الفقهاء والميكانيكا

السبت 2022/10/01

نشطت همة العلماء المسلمين في مجال البحث العلمي فأبدعوا في شتى ميادين المعرفة، وقد سجل التاريخ السبق لهؤلاء في الكثر من الاختراعات في مجال الطب والصيدلة والكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلسفة والتاريخ والفلك والعمارة وغيرها، وهم في ذلك يفتقون عن عبقرية فذة واقتدار بالغ جاء في وقته ليرفع ضيق العيش ويفسح في أمله، وقد كان العصر الوسيط من أوج ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية، وفيه انتقلت العديد من المعارف إلى الأوساط الغربية واستدمجتها في بحوثها وابتكاراتها، وبفضلها أحدثت صحوة علمية مهدت لنهضتها في العلوم والفنون والآداب.

لكن ما إسهام الفقهاء في هذه اليقظة الفكرية والعلمية، وهل كان لهم اهتمام بعلوم الصناعات الأخرى غير الفقهية؟

الفتق في الأفكار بين الإبداع والابتداع في مجال الممارسة الدينية هناك دوما التباس في العلاقة بن العادة والعبادة، بين ما يحتكم فيه إلى النص بعينه أو يكتفى فيه بإعمال المصلحة، وهذا ناشئ عن تناهي النصوص وتوالد الواقعات، وهنا يثور نقاش في تكييف المسائل المستحدثة وفي تنزيلها ضمن فقه النص وفقه الواقع معا.

داخل هذا النقاش ينبثق موضوع البدعة ومدى حرية المكلفن في استحداث أشياء لم يكن لها مثيل في عهد الوحي، وتتنازع المواقف بشأن الصورة الذهنية للمسألة محل الدرس، هل تقع في مجال الحظر والمنع أم هي خارجة عنه؟ ولنا في المدونات الفقهية وكتب النوازل الكثر من الأمثلة التي اختلفت فيها أنظار الفق  هاء، بسبب اختلافهم أولا في تأويل النص، ثم ثانيا لاختلافهم في تشخيص الواقعة الماثلة أمامهم، حدث هذا في مجال العبادات والشعائر الدينية كما في ميدان المعامات والسلوك.

وبالعودة إلى تاريخ الأفكار في باب الفقه والاجتهاد، نجد نماذج كيثرة من كبار الصحابة أمعنوا في استحداث أشياء يشيب لها الناظر فيها لجللها وتعقد أمرها، بينما اقتحمتها أنظار الصحابة وفتقت فيها موارد جديدة تبدو وكأنها مخالفات لنصوص واضحة، ولكنها مدارك اتسعت ولمحت وجوها أخرى للمصلحة هي أجدر بالعناية، ومعهود الشرع أن يلتفت إلى الراجح من المصالح ويبتعد عن الراجح من المفاسد.

وهكذا كان ديدن الفاروق في اجتهاداته أث  ناء حكمه، ولم يُتّهم بأنه اب  تدع في الدين ما لم يكن منه، أو أنه اخرع شيئا أراد أن يضاهي به ما قدّره الشرع وحكم به، بل ونقل عنه قوله: “نعم البدعة هذه”.

من هذه الصورة وغيرها انتبه بعض الفقهاء إلى ضرورة إعادة التفكير في صياغة تكييف جديد لمفهوم البدعة يراعي ما يناسب تصرفات الشرع وما لا يناسبها، ولهذا انرى الفقيه العز بن عبدالسام إلى تقسيم البدعة إلى خمسة أنواع، حتى لا تنصرف الأذهان إلى صورة واحدة فقط مع وجود صور أخرى، ولكل صورة ما يناسبها من الوقائع والحوادث بحسب ما يتحقق منها من المصالح ويستدفع منها من المفاسد.

ففي كتابه النفيس “قواعد الأحكام في مصالح الأنام” قسم البدعة إلى بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن ت  عرض البدعة على قواعد الشريعة، وهو ما أيده فيه الإمام النووي ونقله عنه، وهو مسلك وسّع من مفهوم البدعة في الشرع كما في اللغة، ولم يحصرها بن نوعن فقط أو جعلها نوعا واحدا ح  صرا.

علوم

وقد انتقد الإمام الشاطبي هذا المسلك في كتابه “الاعتصام” وفند أدلته، كما هاجم بعض الاجتهادات في مسائل السياسة الشرعية التي زعم أصحابها أنها توافق الشريعة والمصلحة، وهي أجدر أن توصف بالبدعة والمروق في الدين وينهى عن اقترافها، لأنها تستحل ما نهى عنه الشارع وحذر منه.

