مختصرات الكتب

السبت 2022/01/01

ثقافة الجماهير ومجتمع الطبقات

نعيش في مجتمعات يبدو فيها أن انتشار التعليم وتحول اقتصاد السلع الثقافية ينتج عنهما توحيد معياري للأذواق وأنماط الحياة، في كل مكان من العالم تقريبًا. وفيما تحتفظ الطبقات العليا للخريجين بامتياز الوصول إلى الرصيد الثقافي، فإنها تشارك أيضًا في عالم الثقافة الجماهيرية ووسائل الإعلام. ومع ذلك فإن هذا التحول لا يعني تمامًا إرساء لديمقراطية ثقافية، فنخبوية الاختيارات والممارسات أصبحت تعبيرًا عن الامتياز الثقافي للفئات المنغمسة في مجموعة متنوعة من المؤلفات العلمية والشعبية والمدرسية والمسموعة والمرئية، محلية أم عالمية، فيبدو الانفتاح على التنوع معيارا ناشئا للامتياز الثقافي والمشروعية الأخلاقية والسياسية، يندرج ضمن إعادة تشكيل أكبر للعلاقات الاجتماعية تنطوي على عدم المساواة في الوصول إلى موارد المواجهة مع الآخر. وهذا ما يوضحه كتاب فيليب كولانجون “ثقافة الجماهير والمجتمع الطبقي” الذي يستند فيه إلى أحدث الأبحاث والاستطلاعات المعمّقة.

 

اللاعنف كمخيال سياسي جديد

كتب

أمام العنف، الذي غالبًا ما يتم تقديمه كأكثر أشكال المقاومة راديكالية، تقترح الفيلسوفة الأميركية جوديث بتلر إعادة توليد اللاعنف كأنموذج مثالي، ليس بالمعنى السلبي كتخلّ عن الفعل، بل كمشروع سياسي ينفصل عن العالم. وفي رأيها أن اللاعنف ضروري في عصر كعصرنا، إزاء من يعيدون إنتاج العنف والممارسات الراسخة. ومن خلال استحضار كتابات فرانز فانون وفرويد وفالتر بنيامين وحنّا أرندت وميشيل فوكو، تقترح بتلر تمثل اللاعنف كمخيال سياسي جديد، يؤسس لإيثيقا سياسية تضم مبادئ المساواة ومناهضة الفردانية والتكافل والتضامن والتعامل على قدم المساواة. وقد عُدّ هذا الكتاب الذي ترجم مؤخرا إلى الفرنسية من كلاسيكيات النظرية السياسية المعاصرة، فور صدوره في الولايات المتحدة.

 

الاسترقاق في شتى أوجهه  

“عوالم العبودية” كتاب ضخم ساهم فيه خمسون باحثا من خمسة عشر بلدا، تحت إشراف بولان إيسمار أستاذ التاريخ القديم بجامعة إيكس – مرسيليا، وقد صيغ في شكل موجه إلى عموم القراء، ويتناول تاريخا غير مسبوق للعبودية منذ ما قبل التاريخ إلى يومنا الحاضر. والكتاب مقاربة تاريخ مقارن تنزل ظاهرة الاستعباد في صميم التاريخ المعاصر، وتقودنا من الهند القديمة إلى جزر الأنيتل في القرن الثامن عشر، ومن الصين في عهد أسرة هان إلى البرازيل الكولونيالية، ومن مصر في العصر الوسيط إلى أوغندا المعاصرة. دراسة عميقة لا تبسّط فظاعة العبودية الكولونيالية التي ولدّها الاسترقاق العابر للمحيط الأطلسي، بل تساهم في إضاءتها بالمقارنة. أي أنها تعتمد على المعرفة والتأمل، انطلاقا من كون المعرفة التاريخية تمنح مصادر نقدية لها قدرة على إنارة الأذهان.

