا البُرْنُسَ الثَّقِيْلَ،

وفوق جبيني،

راوِدِي  كفَّكِ

ولا تَقولي … لا .. لا .. لا .. لا تَقُولي!

(ولنقلْ سَوِيَّةً: لا؛

لا .. لا .. لا؛

ليس من شيم المَفْتُونِيَنَ، أَبداً، أنْ يقولوا!)

ضعي كفَّكِ وراوِدِي

هاتي أصَابعَ اللَّهفة تَجْرَحُ وحْدَةَ الرُّوح؛ وتُسَيِّلُ ماءَها،

وعلى أصابعِ كفِّي، عُدِّي زنابِقَكِ،

ياقُوتاتِكِ،

سَوسَنَاتِكِ،

وجمراتِ صِفْصَافَاتِكِ الواعداتِ:

واحدةً،

واحدةً،

واحدةْ؛

وبِجَمرِ تَضوِّعِها أرائجَ وُجودٍ  في وِجدانِكِ؛ 

افْتَحِي خزائنَ الجُزرِ المنسيِّةَ خلف عتباتِ بُرنُسِكِ الرَّاعب؛

وآتركي إصبعَ الأزرقِ اللَّامع يُلوِّن عينيكِ بالشَّساعة،

وآخرجي مِنْكِ،

وكُونِيكِ،

وآدْخُلي فيك؛

(فَمَنْ هي ذي الواقفةُ فِي عَتْمَةِ المِرآةِ!

وَمَنْ هَاتِه المًضِيئَةُ،

بِأصابِعِ كَفَّيهَا،

نَصَاعَتَهَا!)

وعلى أخْضَرِ النَّدى مُرِّي؛

مُرِّي خفيفةً؛ وآدْخُلي في المرايا؛

مُرِّي خَفِيفَةً على أخضر النَّديِ

وآدْخُلي في المرايا؛

أُدْخُلي سورةَ النَّملِ،

مَنْطِقَ الطَّير،

لُجَّةَ الاكْتَشَافِ والكشفِ،

وآخرجي مِنْكِ، وكُوْنِيكِ؛

تكُوْنِينَ بَلاقِيسَ شُمُوسٍ تَمُورُ فِيْكِ،

وتَخْطُو مُفْعَمَة بأرائجِ الضَّوءِ اللَّاهِبِ في رحابكِ!

(فَمَنِ الهابِطَةُ إلى قاعِ اللُّجة!

ومن المنكفئةُ فوق عصاها في أروقة الأشباح المنسيَّة!

ومن تِلْكَ التي تُسَيِّلُ شُمُوسُهَا شُمُوعَ أَجْنِحَتِهَا!)

مُرِّي خَفِيْفَةً،

مُرِّي،

مُرِّي؛ وراودي،

أَنْهِضِي فيروزياتك الغافية،

وآمْسَحِي، بِصَوتِكِ، عن صَدْرِي يَبَاسَ رُوْحِي،

وتمرَّني عَلَى الرَّحِيْلِ عَنِّي!

ولَكِنْ

إلى حينٍ، وحَنَانِيكِ!

(فمن هذا البصيرُ يحدِّق بعيون زرقاءِ يمامةٍ؟!

ولمن تُومئ زعانفُ تلك الأشجار المُحَلِّقة؟!

وفوق أيِّ بحرٍ حَياةٍ تطفُو لهفةُ الرُّوحِ الوقَّادِ؟!)  

حنانيكِ أيَّتُها البَلْقَاءُ؛

يا واسِعَةَ الخَطْوِ،

والوطْأَةِ

يا ضيقةَ الحُظُوظْ!

 

هي ثُمَالتُهَا

هي ثُمَالتُها،

وأنا حَفِيفُ غيبوبةٍ على حافَّةِ هبوبْ.

* * *

وسوادُ القلْبِ؛

يا لَسَوادِ القلْبِ،

منـزرعٌ في شفةِ هاويةٍ هاوياً،

ومسكونٌ بالصُّعود.

* * *

ذاك قاعٌ أحلكُ منْ بَيَاضِكِ،

وتلك رُوحِي أيتها المُسنَّنةُ،

وهذا أرعنُ وجْنَتِكْ؛

مِدْيَةٌ تَمَادَتْ؛

تطاوُلٌ يعتَصِرُ السَّوادَ؛

وشرارٌ مُقَدَّدٌ؛

نَزِقٌ وزنديقْ.

* * *

وحَبَّةُ القلْبِ؛ سُوَيدَاؤُه،

يا لَحَبَّةِ القلْبِ؛

يا لَسُوَيدَائهِ تَبْكِي،

ثُمَّ تَبْكِي،

ثُمَّ تَبْكِي،

والسَّوادُ يَفْتَرسُ بريقَ عينيها،

يَتَلَهَّى برُطانةٍ تَسْفَحُ الوَقْتَ،

وتَحُوكُ أُنشوطةَ صمْتٍ؛

صمْتٍ، وصقيعٍ؛

صمْتٍ، وصهوةَ غيابْ.

* * *

يا لَلَّيدِ الطَّائلةِ؛

يا لَرَوْعَةِ الرَّحيلِ إلى غَسَقٍ؛

وتَزَاحُمٍ، وفَرْزٍ، ونَشْوَةٍ،

ثُمَّ تَزَاحُمٍ، وفَرْزٍ، ونَشْوَةٍ؛

هي إكسيرُ غبشٍ،

كاسِحُ سوادٍ،

أزرق فجرٍ،

راحةُ رحيلْ!