وليس هذا موضوعنا إنما نبتغي أن نمهد به لبعض الاختراعات التي أنجزها بعض الفق  هاء ولم يلتبس بأفهامهم تداخلها مع البدعة، ونركز في ذلك على الفقيه المالي شهاب الدين ال  قرافي سليل مدرسة العز بن عبدالسام، ووريث علمه في المقاصد والمصالح والمنهج، ومنه نمرّ إلى موضوعنا الرئيس عن علاقة الفق  هاء بالميكانيكا.

الإمام القرافي، الفقيه الأصولي والمخترع البحاثة يلقب ال  قرافي بأنه أبوالعباس أحمد بن إدريس شهاب الدين الصنهاجي ال  قرافي، ولد بمصر سنة 626 هجرية وتوفي سنة 684 هجرية، وخال هذه المدة ألف الكثر من الكتب في مجال الفقه والأ  صول، وكان عى مذهب مالك في ترجيحاته وتخريجاته ومع ذلك كان مجتهدا في المذهب، وبالمقابل نشطت همته في علوم أخرى بعيدة عن العلوم ال  شرعية، لأنه كان تواقا للبحث والمعرفة والاجتهاد الذي طبع شخصيته.

وقد ورد في ترجمة ال  قرافي عدة امتيازات، ذكر الزركلي جانبا منها في كتابه “الأعلام،” فقال عن الشهاب ما نصه: “وكان مع تب  حره في عدة فنون، من البارعن في عمل التماثيل المتحركة في الآلات الفلكية وغيرها” )الأعام: 1/ 95 (.

وقصد الزركلي من هذا الكلام أن الإمام شهاب الدين كما برع في تخصصه الفقهي والأصولي، امتدت براعته لتلامس علوما أخرى رغم بعد الشقة بينهما، وما يشر إليه المترجم بالخصوص هو ما كان يعرف قديما بعلم الحيل أو ما يعرف حاليا بالميكانيكا، وقد ذكر ال  قرافي بنفسه هذا الأمر في قصة أوردها في مؤلفه “نفائس الأصول” الذي شرح فيه كتاب المح  صول للرازي، وجمع فيه بن طريقتي الشافعية والمالكية في الكتابة الأصولية.

وملخص القصة أن القاضي الفاضل وزير الملك الناصر  صاح الدين  جاءه رجل مدعيا امتاك صنم يتكلم، فلما اطلع عليه وجده مصنوعا من رخام ومغطى برمل إلا رأسه، فطلب منه أن يستنطقه فجعل الرجل أصبعه على فتحة في رأسه وحبس خروج الريح منه حتى يغ  مره، فلما فتحه خرج منه ذلك الريح المنحبس مرددا عبارة ت  قول: “هاتان المدينتان كانتا لشداد وشديد ابني عاد، ماتا وصارا إلى ا  لراب، من ذا الذي يبقى على الحدثان؟”، وكلما أعاد تلك الحيلة عاد الصنم إلى ترداد جملته تلك )نفائس الأصول: 1/ 440 .( والعرة التي يريد القرافي أن يستنتجها من هذه القصة التدليل على أن الكلام أصله الريح الذي هو النفس، فعند ضغطه يحدث صوتا من غر حرف، وكلما قطع ذلك الصوت في مكان مخصوص أحدث حرفا مّا يناسبه، فيصر الصوت عارضا للنفس، والحرف عارضا للصوت، وكل هذا يحتاج إلى صقل واجتهاد وإلا صار باطا كما يقع عند  مرض الأحبال الصوتية أو عند إجهادها.

ولذلك فكما ينتظم الكلام والصوت في الإنسان بإتقان الضغط والإخراج، فإن الأمر يجري على الجماد والصنم إذا تأتّى ضبط مخارجه الصوتية والهوائية، فيحدث صوت منه بفعل هذه الحيلة، وربما الأمر نفسه يقع في الآلات الموسيقية مثل الناي ووسائل النفخ التي تصدر أصوتا وألحانا مخصوصة ومتنوعة بت  نوع مكان الضغط.

وهناك قصة أخرى حكاها القرافي تشبه الأولى وهي أكر تطورا، ومفادها أن الملك الكامل “وضع له شمعدان كلما مضى من الليل ساعة انفتح بابان منه، وخرج منه شخص يقف في خدمة السلطان، فإذا انقضت عشر ساعات طلع شخص على أعى الشمعدان وقال: صبح الله السلطان بالسعادة، فيعلم أن الفجر قد طلع” )نفائس الأصول: 1/ 441 (.