 

ما يهدّد الديمقراطيات الغربية اليوم

كتب

النموذج الغربي للرأسمالية الليبرالية، الذي يُعتبر الأكثر توافقًا مع الديمقراطية، بدا منتصرًا عند سقوط الشيوعية، ولكنه اليوم محل طعن من قبل الرأسمالية الاستبدادية والقومية اللتين تسودان اليوم عدة بلدان من الصين إلى البرازيل، مرورا بروسيا وتركيا وبعض بلدان أوروبا الوسطى ذات الأنظمة الشعبوية. وفق أنماط مختلفة، تنزع هذه الرأسمالية القومية الاستبدادية إلى ربط كفاءة اقتصادات السوق بالممارسة الاستبدادية للسلطة، وحتى الدكتاتورية. والأكثر خطورة أن النموذج الغربي – بما خلقته أزمة الكوفيد – يعرض نقاط ضعف اقتصادية واجتماعية وسياسية تجعله يشك في قيمه الخاصة. يتضح هذا من خلال الدعم الشعبي الذي كان دونالد ترامب يتمتع به أو الميول الصينية التي يتوخاها فيكتور أوربان في المجر. في كتاب “القومية الرأسمالية الاستبدادية تهديد للديمقراطية” يحلل الباحثان بيير إيف هينان وأحمد إنسيل المواجهة التي يرتهن إليها مستقبل الديمقراطيات الغربية.

 

أفريقيا.. تلك القارة المنسية

لا تزال أفريقيا تشكو غيابا واضحا في كتب التاريخ. انطلاقا من هذه القناعة، يسعى عدد من الباحثين في كتاب عنوانه “أفريقيا جنوبي الصحراء، قارة حكايات” أشرف عليه المؤرخ وعالم الآثار فرنسوا كزافيي فوفيل، إلى تزويد الجمهور العريض باكتشاف منطقة جنوب الصحراء الكبرى من خلال بانوراما لموضوعات ومنشورات مختلفة يعالجها أهل الذكر، يبدأ باقتفاء أسلاف أثر لوسي قبل سبعة ملايين سنة وآثار العصر الحجري الجديد وآثار سان وبوشمينز، ثم ينتقل إلى عصر الممالك والإمبراطوريات في إثيوبيا والساحل الأفريقي وزيمبابوي والسودان ومالي مستفيدا مما دوّنه الرحالة ابن بطوطة في العصر الوسيط؛ قبل أن يسلط الضوء على الاسترقاق قبل الاستعمار وأثناءه وبعده، وهي فترات ازدهرت فيها تجارة الرقيق، حتى تحرر تلك الشعوب بفضل نضالها ضد المستعمر الأبيض. ويقر المؤلفون أن المادة، على ثرائها، في حاجة إلى استكشاف أعمق وأوسع، لإخراج القارة السمراء إلى دائرة الضوء، كحال بقية القارات.

 

نضال السود الأميركان لم ينته

كتب

بصرف النظر عن السردية المعتادة المركزة أساسا على بعض الأسماء البطولية أمثال مارتن لوثر وروزا بارك ومالكوم إيكس، تصور كارولين رولان ديامون، المتخصصة في تاريخ الحركات الاجتماعية في الولايات المتحدة، في كتابها “أميركا السوداء” نضال الأفارقة الأميركان من أجل المساواة والعدالة والكرامة منذ تحرير العبيد عام 1865 إلى اليوم، مع منح كل الفاعلين والفاعلات المغمورين حقهم في الحضور نظرا لدورهم في هذه السردية التاريخية التي لم تنتهِ. فقد ساد الظن أن انتخاب باراك أوباما يبشر بمولد أميركا ما بعد العنصرية، ولكن جاءت حركة “حياة السود مهمة” لتذكر بأن الميز العنصري لا يزال قائما، وأن عدم المساواة أمام القانون لا تزال دون حل. تذكّر المؤلفة بنضال السود في الجنوب الاسترقاقي السابق ودورهم في إنهائه. لكنها تروي أيضًا “الميز العنصري الأميركي” الذي لا يزال قائما في الشمال والغرب ووقوف الأميركان من أصول أفريقية ضدّه.