* * *

تِلْكَ صفائحُ عَوْسَجٍ سُفِحَتْ،

عَقْفَاءُ مَسْنُونةٌ تَنْهَبُ الرُّوحَ،

نُواسُ عَنْكَبةٍ،

ونَاوُوُسٌ مُجَنَّحٌ؛

* * *

شذراتُ التَّشَظِّى تئنُّ وتتطايرُ وئيدةً مؤودةً تَتَرَمَّدُ وتَنْطُفْ.

* * *

هو الدَّحْمَسُ أيتها الكاهنةُ،

هي بقايا هَيْكَلِي،

هو دَقِيقُ عِظَامي،

هي أجنَّتي وبذرةُ دَمِي،

فهلاَّ …

هلاَّ فرغتْ يداكِ من عقيدةِ المَحْوِ؟

أسطورةِ الإلغاءِ؟

هيكلِ الدَّمْسِ والحَيْفِ؟

وطَقْسِ السُّيوفِ المُسْتَلَّة من عيونِ ربٍّ مَيْت؟

 

حِيرة

لِمَرَّةٍ واحدةٍ

سَأَعْتَرِفُ أنني رَاوَدْتُ رغوةَ الصَّابون!

وَلِمَرَّة واحدةٍ،

سَأعْتَرِفُ أنَّ كَثَافَةَ البُرْنُسِ

لَمْ تَكُنْ لِتَحْجِبَ نَصَاعَةً تَسَامَتْ مِنَ الشُّقُوقْ

أَوْ

مِنْ

تَأَرْجُحِ الأَكْمَامْ

فَلْيَكُنْ مَا كًان

وَليَكُنْ ما هُوَ كَائِنٌ

ولِيَكُنْ ما سَيَكُون:

قَدَرُ وعْدٍ مَخْنوق؛

بَراءَةٌ مُؤَجَّلةٌ؛

تَبَارِيحُ فتنةٍ طاغيةٍ؛

حَنِينٌ حَائِرٌ؛

ونسيان!

فَهَلْ كَانَ لِحِيرةِ الغَزَالِ أنْ تُضَلِّل السِّهام؟!

وهّلْ كَانَ لِوَقْعِ الخُطَى أنْ يَمْحُوَ رائحةَ اللَّهفةِ؟!

وَهَلْ كَانَ لِعَبَاءةٍ مُرَاوِغةٍ أنْ تُغْلِقَ شَهْوَةَ الماء؟!

تِلْكَ حِيرَتِي الواقفةُ عَلَى شَفْرةِ الوَقْتْ

وذاك خِداعُ المَرَايا!

 

إِنِّي أُحِبُّكَ فَأْنَسْ بِقُرْبِي

إني أُحِبُكَ، 

فَافْرِدْ جَنَاحَيكَ ثُمَّ احْتَوينِي، 

لِتَحْيَا وأَحْيَا!

بِرَبِّكَ هَلْ فِي الْحَيَاةِ سِوَاكْ؟!   

وَهَلْ مِنْ مَدَارٍ أَخِيرٍ يُسَاقُ لَهُ النَّاسُ، 

طَوعَاً وَكُرْهَاً، 

سِوَى حُفْرَةٍ فِي ثَرَاكْ؟!

أَلَسْتَ المَلاذَ الأَخِيرْ؟!

والغِطَاءَ الْوَثِيرْ؟! 

وَقِبْلَةَ كُلِّ الخُطَى،

مُنْذُ آدَمَ،

حَتَّى صُعُودِ الْحَيَاةِ إِلَى شْمْسِهَا، 

فِي عُلَاكْ؟!

إِنِّي أُحِبُّكَ،

فَأْنَسْ بِقُرْبِيَ مِنْكَ، 

وكُنْ لِي مَلَاذَاً كَمَا كُنْتُ، 

مُنْذُ الَوِلَادَةِ، 

لَكْ!

إِئْنَسْ بِقُرْبِيْ

لَعَلْيْ

إِذَا مِتُّ فِيْكَ، 

وآنَسْتُ غُرْبَةَ قْرْبِكَ مِنِّي، 

أُصَيِّرْكَ فِي مُقْلَتَيَّ مَلَاكَاً، 

وأَجْعَلْكَ تُدْرِكُ 

مَغْزَى اقْتِرَانِ

خُطَى العَارِفِينَ

بِضَوءٍ تَفَلَّتَ

مِنْ مُقْلَتَيكْ!

إِنِّي أُحِبُّكَ، 

فَامْعِنْ بِبُعْدِكَ عَنِّي؛ 

لِتَعْرِفَ كَمْ أَنْتَ غَالٍّ عَلَيَّ،

وَكَيفَ أَغُذُّ الخُطَى

صَوْبَ لُبِّكَ؛ 

كَيْ تَسِتَفِيقَ

عَلَى جَوْهَرٍ كَامنٍ فِيْكَ،

أَوْ في لُبَابٍ تَجَوْهَرَ فِيْ الْقَلْبِ؛

فِي بُؤْبُؤِ العَيْنِ؛

أوْ فِي مَدَارَاتِ صَحْوَاتِكَ الغَافِيَاتْ!

 

• مُلاحَظَة: كُتِبَتْ هذه القصائدُ، كما عديدٌ غيرهَا، في أوقاتٍ تعود إلى العقود الثلاثَة الأخيرة من القرن الماضي، ولم تُنشَر، حينَ كتابتِهَا، في النَّاس.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.