فالاختلاف بن الصورة الأولى والثانية كامن في أن التأثر في الصنم الأول آت مباشرة من يد الصانع أو المالك كل مرة، بينما في الحالة الثانية فقد رتب فيه تلقائيا  مرة واحدة، فقط ينضبط بتحديد الساعات، فعند كل قدر منها يتأتّى منه أمر أو فعل مخصوص ركّب فيه، وهو تطوير جديد في الصناعة اليدوية الميكانيكية، بحيث تتطور الآلة بشكل تستغني فيه إلى حد ما عن الإنسان في تشغيلها، بل إن خدماتها تتطور أيضا وتتعدد كلما أدخلت فيها تقنية جديدة.

وهو المغزى الذي استشفه ال  قرافي وأراد أن يقف عليه بنفسه، وأن يقدم فيه إضافته النوعية بخبرته وحذقه وفضوله أيضا، ول  نرك صاحبنا يتكلم بنفسه عن هذه التجربة حيث ي  قول: “وعملت أنا هذا الشمعدان وزدت فيه أن الشمعة يتغير لونها في كل ساعة، وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد، ثم إلى الح  مرة الشديدة، في كل ساعة لهما لون، فيعرف التنبيه في كل ساعة، وتسقط حصاتان من طائرين، ويدخل شخص، ويخرج شخص  غره، ويغلق باب ويفتح باب، وإذا طلع الفجر طلع شخص على أعلى الشمعدان وإصبعه في أذنه يشر إلى الأذان، غر أني عجزت عن صنع الكلام” )نفائس الأ  صول: 1/ 441 – 442 (.

ففي هذا النص يسرد ال  قرافي مجمل الإضافات التقنية التي أدخلها على آلته، التي أرادها أن تضاهي تلك التي سمع بها في خبر الملك الكامل، بحيث جعل في كل ساعة حركة وإضافة مّا تدل على دخول وقتها وتبدل الزمان حينها، فأضاف الشمعة والأسد اللذان يتغير لونهما كلما دخلت ساعة جديدة، كما جعل حصاتين تسقطان من طائرين عند كل ساعة ثم باب يفتح وآخر يغلق بن ساعة وأخرى، ثم يضيف لمسة أخرى أكر دلالة حيث جعل شخصا يرتفع في قمة الصنم يهم إلى الأذان كلما طلع وقت الفجر واضعا إصبعه في أذنه كما يفعل المؤذنون.

وهذه كلها اختراعات من ابتكار الفقيه ولم يسبق إليها من حيث الف  كرة أولا ثم من حيث التطبيق، ولا يوجد مثيل لهذه الاختراعات المخرع على سننها، فجاءت إذن على محض تخيله وتفننه، فحاز من أجلها  براءة الا  خراع إذ لم يسبق إليها وقد أفلح في إنجازها باقتدار، لكنه فشل في إضافة تقنية واحدة سعى إليها وهي التي اخترعت أول الأمر في المثال الأول والمثال الثاني.

ورغم فشله في إضافة الصوت إلى الآلة التي صنعها ال  قرافي، فإنه استمر في صقل موهبته ومراكمة إبداعاته الميكانيكية، ومن ذلك أنه صنع أيضا “صورة حيوان يمي ويلتفت يمينا وشمالا ويصفر ولا يتكلم” )نفائس الأصول: 1/ 442 (.

وانتهى القرافي في سرد كل هذه القصص والمغامرات إلى قاعدة ذهبية في الكلام وفي حدّه، حيث أبرز اتفاق العقلاء على أن “الأصوات لا تفتقر للحياة، وإذا نطق الجماد بالكلام فهو كلام عند ال  عرب” )نفائس الأصول: 1/ 442 (.

بحوث حثيثة

فلكي يثبت الإمام هنا قضية لغوية مختلفا عليها أقام عليها الحجة ليس في أبواب اللغة أو الفقه أو التفسير، بل دلل عليها في باب التقنية والصناعة التكنولوجية، وقد خرج في هذا عن مسلك أهل التخصص وذهب بعيدا وأتى بحجة خارج المألوف، وهذا يثبت لنا حنكة ال  قرافي ورحابة ف  كره وقدرته على التواصل والحوار، فضا عن موسوعيته و  طول باعه في العلوم والفنون والآداب، وقد عدّ هذا الإجراء والاختبار الذي أن  جزه القرافي سبقا علميا في مجال الروبوتات وصناعتها، ويُخيل أن الإمام أول من طور الروبوت المت  حرك غر الناطق في صورة الشمعدان، فيما سبقه إلى صنعه مبتكر الآلة التي كانت عند الملك الكامل، وأضاف ال  قرافي آلة أخرى تشبه الحيوان الذي يصفر ولا يتكلم ولكنه يتحرك يمنة ويسرة.