 

دور الدولة في أزمة فرنسا الاقتصادية

لعقود من الزمن، كان من المعتاد الجمع بين الليبرالية الاقتصادية والليبرالية السياسية واقتصاد السوق والديمقراطية، لكن تطور الرأسمالية، بين الزيادة المفاجئة في عدم المساواة وسياسات الهوية الجامحة بات يناقض باطراد هذه الرؤية المتفائلة. وخلافًا للاعتقاد السائد، يبدو أن الدولة هي حصة مركزية للنيوليبراليين، لكونها تسمح بإعادة توجيه السياسات العامة لصالح الأكثر ثراء، فبعد أن كانت ذات يوم ضابطًا، أصبحت الآن أداة لإلغاء الضوابط الاقتصادية. هل ستكون بمثابة حصن قمعي نهائي للأوليغارشية في مواجهة الاضطرابات التي تسببت فيها سياساتها؟ في كتاب “النكران الديمقراطي”، يسلط جيل دورّونسورو، أستاذ العلوم السياسية بالسوربون، الضوء على فشل جيله الذي نشأ على فكرة التقدم المقبل، الذي صار اليوم يواجه أزمة متعددة الأوجه، وصارت كل حقول النشاط الإنساني التي كانت تقدم على كونها “عقلانية اقتصادية” هي سبب عدم الاستقرار الحالي.

 

معاداة الأجانب والنظريات العرقية

كتب

في كتاب “الأيديولوجيا والنظريات العرقية، من أزمة ابن رشد إلى التعويض الكبير” يميز الباحث المغربي عبدالكريم بوحوت بين معاداة الأجانب والنظريات العرقية، فالأولى في نظره ترفض الآخر في رد فعلي غريزي، أما الثانية فتخلق علما عرقيا مع ما يتبع من مناهج وتقنيات علمية. ويتساءل لماذا تمت عقلنة النظريات العرقية في أوروبا، ويدرج، إلى جانب العنصريين أمثال موراس وتين، إرنست رينان أبرز رموز الأيديولوجيا التطهيرية التي نظرت للعبقرية السامية والهند أوروبية، ونشرت النظرية العرقية على نطاق واسع بعد أن كانت محصورة في الدوائر العلمية. غير أن الأزمة الرشدية، أي الهجمة السكولاستيكية على الأرسطوطاليسية العربية، شكلت بداية تاريخ الأفكار الرجعية، وما النظريات العرقية الغربية في القرن التاسع عشر إلا امتداد لعملية تطهير المعارف العربية اليونانية عبر قوانين ثلاثة هي قانون الردّة، وقانون الانحطاط، وقانون إحياء ما وقع تطهيره، أي بالعودة إلى ماض مؤسطر، بتطهيره من حاضر متدهور.

 

الثروة والتهرب الجبائي والديمقراطية

كتاب “انتصار الحيف” ألفه عالما اقتصاد أدخلا ثورة على دراسة التفاوت هما إيمانويل سايز وغابريال زوكمان، يبينان فيه أن الأثرياء الأميركان يدفعون لأول مرة في تاريخ بلادهم نسبة ضرائب أقل من كل الفئات الاجتماعية الأخرى. ويحللان الخيارات التي أدت إلى هذا الحيف الجبائي، من الإعفاء التدريجي لأرباح رأس المال إلى تطوير صناعة جديدة في مجال التهرب الجبائي، مرورا بتشابك التنافس الضريبي العالمي. ويشرحان كيف أدارت أميركا ظهرها لتقاليدها في هذا المجال، بعد أن كانت في طليعة النضال من أجل العدالة الجبائية. وفي رأيهما أن أوروبا مدعوة إلى استخلاص الدروس من هذه القضية إذا أرادت أن تجنب نفسها الغوص في مثل ذلك الانحراف الأوليغاركي الذي جاء بدونالد ترامب إلى السلطة. ويقترح المؤلفان في الختام إعادة صياغة الضريبة بطريق براغماتية تراعي المساواة بين سائر الفئات الاجتماعية.

 

أما زال الانتصار العسكري ممكنا؟

في كتاب “دروب النصر” يتساءل غيدز مينيسيان، أستاذ العلوم السياسية بباريس، عن معنى الانتصار في الحرب اليوم، وكيف يمكن تحديد الانتصار عبر التاريخ. لئن كانت فكرة الانتصار العسكري ضمن تأملات الحاضر، فإنها تظل بلا جواب. يقترح الكاتب تأملا في الموضوع، منطلقا من حوار بين أخيل رمز القوة، وأوليس رمز المكر والحيلة، بحضور هكتور الذي يشهد خلافهما حول تعدد معنى النصر منذ العصر الحجري الجديد إلى اليوم. وبعد تقديم شبكة تحاليل، يعود المؤلف إلى العشريات الثلاث الأخيرة التي تعذر على المتحاربين خلالها تحقيق نصر شامل، وخاصة في الحروب التي أباحها مجلس الأمن أو الحرب ضد الإرهاب. ويخلص الكاتب إلى أن الطريق الأمثل هو في ترك أخيل وأوليس واتباع هكتور.

 

الصورة الرقمية كقوة نيوليبرالية

كتب

في كتاب “الصورة الرقمية: قوة نيوليبرالية”، يذكر الباحث الأكاديمي أندري رويي أن صور الأفلام كانت عبارة عن صور ثابتة تجب مشاهدتها، أما الصور الرقمية فهي ديناميكية تتم مشاركتها، فهي تدور في تدفقات مستمرة على شبكات الكواكب: سواء غير المادية أو النشطة، أي أنها قوى في حد ذاتها. وبذلك يغرسون خلسة وباستمرار في نفس كل فرد العقلانية النيوليبرالية ومشتقاتها كالفورية، والتسارع، والسيولة، والدوران، والأفقية، والمشاركة وكليانية الحضور. إن نشر نموذج السوق – حتى في حالة عدم وجود مسألة المال – يكسر الحدود القديمة بين الهنا والهناك، بين الأمة والعالم، الخاص والعام. في أعقاب تيودور أدورنو الذي نظّر للفن كحقيقة اجتماعية، قام المؤلف، وهو من أفضل خبراء تاريخ التصوير الفوتوغرافي والصور، بتطوير نقد عالمي للعمليات الجمالية والتقنية والاقتصادية والسياسية في العمل حاليًا. إنه يوضح كيف فتح التصوير الرقمي حقبة جديدة تتميز بوفرة الصور الشاذة، وظهور قوى جديدة، وصعود اقتصاد جديد من أجل صنع فرد ليبرالي جديد.

 

الفوضى المرتّبة

في أكثر من مكان من العالم، يبدو صعود الشعبوية رقصة جنونية تقلب جميع القواعد وتحولها إلى نقيضها، وتتحول عيوب القادة الشعبويين في نظر أنصارهم إلى خصال، فقلة خبرتهم هي الدليل على أنهم لا ينتمون إلى دائرة النخب الفاسدة، وعدم كفاءتهم هو حفاظ على أصالتهم، والتوترات التي يخلقونها على المستوى الدولي هي تأكيد على استقلاليتهم، والأخبار الكاذبة التي تشوب خطابهم الدعائي إنما هي دليل على حريتهم في التفكير. ولكن المظاهر الجامحة للكرنفال الشعبوي تخفي العمل الشاق الذي قام به عشرات الخبراء والمنظرين والعلماء، وخبراء البيانات الضخمة، الذين لولاهم لما وصل أولئك القادة الشعبويون إلى السلطة. إنهم مهندسو الفوضى، أولئك الذين يرسم جوليانو دا إمبولي بورتريهاتهم في كتابه الجديد. من قصة شركة التسويق عبر الإنترنت الصغيرة التي أصبحت أول حزب إيطالي، مروراً بالفيزيائيين الذين ضمنوا البريكست، وخبراء الاتصال الذين غيروا وجه أوروبا الشرقية، إلى المنظرين اليمينيين الأميركان الذين أوصلوا دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

مقالات ذات صلة

إضافة تعليق جديد

Restricted HTML

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a href hreflang> <em> <strong> <cite> <blockquote cite> <code> <ul type> <ol start type> <li> <dl> <dt> <dd> <h2 id> <h3 id> <h4 id> <h5 id> <h6 id>
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.