جدل الاختراع والنهضة المفقودة لقد أظهر لنا الإمام ال  قرافي صورة عجيبة عن الفقيه المت  مرس في تخصصه العلمي في الفقه والأصول، التواق إلى صقل موهبته في الصناعات التقنية التي تسهم في تذليل الخدمات للإنسان وتزيينها، كما يسهم الفقه في تخليق الحياة الخاصة والعامة.

والغريب أن الفقيه جمع في تجربته موهبتن واحدة نظرية والأخرى تطبيقية، وكان بصدد مناقشة مسألة لغوية وأصولية أشبعها تحليا من داخل التخصصن، ثم انعطف إلى تخصص آخر بعيد عنهما للمزيد من التوضيح والتأكيد فيما انتصر له من رأي في المسألة محل الدرس.

ومن خال هذه المحاولة  ضرب لنا الفقيه كما يقال عصفورين بحجر واحد، فقد رمى تحرير ال  نزاع في مسألة علمية مّا، ثم انتهى إلى مطارحة عملية موازية، فهو بهذا وضع خلاصة ف  كره في مسألة واحدة من زاويتن مختلفتن: علمية وعملية نظرية وتطبيقية، ليثبت لنا التكامل بن العلوم والحاجة إلى تآلفها وتقاطعها لأجل تمتن المعارف وتزكية بعضها ببعض، ودفع التناقض والتعارض بينها فضا عن كسر حاجز الخوف في استدماج العلوم الحقة في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، والتوأمة بن الدين والعلم ورفع الالتباس بينهما.

هذه الواقعة النادرة تفيدنا في معرفة حاجاتنا العلمية والعملية في معارفنا الدينية ومطالبنا الدنيوية، وتدفعنا إلى تكثيف التفكر في مختلف الكوابح النفسية والفكرية التي تعرقل تقدمنا، وتعطينا درسا في الصناعة الذاتية أولا من خال المزاوجة بن التنظر والممارسة، بإرادة المعرفة وتوسيع المدارك وطرح التخصص الواحد، مع الانفتاح على بقية العلوم والفنون واكتساب المهارات اليدوية والتكوين المهني.

ورغم قِدم هذه الواقعة وفرادتها، فما تزال بعض الأرقام تحاصر العقل بدعاوى لا تستند إلى علم سديد ورأي رشيد، تتوهم مخاوف ولا ترى حجم الحاجات التي تتوافد على الحياة اليومية للناس، بما يلقي عليها ضنكا وحرجا شديدا، بينما تتلقف الأمم الأخرى إنجازاتنا وتُطوّرها وتفاجئنا كل  مرة بعجائب لا قبل لنا بها، وقد لاحظ الكثر من الرحالة ال  عرب والمسلمين أث  ناء سفرهم إلى الغرب مقدار التقدم والتطور الحاصل في الع  مران والحضارة والاجتماع هناك، بما أحدث لهم صدمة نفسية وفكرية وهم يدوّنون مشاهداتهم في تلك الأقطار.

وهذه المخاوف أخرت ظهور الصناعات التقنية والتكنولوجية في بلداننا بفعل فتاوى التشكيك والتحريم، فمُنع إصدار الجرائد ومنع تداول الطباعة وتم حظر الهواتف وغر ذلك من المخترعات التي لقيت تهجما من بعض المشايخ، في الوقت الذي كان القرافي يجلس فيه لحل معضلة لغوية وأصولية ويأتي لها بمخارج وحلول من علم الحيل، وهو يتأمل صنمه الذي صنعه وأودع فيه نخب ف  كره وتجربته، دون أن يحس بعقدة فكرية أو مركب نقص، وهو يعلم أحكام الصور والأصنام والمنحوتات في الفقه، كما يعلم أحكام البدع والمستحدثات، لكن عقله الكبر كان نفاذا وذا رؤية مقصدية جعلته يتجاوز هذا التخوف بالتشوف إلى مآلات الأفعال ومقاصدها الكلية، فأصر الحق و  طوع العلم بالعلم وجعل التقنية والميكانيكا في خدمة اللغة والفقه والأصول، فهل من معتر؟

مصادر

القرافي شهاب الدين: نفائس الأصول في شرح المحصول: تحقيق عادل عبدالموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط 1/ 1416 – 1995 .
الزركلي خير الدين، الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين: دار العلم للملايين، بيروت، ط 15 – 2002 .

 

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.